ثم حّببَ الله إليه الخلاء فكان يخلو بغار حراء ـ كهف صغير في أعلى جبل حراء في الشمال الشرقي من مكّة ـ يتحنّث فيه ويتعبّد، إذ ينقطع عن عالم الحس والمادة ويستغرق في التأمل والتعالي نحو عالم الغيب والملكوت والاتجاه الى الله سبحانه وتعالى. وحينما بلغ الاربعين من عمره عام 13 قبل الهجرة (610 م) أتاه جبرئيل في غار حراء فألقى إليه كلمة الوحي، وأبلغه بأنه نبي هذه البشرية والمبعوث إليها. وتفيد الروايات أن أول آيات القرآن الكريم التي قرأها جبرئيل على محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هي : ( إقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الانسان من علق * إقرأ وربك الاكرم * الذي علّم بالقلم * علّم الانسان ما لم يعلم ). وبعد تلقيه ذلك، البيان الالهي، عاد النبي الى أهله، وهو يحمل كلمة الوحي، ومسؤولية حمل الامانة التي كان ينتظر شرف التكليف بها; عاد واضطجع في فراشه وتدثـّر ليمنح نفسه قسطا من الراحة والأسترخاء، ويفكّر ويتأمل فيما كلّف به، فجاءه الوحي ثانية وأمره بالقيام، وترك الفراش والبدىء بالدعوة والانذار، إذ جاء هذا الخطاب في قوله تعالى : ( يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبّر * وثيابك فطهر *…. ) ـ المدثّر / 1 - 4 ـ. فانطلق مستجيباً لامر الله تعالى، مبشّراً بدعوته. وكان أول من دعاه الى سبيل الله وفاتحه زوجته خديجة بنت خويلد، وابن عمّه علي بن أبي طالب (عليه السلام) الذي كان صبياً في العاشرة من عمره، فآمنا به وصدّقاه، فكانت النوات الاولى لبدئ الدعوة الالهية الكبرى. ثم آمن به مملوكه زيد بن حارثة، فقد كان (صلوات الله عليه) يختار أصحابه فرداً فرداً، ولم يوجّه دعوته الى الجميع في تلك المرحلة إلى أن جاء الامر الالهي: ( وأنذر عشيريتك الاقربين ).
 
 

اقسام مميزة

القرآن الكريم
القرآن الكريم
المزيد...
المكتبة الاسلامية
المكتبة الاسلامية
المزيد...
المكتبة الصوتية
المكتبة الصوتية
المزيد...
استفتائات
استفتائات
المزيد...

اوقات الصلاة