وأقبَلَت زُمُرُ الأعداء ترفل والأضْغَان |
تسعر والأحشاء تضطربُ |
وكُلَّما اسْوَدَّ ليل من كتائِبِهِم |
أحاله من سناء الضَّوءِ لا اللهبُ |
وما استطال سَحاب من جُمُوعِهِمُ |
إلا استطار به من لَمعة الرهبُ |
وباسم الثَّغر والأبطالُ عابسةٌ |
كأن جَدَّ المنايا عنده لَعِبُ |
لا يسلب القرن إذ يرديه بزته |
والليثُ هِمَّتُهُ المَسلوب لا السلبُ |
تَلقى الرَّدى في النَّدى طلق العناق كما |
ترى حيوةَ الوَرى محمولُها العطبُ |
حتَّى إذا ضربت بِمِنَى القضى وأَرَى |
إِحدى العجائبِ دهر شأنُهُ العَجَبُ |
كواكبٌ فَقَدتْ شمسَ الضُّحى فَبَدَت |
والمرء يَعجَبُ لو لم يعرف السببُ |
كم حرَّة مثل قرن الشمس قد نَفَثَتْ |
على العُيُون بها الأستار والحُجُبُ |
أبدت أمية منها أوجهاً كرمت |
بالصون يسئل عنها الكور والقتبُ |
مِن كلِّ باكية عبرى وشاكية |
حَسْرَى وزاكية أَسْرَى وتنتحبُ |
وكم كمي بقاني البَردُ مشتملٌ |
وكم أبيّ بماضي الجد يغتصبُ |
وجسمُ بَحرِ نَدىً في التربِ مُنعفر |
رأس بدرِ هدىً في الرمح ينتصبُ |
وحرَّة بعد فقد الصَّون يحملها |
بين المضلين مهزول المطى نقبُ |
فَخِدْرُهَا وجَليلُ القدر مبتذلٌ |
وَرَحلُها وجميل الصَّبرِ منتهبُ |
فكلَّما عايَنَتْ ظَلَّتْ مَدامِعُهَا |
تجري دماءً وظل القلب ينشعبُ |
يا غيث كل الورى إن عمَّ عامهم |
جدب ويا غوثهم إن نابت النُّوَبُ |
فأنت كالشَّمسِ ما للعالمين غِنىً |
عنها ولم تُغنِها من دونك الشُّهُبُ |
تالله ما سيف شِمرٍ نال منك ولا |
يَدا سنان وإن جَلَّ الذي ارتكبوا |
لَولا الأُلَى أغضبوا ربَّ العُلا وأَبَوا |
نَصَّ الوِلا وَلِحَقِّ المرتضى غَصَبُوا |
أصَابَك النَّفرُ المَاضِي بما ابتدعوا |
وما المُسَبِّبُ لو لم تنجح السببُ |
ولا تزالُ خيول الحِقد كامنةً |
حتى إذا وَجَدُوهَا فُرصَةً وَثَبُوا |
فأدركَ الكلُّ ما قد كان يطلبه |
والقصدُ يُدرَكُ لَمَّا يُمكِنُ الطلبُ |
كفٌّ بها أمّكَ الزهراءُ قد ضربوا |
هِيَ التي أختك الحورا بِهَا سَلَبُوا |
وإن نار وغى صَالَيتَ جمرتَها |
أضحت لها كفُّ ذاك البغيُ تحتطبُ |
فَليَبكِ يَومَكَ مَن يَبكيهِ يَوم غَدَوا |
بالطُّهر قَوْداً وبنتُ المصطفى ضَرَبُوا |
تاللهِ ما كربلا لولا السقيفة والإحياء |
تدري وَلولا النَّار مَا الحَطَبُ |
يفنى الزَّمان وفيك الحُزن متصلٌ |
باقٍ على سَرمَدِ الأيام منتصبُ |
لأنَّ رُزؤُكَ في الأحشا كَمَجدِكَ في |
الأحياء لم تُفْنِهِ الأعوامُ والحُقُبُ |