ولأجل إيقاف القارئ على نماذج من احتاجاجاته نذكر مايلي: دخل أبو قرّة المحدّث على أبي الحسن الرضا(ع) فقال: روينا أن الله قسّم الرؤية والكلام بين نبيّين، فقسّم لموسى (ع) الكلام ولمحمّد (ص) الرؤية. فقال أ بو الحسن(ع): «فمن المبلّغ عن الله إلى الثقلين الجِنّ والإنس: إنّه ((لاتدركه الأبصار))، و((لا يحيطون به علماً))، و ((ليس كمثله شيء))، أليس محمّد(ص)»؟ قال:بلى، يجيىء رجل إلى الخلق جميعاَ فيخبرهم أنه جاء من عند الله وأنه يدعوهم إلى الله، قال(ع):«فكيف بأمر الله؟ فيقول: ((لاتدركه الأبصار))، و((لايحيطون به علماً))، و((ليس كمثله شيء))، ثم يقول:أنا رأيته بعيني وأحطت به علماً، وهو على صورة البشر، أما تستحيون؟! ما قدرت الزنادقة أن ترميه بهذا: أن يكون آتياً عن الله بأمر ثم يأتي بخلافه من وجه آخر». فقال أبو قرة: فإنه يقول: ((ولقد رآه نزلة أخرى)). فقال أبو الحسن(ع): «إن بعد هذه الآية ما يدلّ على ما رأى حيث قال((ماكذب الفؤاد ما رأى)) يقول: ماكذب فؤاد محمّد(ص) ما رأت عيناه ثم أخبر بما رأى، فقال: ((لقد رأى من آيات ربّه الكبرى))، فآيات الله غير الله، وقال: ((لا يحيطون به علماً))، فإذا رأته الأبصار فقد أحاط به العلم ووقعت المعرفة». فقال أبو قرّة: فتكذّب بالرواية؟ فقال أبو الحسن:«إذا كانت الرواية مخالفة للقرآن كذّبتها، وما أجمع المسلمون عليه: إنه لا يحاط به علماً، ولا تدركه الأبصار، وليس كمثله شيء».