37/07/11


تحمیل

الموضوع: استعراض الروايات المقيّدة لعلاج الخلل بالنسيان

كنّا ولازلنا بصدد استعراض الروايات المقيّدة لعلاج الخلل بالنسيان والتي استند اليها الميرزا النائيني والسيد الخوئي، وان السيد الخوئي قد قرر تقييدها بغير المقصر جاهلاً أو ناسياً.

صحيحة زرارة، عن أحدهما ( عليه السلام ) قال: إن الله تبارك وتعالى فرض الركوع والسجود والقراءة سنة، فمن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة، ومن نسي فلا شئ عليه [1] . فهنا قد ترتب أثر وهو ان القرائة سنّة وهو ان تركها غير العمدي يصح وهذا تصريح بقاعدة لاتنقض السنة الفريضة.

قال (عليه السلام): فمن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة، ومن نسي فلا شئ عليه فهنا قيد العلاج بالنسيان، لكن كما مر بنا حيث انه قد جعل في الرواية ضابطتان فان التعمد يوجب الاعادة.

صحيح محمد بن مسلم ، عن أحدهما (عليهما السلام) مثله إلا أنه قال ومن نسي القراءة فقد تمت صلاته ولا شئ عليه[2] . وقد فسر السيد الخوئي العمد مقابل النسيان هو بعدم العذر وبالعذر فقد رفع اليد عن حرفة اللفظ وهو النسيان بقرينة معاني العمد، بينما الميرزا النائيني جعل المدار هو النسيان وعدم النسيان.

صحيحة اخرى لزرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام) في رجل جهر فيما لا ينبغي الإجهار فيه وأخفى فيما لا ينبغي الإخفاء فيه فقال أي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة فإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو لا يدري فلا شئ عليه وقد تمت صلاته [3] . وهذه الصحيحة تصرح كون المدار على العمد وعدم العمد.

صحيح منصور بن حازم، قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) إني صليت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلها فقال أليس قد أتممت الركوع والسجود ؟ قلت بلى قال: قد تمت صلاتك إذا كان نسيانا[4] . فجعل (عليه السلام) المدار هنا على النسيان.

فهذا الاستدلال يكون مبنيا على ان المدار على مايذكر لاحقاّ في الكلام أو على مايذكر سابقاً في الكلام، وسبق ان قلنا ان هناك جدل بين البلاغيين والاصوليين في كون المدار على أي منهما.

والصحيح اننا نبني على غير مسلك الميرزا النائيني وغير مسلك السيد الخوئي فان هذه الروايات تدل على مسلك مشهور القدماء من ان التفصيل يكون بين العمد ومطلق المعذور وهو غير العامد، فإن العمد يُستعمل بمعاني فتارة العمد يعني غير خاطئ، وتارة العمد يعني غير الناسي، وتارة العمد يعني غير المعذور، فللعمد عدّة معاني يختلف الأمر باعتبارها.

هنا نذكر من القرائن التي ندعيها على ان العمد استعمل هنا بمعنى الخطأ، فان صحيحة زرارة الثالثة فجعل المدار على العمد في قبال الخطأ لانه يشمل النسيان والسهو والغفلة وعدم الجهل وغير ذلك.

ومن القرائن لما ذهبنا اليه هو وجود استعمال العمد في معنى قبال الخطئ وهذا لايبعد ان يكون أكثر شيئ.

وثالثا: ما اسظهره المشهور في الخلل بالطواف والسعي فانه ان ترك الطواف عمدا فحجه باطل، وان نسيهما قضاهما ولاشيئ عليه، ولكن متأخري الأعصار قيدوا إمكان العلاج بالنسيان.

وهذا الاستعمال شايع في قواعد الخلل في الأبواب كما استظهر ذلك المشهور، وان المراد به ليس خصوص النسيان ولاخصوص العذر كما استظهر ذلك الميرزا النائيني والسيد الخوئي إنما المراد به خصوص العمد في قبال الخطأ مع العذر أو من دون عذر وهذا هو الصحيح.

كما ان النسيان يستعمل تمثيلا للخطأ أو تمثيلا للعذر فلايراد بالنسيان نفسه، كما ان النسيان استعمل كثيرا كمثال لعدم الالتفات للجهل أو الغفلة فان المراد به عدم الالتفات وهو استعمال مشهور.