37/07/09


تحمیل

الموضوع: إذا حصل الإخلال بزيادة أو نقصان جهلا بالحكم

مر بنا ان الميرزا النائيني والسيد الخوئي (رحمهما الله) قيّدا قاعدة (لاتعاد) أما بخصوص الناسي كما ذهب اليه الميرزا النائيني، أو الجاهل القاصر فقط كما ذهب اليه السيد الخوئي إستنادا الى الإجماع الذي حكاه السيد الرضي وأقرّه عليه السيد المرتضى (رحمهما الله) من ان الجاهل يلحق بالعامد.

وقد مر بان هذا الالحاق ليس هو ما استظهره العلمان وحتى ما استظهره السيد الرضي من انه في إعادة العمل والفساد الاّ ان جواب السيد المرتضى هو في ان الجاهل المقصر يصح منه العمل وان كان مأثوماً باعتبار ان المقدار من العمل الذي جاء به صحيحا الاّ انه ناقص.

ومن ثم آثار السيد الرضي مع أخيه المرتضى قضية من جهر موضع الاخفات أو العكس أو من اتم موضع القصر أو العكس فالبحث عندهما خصوصا عند السيد المرتضى بلحاظ ان لامنافات بين تصحيح عمل الجاهل وانه ملحق بالعامد من جهة الإثم.

فكون الاجماع القطعي إجماع على الالحاق الوضعي هو أوّل الكلام، والدليل ان المشهور في باب الحج ذهبوا الى ان الجاهل بالطواف والسعي وأحكامهما وماشابه ذلك لايبطل حجه فيصح الحج لكن عليه القضاء ويأثم، فإن أغلب أعمال الحج عند المشهور في صورة الخلل لايوجب بطلان الحج غاية الأمر يأثم للتأخير الاّ الوقوف في مزدلفة آناًما في صورة الاخلال غير العمدي.

فهذا قرينة واضحة تفسر لنا الاجماع المدعى من الحاق الجاهل بالعامد في الإثم وليس في الحكومة فلا صحة لما عوّل عليه العلمان.

الدليل الثالث الذي اعتمد عليه الميرزا النائيني والسيد الخوئي كل منهما حسب مدعاه، ويتشكل هذا الدليل من عدة نقاط ومقدمات تترتب مع بعضها البعض.

فلدينا روايات عديدة دالّة على اعادة من يرتكب الخلل أو الاخلال في الأجزاء والشرائط حتى في أبواب الصلاة، ونسبة هذا اللسان مع لسان (لاتعاد)، قال الميرزا النائيني ان القدر المتيقن (أعد) للجاهل بينما (لاتعاد) القدر المتيقن منها الناسي، وان القدر المتيقن لكل دليل يكون قرينة على كيفية الجمع بين الدليلين المتعارضين فيحمل كل دليل على القدر المتيقن منه.

ويمكن بيان الجمع بتقريب اخر وهو انه لاريب ان من موارد لسان (أعد أو فليعد) قد ذكر الجاهل في جملة من مواردها بينما (لاتعاد) ذكر مورد النسيان فيكون هذا نص في النسيان وتلك نص في الجاهل فيكون كل دليل محمول على نصوصيته.

وأما نصوصية المورد فان الدليل الوارد في مورد فان ظهوره في المورد نص وأما ظهوره في غير المورد فهو ظاهر فيقدم نصوصية كل دليل في مورده.

ويعضد هذا الوجه مايقال من ان قاعدة (لاتعاد) في الأصل في صدد بيان ركنية الخمسة فهو في صدد المستثنى، وأيضا ان الشق الثاني وهو المبطل هو أيضا في صدد بيان الاُمور الخمسة فكثيراً ما القواعد الفقهية لها مفاد تطابقي ومفاد مفهومي وكثيرما يغفل الباحثون عن الوجه الآخر الخفي للقاعدة، فقاعدة التجاوز والفراغ لها منطوق وهو التصحيح ومفهومها ان لم تتجاوز فلابد من الإعادة فلها وجهان وهما النفي والإثبات.

فجملة من القواعد الفقهية حتى الاستصحاب لها وجهان، وبعض الأعلام لايستثمر الوجه الآخر للقواعد وهو محل فائدة.

فإن قاعدة (لاتعاد) تشتمل على صدر وذيل فصدرها تصحيحي وذيلها إبطالي، وجهة اخرى في هذه القاعدة انها في صدد اثبات ركنية الاُمور الخمسة مع ان الذيل مفاده النفي، وهذا الأمر يحتاج الى فراسة فقهية.

وقالوا ان قاعدة (لاتعاد) في الأساس ليست لبيان المستثنى منه بل هي لبيان المستثنى وهو الذيل وأنها بصدد بيان ركنيّة الاُمور الخمسة فاذا كانت (لاتعاد) في هذا الصدد فان اطلاق الصدر لايمكن التعويل عليه لأنه في صدد بيان الصدر بل بصدد بيان قاعدة ثانية.