37/06/11


تحمیل

الموضوع: يجب القضاء دون الكفارة في موارد, المورد التاسع.

لكن يتعين رفع اليد عن هذه الادلة الثلاثة بمجرد دلالة دليل على وجوب القضاء, لأنه_ على فرض تماميته_ يقدم على الاصل وعلى القاعدة الثانوية وعلى اطلاق موثقة عمار, وتقديمه على الاصل واضح وكذلك تقديمه على القاعدة الثانوية لأنها تدل على أن المفطرية مشروطة بالاختيار, حيث لا يدل دليل على وجوب القضاء, ويقدم على اطلاق موثقة عمار لأن الدليل يقيد اطلاقها ويخرج منه ما دل الدليل على وجوب القضاء فيه.

وقد يقال منعتم سابقاً من تقيد اطلاق الجملة الاولى في موثقة عمار فكيف تكون الان قابلة للتقييد بالدليل الدال على وجوب القضاء في محل الكلام( المضمضة العبثية).

ويجاب عن ذلك أن المنع هناك بأعتبار كون الغرض تقييد اطلاق الحكم الذي فهم من الرواية بقرائن ذكرها السائل بعد تمامية الجملة الاولى, وهذا لا يوجب تقييد الحكم الذي صدر من الامام عليه السلام.

أما تقييد الحكم من الامام عليه السلام _بدليل منفصل يدل على وجوب القضاء في المضمضة العبثية_ فلا اشكال فيه.

وقد عرفنا أن الدليل على وجوب القضاء تام بالأولوية العرفية الواضحة بلحاظ صحيحة الحلبي, فلا تصل النوبة إلى التمسك بالأصل أو القاعدة الثانوية أو اطلاق موثقة عمار, ومن هنا يظهر أن الصحيح في هذا الفرع ما ذهب إليه السيد الماتن وجملة من الفقهاء والمحققين من وجوب القضاء.

الفرع الرابع: قوله (وأما لو نسي فابتلعه فلا قضاء عليه أيضا وإن كان أحوط).

كما لو نسي أنه صائم أو نسي وجود الماء في فمه فأبتلعه, والمعروف عدم وجوب القضاء في صورة النسيان والظاهر عدم الفرق بين انواع ادخال الماء في الفم (في مضمضة للوضوء أو للتبرد أو عبثاً) والوجه في ذلك ما دل على عدم المفطرية في صورة استعمال المفطر نسياناً, ويصح التمسك بهذه الادلة بعد وضوح عدم شمول نصوص الباب لهذا الفرع لأنها ظاهرة في دخول الماء صدفه وقهراً لا تعمداً, أما اذا تعمد ادخاله نسياناً أو عصياناً فلا تشمله الادلة.

نعم ذهب المحقق(قد) في المعتبر إلى وجوب القضاء في محل الكلام _ كما هو الحال في الدخول القهري_ وليس له وجه واضح وان كان ما ذكره السيد الماتن من الاحتياط الاستحبابي خروجاً عن مخالفة المحقق (قد) في محله.

الفرع الخامس: قوله (ولا يلحق بالماء غيره على الأقوى وإن كان عبثا).

وغير الماء تارة يكون _كما مثلوا_ خرزة وقد يكون سائلاً كالماء المضاف, وقد ذهب المحقق في الشرائع إلى عدم وجوب القضاء ومفاد كلامه أن هذا الحكم خاص بالماء وتعميمه إلى غير الماء يحتاج إلى دليل خصوصاً إنه على خلاف القاعدة الثانوية فهي مستحكمة لا نرفع اليد عنها الا بدليل, ولا دليل الا نصوص الباب وهي مختصة بالماء, والظاهر أن المحقق في الشرائع لا يفرق بين ما اذا كان غير الماء ادخل لغرض صحيح أو عبثاً وان فرق بينهما في أنه يستوضح المسألة في الاول وذكر قولين في الثاني وذهب إلى القول بعدم وجوب القضاء, وحكي عن العلامة في القواعد بأنه استشكل في الحكم وحكى بعضٌ عن السيد في الانصار والعلامة في القواعد وولد العلامة في الايضاح والشهيد في الدروس القول بوجوب القضاء, لكن هناك تشكيك في هذه النسبة لأن عبارة السيد في الانتصار ولعله الشهيد في الدروس لا توحي إلى ذهابهم إلى الوجوب.

وعلى كل حال لا ينبغي التوقف في أن نصوص الباب قاصرة عن شمول محل الكلام, لا من جهة ما ذكر من انصرافها إلى الماء, بل موردها الماء وهي تصرح به كما في صحيحة حماد أو الحلبي(عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه .......)[1]

ورواية الريان بن الصلت ، عن يونس (قال : الصائم في شهر رمضان يستاك متى شاء ، وإن تمضمض في وقت فريضة فدخل الماء حلقه (فليس عليه شيء ) وقد تم صومه ، وإن تمضمض في غير وقت فريضة فدخل الماء حلقه فعليه الاعادة ، والافضل للصائم أن لا يتمضمض) [2]

وموثقة سماعة ـ( في حديث ـ قال : سألته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه ؟ قال : عليه قضاؤه ، وإن كان في وضوء فلا بأس به)[3]

وموثقة عمار الساباطي (قال : سألت أبا عبد الله ( عليه السلام ) عن الرجل يتمضمض فيدخل في حلقه الماء وهو صائم ؟ قال : ليس عليه شيء إذا لم يتعمد ذلك ، قلت : فان تمضمض الثانية فدخل في حلقه الماء ؟ قال : ليس عليه شيء ، قلت : فان تمضمض الثالثة قال : فقال قد أساء ، ليس عليه شيء ولا قضاء) [4]

فكل روايات الباب تصرح بالماء فيصح القول انها قاصرة عن شمول غير الماء كالماء المضاف أو الاشياء الجامدة كالحمصة أو الخرزة وامثال ذلك, هذا من جهة ومن جهة اخرى أن مقتضى القاعدة الثانوية عدم وجوب القضاء, ولا نرفع اليد عنها الا اذا دل دليل خلافها.

قد يقال بإمكان التعدي بتنقيح المناط وامثاله فنلغي خصوصية المضمضة ونتعدى إلى غيرها ونلغي خصوصية الماء ايضاً ونتعدى إلى غيره من الماء المضاف وغيره.

وتنقيح المناط هو أن يقال إن ملاك الحكم بوجوب القضاء ليس منوطاً بكون المضمضة بالماء بل ليس منوطاً حتى بالمضمضة بل المناط هو دخول ما يحرم على الصائم إلى الجوف مع سبق تعمد ادخاله إلى الفم, لكن هذا الاستنباط من القياس المنهي عنه في الروايات, لعدم معرفة ملاك الحكم وعلته من غير اشارة الروايات إليه, فالصحيح في المقام عدم وجوب القضاء كما ذكر السيد الماتن وان كان الاحتياط في محله.