السرقة وشروط الحد |
ـــــــــ |

____________
(1) المائدة : 38 .
(2) التهذيب ج10 ص106 .
(3) شرائع الاسلام ج4 ص178 .
قود ولا دية ، وكان دمه هدراً » (1) .

أ ـ الشروط :

1 ـ البلوغ : فلا يحد الصبي حتى لو كرر السرقة لقاعدة : « رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم ....» (3) ، بل يعرزه الحاكم بما يراه ، تأديباً .
2 ـ العقل : فلا يحد المجنون ، حسب القاعدة المذكورة في فقرة « البلوغ » .
3 ـ الاختيار وعدم الاضطرار . فلا يحد لو سرق شيئاً مأكولاً في سنة المجاعة ، لقوله (ع) : ( لا يقطع السارق في عام سنة مجدبة يعني في المأكول دون غيره ) (4) . بمعنى ان « لا تكون الحاجة عذراً الا في سرقة الطعام في عام مجاعة فانه لا قطع حينئذ » (5) .
____________
(1) النهاية للشيخ الطوسي ص721 .
(2) البخاري : كتاب الحدود باب 12 .
(3) سفينة البحار ج1 ص530 .
(4) من لا يحضره الفقيه ج4 ص43 .
(5) ايضاح الفوائد لفخر المحققين ج4 ص519 .
4 ـ ارتفاع الشبه : ومع وجودها لا يقطع السارق لقوله (ع) : ( ادرأوا الحدود بالشبهات ) (1) . ومثال ذلك اذا توهم فرد اخذ المال ظاناً انه ملكه ، ثم تبين انه ملك الغير ، فانه لا يقطع بسبب وجود الشبهة .
5 ـ ان يكون المال المسروق في حرز ، والحرز هو ما تودع فيه الاموال المنافع تقفل كالبيوت والحوانيت ونحوها . وليست هناك حقيقة شرعية له ، بل كل ما يعده العرف حرزاً فهو حرز . فمن سرق قطة ذهبية مثلاً في حانوت مقفل يحد ، وترجع القطعة المسرقة الى صاحبها . اما اذا سرقها من محل عام ، فلا يحد بل يعزره الحاكم بما يراه ، لقوله (ع) : ( لا يقطع الا من نقب بيتا او كسر قفلا ) (2) ، وقوله ايضاً : ( كل مدخل يدخل فيه بغير اذن فسرق منه السارق فلا قطع فيه ) (3) . وعليه ، فانه « لا قطع على من سرق من الجيب او الكم الظاهرين ويقطع لو كانا باطنين » (4) .
6 ـ ان لا يكون السارق اباً ، فلا يقطع الوالد لمال ولده ، لقوله (ص) : ( أنت ومالك لابيك ) (5) . ويقطع الزوج اذا سرق من زوجته ما احرزته دونه ، والزوجة اذا سرقت من زوجها ما احرزه دونها بلا خلاف ولا اشكال . نعم ، لا بأس بسرقة الزوجة مقدار النفقة اذا منعها منها ، فان هنداً قالت للنبي (ص) : ان ابا سفيان رجل شحيح ، لا يعطيني وولدي الا ما أخذته سراً ؟ قال النبي (ص) : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف . ويقطع الولد ان سرق
____________
(1) المقنع للشيخ الصدوق ص147 .
(2) تفسير العياشي ج1 ص319 .
(3) الكافي ج7 ص231 .
(4) ايضاح الفوائد ج4 ص530 .
(5) الكافي ج2 ص26 .
والده .
7 ـ ان تبلغ قيمة المسروق نصاب القطع وهو ربع دينار ذهباً خالصاً مسكوكاً بسكة المعاملة ، لقول الامام (ع) : ( يقطع السارق في ربع دينار ) (1) . و « لا فرق بين الثياب والطعام والفاكهة ... الضابط كل ما يملكه المسلم سواء كان اصله الاباحة او لم يكن » (2) .
ب ـ طرق الاثبات

1 ـ يثبت الحد ( القطع ) والغرم ( رد المال المسروق ) اذا شهد رجلان عدلان بوقوع الانحراف بصورة تفصيلية . بمعنى ان الشهادة يجب ان تكون مفصلة من قبل البينة ، كأن يقول : « بأن فلاناً البالغ العاقل المختار غير المضطر قد هتك حرزاً ، واخذ مالاً بلغ النصاب » ، حتى ترتفع جميع الشبهات التي يدرأ بها الحد .
2 ـ يثبت الحد والغرم ، بالاقرار مرتين من قبل السارق العاقل البالغ المختار . ويثبت الغرم فقط ، بالاقرار مرة واحدة بالسرقة . واذا رجع بعد الاقرار مرتين ، واكذب نفسه ، ثبت الغرم دون الحد ، لقوله (ع) : ( لا يقطع السارق ، حتى يقر بالسرقة مرتين ، فان رجع ضمن السرقة ، ولم يقطع اذا لم يكن شهود ) (3) .
3 ـ يثبت الغرم فقط بشاهد ويمين ، او بشاهد وامرأتين ، لانه من الحقوق

____________
(1) المقنع للشيخ الصدوق 150 .
(2) القواعد للعلامة الحلي نقلاً عن الايضاح ج4 ص521
(3) الكافي ج7 ص219
المالية . اما الحد فلا يثبت الا بشهادة العدلين .
ج ـ طريقة القطع
1 ـ اذا ثبت ما يوجب الحد في السرقة الاولى ، تقطع اصابعه الاربع من اليد اليمنى فقط ، وتترك له الراحة والابهام ، « لخبر محمد بن مسلم عن ابي جعفر : أتي امير المؤمنين (ع) بقوم لصوص قد سرقوا فقطع ايديهم من نصف الكف وترك [ الراحة ] والابهام لم يقطعها » (1) ، ليعتمدوا عليها في العبادات ويغسلوا بهما وجوههم للصلاة .
2 ـ اذا قطع ، ثم سرق مرة أخرى ، تقطع رجله اليسرى من مفصل القدم . بمعنى ان ما تحت قبة القدم تقطع حتى يبقى له النصف منها ومقدار قليل ن محل المسح ، لقول الامام (ع) : ( القطع من وسط الكف ، ولا يقطع الابهام ، واذا قطعت الرجل ترك العقب [ الكاحل ] ، لم يقطع ) (2) .
3 ـ اذا سرق مرة ثالثة ، بعد قطع اليد والرجل ، يحبس مؤبداً حتى يموت . « بلا خلاف اجده في شيء من ذلك نصاً وفتوى . بل يمكن دعوى القطع به من النصوص . وفي بعضها عن ابي جعفر (ع) : ( قضى امير المؤمنين (ع) في السارق اذا سرق قطعت يمينه ، ثم اذا سرق مرة أخرى قطعت رجله اليسرى ، ثم اذا سرق مرة اخرى سجن وتركت رجله اليمنى يمشي عليها ، ويده اليسرى يأكل بها ، واني لا ستحي من الله ان اتركه لا ينتفع بشيء ، ولكن اسجنه حتى يموت في السجن ، وقال : ما قطع رسول الله (ص) من
____________
(1) الجواهر ج41 ص529 .
(2) التهذيب ج10 ص103 .
سارق بعد يده ورجله » (1) .
4 ـ اذا سرق وهو في السجن يقتل ، اجماعاً ونصاً . لقوله (ع) : ( اذا أخذ السارق قطعت يده من وسط الكف ، فان عاد قطعت رجله من وسط القدم ، فان عاد استودع في السجن ، فان سرق في السجن قتل ) (2) .


____________
(1) الجواهر ج4 ص534 .
(2) الكافي ج7 ص233 .
(3) المبسوط ج8 ص38 .
(4) الكاف ج7 ص220 .
(5) مستدرك الوسائل ج3 ص240 .
البينة فليس للأمام ان يعفو ) (1) .


____________
(1) التهذيب ج10 ص129 .
(2) التهذيب ج10 ص151 .

____________
(1) الكافي ج7 ص264 .
الجناية على الحيوان |
ـــــــــ |

1 ـ ما يؤكل لحمه عادة كالانعام الثلاثة ونحوها فمن اتلف منها شيء بالذكاة لزمه دفع ثمن التفاوت بين كون المجنى عليه حياً وبين كونه مذكى ، اي لو كان ثمن بقرة غير مذبوحة اربعين ديناراً ، واخرى مذبوحة ثلاثين ديناراً لزم الجاني دفع عشرة دنانير للمالك ، وهو مبلغ التفاوت . ولو اتلف الحيوان من غير تذكية لزمته قيمة الاتلاف الكلية .
2 ـ ما لا يؤكل لحمه لكن تقع عليه التذكية للاستفادة من جلدها وشعرها ونحوه ، كالدببة والثعالب ، فان اتلفت بالذكاة ضمن الارش ، وكذلك لو جرحها باي شكل من الاشكال ، وان اتلفها بغير ذكاة ضمن قيمتها حين وقوع التلف .
3 ـ ما لا تقع عليه الذكاة ، ككلاب الصيد وفيها دية شرعية مقدرة ، ففي كلب الصيد اربعون درهماً ، وكلب الغنم عشرون درهماً .
____________
(1) التنقيح الرائع ج4 ص521 ، والسرائر ص440 .
الاستنتاج |
ـــــــــ |

اولاً : ان الاقرار باحكام اليد ودلالتها على الملكية ، تضع للمجتع الانساني الحدود العامة لانتقال الملكية ، ودوران المال بين افراد النظام الاجتماعي ، عيناً كان ذلك المال او نقداً ، منقولاً كان او غير منقول . ولولاها لاضطرب النظام الاقتصادي والاجتماعي ، وانعدم البيع والشراء الذي هو الاصل في سد حاجات الناس الاستهلاكية والكمالية . ولذلك فان اقرار الاسلام لهذا الاصل وربطه بالصدق العرفي ، ينسجم مع الطبيعة الفطرية للتعامل الاجتماعي وتنظيم سلوك الافراد .
ثانياً : ان حرمة الغصب تتعدى من مجرد الاثم الى وجوب الرد على الغاصب وضمانه تلف المادة المغصوبة . فالغاصب ، حسب النظرية الاسلامية ، يتحمل مسؤولية كاملة في ارجاع المادة المغصوبة سليمة من كل عيب ، بل يتعين عليه وجود الرد فوراً ودون تأخير . بينما لا يتحقق الضمان ولا الفورية في قانون العقوبات الرأسمالي .
ثالثاً : ان المباشرة او التسبيب او اجتماعهما في تلف المغصوب توجب الضمان باي حال من الاحوال ، باعتبار ان الخطابات الوضعية تشمل الجميع . وعليه فان الطفل والمجنون اذا اتلفا مال الغير ، تعين على وليهما دفع البدل ان كان لهما مالاً . والمسبب لتلف مال الغير يدفع للمالك بدل التالف من المثل والقيمة . والمستولي على مال الغير بغير اذن ونحوه يدخل في عهدته ، وعليه
مسؤولية تلفه اذا تلف . والنتيجة ان وجوب الضمان يحفظ اموال الافراد من الضياع والتلف ، ويصون الثروة الاجتماعية والانسانية من التبذير والهدر .
رابعاً : اذا نما المال وقت الغصب ، فعلى الغاصب ارجاع الاصل من النماء . فاذا اغتصب شجرة ذابلة مثلاً ، فسقاها حتى اينعت ، ثم هزلة مرة اخرى ، تعين على الغاصب ارجاعها الى المالك يانعة ، لأن الصفات تتبع العين عند المالك او عند غيره . ولذلك فان الصفات اذا تخلفت لدى الغاصب تعين عليه الضمان .
خامساً : وجوب تسلط الحاكم الشرعي على مال الغاصب بالقوة لاسترجاع الحق المغصوب ، ويطلق على هذه العملية اسم المقاصة . فاذا كان من جنس ماله تعين الاخذ بمقداره والا جاز الاخذ بمقدار قيمته . واذا تعذر كل ذلك وامكن بيعه ، جاز البيع واخذ مقدار قيمة المال المغصوب ورد الزائد .
سادساً : لابد للسارق من اعادة الشيء المسروق ( الغرم ) ، حيث لا يسقط عنه بحال من الاحوال ، حتى مع اقامة الحد ، وهذا الضمان لا تلتزم به النظرية الرأسمالية ، فاذا صرف السارق المال المسروق في المجتمع الرأسمالي ، فانه يعاقب بالسجن ولا يجبر على رد ما سرقه الى صاحبه .
سابعاً : ان السارق لا يحد الا بتوفر الشروط الشرعية ، وهي البلوغ ، والعقل ، والاختيار ، وارتفاع الشبهة ، وكون المال المسروق في حرز ، وان تبلغ قيمة المسروق نصاب القطع وهو ربع دينار ذهباً . بمعنى ان المضطر الجائع لا يقطع اذا سرق ما يسد رمقه ورمق عائلته . ومع وجود الشبهة لا ينفذ الحد لقاعدة ( ادرأوا الحدود بالشبهات ) . واذا تمت السرقة في مكان عام
غير مقفل لان يقطع ايضاً ، لا القطع مختص بكون المال المسروق موضوع في حرز او نحوه . واذا طلب الفرد المسروق عدم معاقبة السارق بالحد ، يترك السارق لأن عقوبة السرقة تتعلق بالحقوق المالية للناس وليست من حقوق الله .
ثامناً : ان طريق القطع ، المراد منه تأديب المنحرفين وردعهم عن ارتكاب الجريمة ، لا تجعل الفرد معاقاً عن العمل الانتاجي . فالاصل في القطع ، هو الاصابع الاربع فقط من اليد اليمنى للمنحرف ، فتترك له الراحة والابهام . وهذا لا يعتبر تعطيلاً لانتاجية الفرد ، بل ان للفرد الحق بعد توبته الدخول في الحقل الانتاجي الاجتماعي ليكون عضوا نافعاً في مجتمعه الانساني ، علماً بأن عنصر ابداع الانسان في العمل والبناء يعتمد على الابهام وراحة اليد بالاصل . على عكس نظام العقوبات الرأسمالي ، الذي يجعل السجن محور العقوبات ، مما يسبب انخفاضاً في الانتاج واستهلاكاً لموارد وثروات المجتمع .
تاسعاً : ان النظرية الاسلامية تعاقب المجرم المحترف معاقبة صارمة . فتقطع يده اليمنى في السرقة الاولى ، ورجله اليسرى في السرقة الثانية ، ويحبس مؤبداً حتى يموت في السرقة الثالثة . ويقتل اذا سرق وهو في السجن . وهذا دليل على ان الاسلام يهدف من محاربته المجرمين المحترفين ، اجتثاث جذور الانحراف نهائياً من المجتمع الانساني .
3 ـ الجرائم الخلقية |
ـــــــــ |

الزنى وشرط الحد |
ـــــــــ |

____________
(1) الاسراء : 32 .
(2) الفرقان : 68 .
(3) النور : 3 .
(4) النور : 2 .
الاحصان » (1) .
أ ـ شروط الحد :

1 ـ البلوغ والعقل ، للنص النبوي الشريف : ( رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، والنائم حتى يستيقظ ) (2) . ولكن يعزر غير البالغ اذا زنى ، لقوله (ع) عندما سئل عن غلام لم يدرك عشر سنين زنى بامرأة ؟ : ( يجلد الغلام دون الحد ، و تجلد المرأة الحد كاملاً . قيل : فان كانت محصنة : ؟ اجاب (ع) : لا ترجم ، لان الذي نكحها ليس بمدرك ، لو كان مدركاً رجمت ) (3) . اما المجنون فلا حد عليه .
2 ـ ادخال الحشفة ، بدليل النص : ( اذا التقى الختانان ، وجب المهر والعدة والغسل ) (4)
3 ـ العلم . وهو ان يقوم بالانحراف ، هو عالم بالحكم والموضوع . أما اذا كان جاهلا بهما فلا يقام عليه الحد لقاعدة : ( اداروا الحدود بالشبهات ) . فاذا عقد على اخته من الرضاع ، وهو جاهل بالحكم او الموضوع ، يسقط عنه الحد . لقول الامام الصادق (ع) : ( لو ان رجلاً دخل في الاسلام واقربه ، ثم شرب الخمر ، وزنى ، وأكل الربا ، ولم يتبين له شيء من الحلال والحرام لم أقم عليه
____________
(1) شرائع الاسلام ج4 ص149 .
(2) سفينة البحار ج1 ص530 .
(3) علل الشرائع ج2 ص221 .
(4) الكافي ج2 ص114 .
الحد اذا كان جاهلاً ، الا ان تقوم عليه البينة انه قرأ السورة التي فيها الزنى والخمر وأكل الربا ، واذا جهل ذلك اعلمته واخبرته ، فان ركبه بعد ذلك جلدته ، اقمت عليه الحد ) (1) . بل ان كل من يدعي الاشتباه والجهل يقبل منه دون بينة استناداً الى القاعدة السابقة . وعليه ، فان الحد يسقط في كل موضع يتوهم فيه الحل . بمعنى انه « يشترط في تعلق الحد بالزاني والزانية العلم بالتحريم عليه حين الفعل او ما يقوم مقامه من الاجتهاد والتقليد ، بل يمكن تحصيل الاجماع عليه فضلاً عن محكيه ، مضافاً الى الاصل وخبر درء الحد بالشبهة وغير ذلك » (2) .
4 ـ الاختيار . فاذا أكرهت على الزنى سقط عنها الحد باجماع الفقهاء ، لقول الرسول (ص) : ( رفع عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) (3) ، وقول الامام (ع) : ( ليس على المستكرهة حد اذا قالت : انما استكرهت ) (4) وفي احدى الروايات ، ان امرأة جيء بها الى علي أمير المؤمنين (ع) مع رجل كان قد فجر بها ، فقالت : استكرهني والله يا أمير المؤمنين ، فدرأ عنها الحد (5) .
ب : طرق الاثبات :

____________
(1) من لا يحضره الفقيه ج4 ص39 .
(2) الجواهر ج41 ص261 .
(3) الخصال ج2 ص184 .
(4) التهذيب ج10 ص18 .
(5) الكافي ج7 ص196 .