ولاؤها لأهل البيت ( عليهم السلام ) :
وروي في سبب نزول قوله تعالى : ( يُوفُونَ بالنَّذرِ وَيَخَافُونَ يَوماً كَانَ شَرُّهُ مُستَطِيراً * وَيُطعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) [ الإنسان : 7 – 8 ] . أن الحسن والحسين ( عليهما السلام ) مَرِضَا ، فعادهما جدُّهُما ( صلى الله عليه وآله ) ، وعادَهُما عامَّة العرب . فقالوا : يا أبا الحسن لو نذرت نذراً . فقال ( عليه السلام ) : إن برئا ممَّا بهما صمتُ لله عزَّ وجلَّ ثلاثة أيام شكراً . وقالت فاطمة كذلك ، وقالت جاريتهما فضة النوبيَّة : إن برأ سيداي صمت لله عزَّ وجلَّ شكراً . فلبس الغلامان العافية ، وليس عند آل محمد ( صلى الله عليه وآله ) قليل ولا كثير . فانطلق علي ( عليه السلام ) إلى شمعون الخيبري ، فاستقرض منه ثلاثة أَصُعٍّ من شعير ، فجاء بهما فوضعها ، فقامت فاطمة ( عليها السلام ) إلى صَاعٍ فطحنتهُ واختبَزَتهُ . وصلَّى علي ( عليه السلام ) مع رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، ثم أتى المنزل فَوُضِعَ الطعام بَين يديه . وفي تلك الحال أتاهم مسكين ، فوقف على الباب فقال : السلام عليكم أهل بيت محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، مسكين من أولاد المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله عزَّ وجلَّ على موائد الجَنَّة . فسمعه علي ( عليه السلام ) فأمرهم بإعطائه الطعام ، ومكثوا يومَهم وليلتهم لم يذوقوا إلا الماء . فلمَّا كان اليوم الثاني قامت فاطمة ( عليها السلام ) إلى الصاع الثاني وخبزته . وصلَّى علي ( عليه السلام ) مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ووُضِعَ الطعام بين يديه ( عليه السلام ) . وفي تلك الحال أتاهم يتيم فوقف بالباب وقال : السلام عليكم أهل بيت محمد
( صلى الله عليه وآله ) ، يتيم بالباب من أولاد المهاجرين ، استُشهِدَ والدي ، أطعموني . فأعطوه الطعام ( عليهم السلام ) فمكثوا يومين ولم يذوقوا إلا الماء . فلما كان اليوم الثالث قامت فاطمة ( عليها السلام ) إلى الصاع الباقي فطحنته واختبزته . وصلَّى علي ( عليه السلام ) مع النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، وُوضع الطعام بين يديه ( عليه السلام ) . وفي تلك الحال أتاهم أسير فوقف بالباب وقال : السلام عليكم أهل بيت النبوة ، تُأسِّرُونَنَا وتشدُّونَنَا ولا تُطعِمُونَنَا ، أطعموني فإني أسير . فأعطوه ( عليهم السلام ) الطعام ، ومكثوا ثلاثة أيام ولياليها لم يذوقوا إلا الماء . فأتاهم الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ورأى ما بهم من الجوع ، فأنزل الله تعالى قوله : ( هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ منَ الدَّهرِ لَمْ يَكُن شَيئاً مَذْكُوراً ) . إلى قوله : ( لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً ) [ الإنسان : 1 – 9 ] .