33/07/18


تحمیل
 الموضوع: إيصال الغبار الغليظ الى الحلق
 كان كلامنا ما ذكر من المفطر السادس وهو ايصال الغبار الغليظ الى الحلق، قال المصنف
 السادس: إيصال الغبار الغليظ الى حلقه بل وغير الغليظ على الأحوط سواء كان من الحلال كغبار الدقيق أو الحرام كغبار التراب ونحوه
 هنا الاقوال ثلاثة
 الاول: ان هذا مفطر ويوجب القضاء والكفارة
 الثاني: ان هذا مفطر وهو يوجب القضاء فقط دون الكفارة
 الثالث: وقد نسب الى الشيخ الصدوق والسيد المرتضى وآخرين وهو ان هذا ليس بمفطر
 نحن نقول هنا توجد رواية المروزي وهي قال سمعته يقول اذا تمضمض الصائم في شهر رمضان أو أستنشق متعمدا أو شم رائحة غليظة أو كنس بيتا فدخل في أنفه أو حلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين فان ذلك مفطر مثل الأكل والشرب والنكاح وهذه رواية صريحة في الافطار
 ولكن الكلام فيها هو في السند فان دلالتها تامة وواضحة إنما الكلام في السند فهذه الرواية مضمرة وان الذي أضمرها هو شخص مجهول
 أما ضعفها بالمروزي فهو إشكال يمكن تجاوزه فان الرواية الضعيفة اذا عمل بها المشهور فهو يجبر ضعف السند وقد قبلنا هذا المبنى في الاصول
 وان كان مبنانا في الاصول هو حجية خبر الثقة لان حجية خبر الثقة كان بملاك الكشف عن الواقع غالبا وان هذا الملاك موجود هنا فان هذه الرواية التي عمل بها المشهور تكون كاشفة عن الواقع بنسبة عالية فالملاك موجود
 اذن الاشكال على الرواية بانها ضعيفة السند هو اشكال واهي نعم يبقى اشكال الاضمار فهو اشكال ثابت ومحكم
 وثالثا قالوا ان هذه الرواية لها معارض وهي رواية موثقة يرويها الشيخ الطوسي الى الصفار والصفار يرويها عن محمد بن عبيد والظاهر انه ثقة والرواية هي لايضر الصائم اذا دخل الغبار الى حلقه وأنفه
 فهل هذه الرواية المعارضة هي حقيقة معارضة للرواية الاولى أو ليست معارضة؟
 هنا قال السيد الخوئي نجمع بين الروايتين بحيث لايكون تعارض فان رواية المروزي وآردة في العمد بقرينة الاستنشاق والمضمضة وكذا الشم والغبار عمديان وقرينة ثانية هو ان فرض الكلام في كنس الدار وهو أمر اختياري لتعمد إدخال الغبار الى الحلق بإثارته وقرينة ثالثة وهو إيجاب الكفارة وهو قرينة على العمد أما موثقة ابن سعيد فهي مطلقة
 السيد الحكيم وصاحب الوسائل جمعا بجمع آخر وهو ان الرواية الاولى تحمل على الغبار الغليظ والرواية الثانية تحمل على الغبار الخفيف
 ونؤيد الجمع الذي قال به السيد الحكيم وصاحب الوسائل لأن الغبار الذي يحصل من كنس البيت غالبا مايكون غليظا اما الموثق فهو مطلق سواء كان الغبار غليظ أو خفيف ومعه فنقيد الرواية التي تقول اذا دخل حلقه غبار فلا بأس به بما اذا كان الغبار خفيف الذي لايمكن التحرز عنه لقاعدة الاطلاق والتقييد
 اما ماذكره السيد الخوئي من حمل الرواية الاولى على العمدية والثانية على غير العمدية فجوابه انه لابد من حمل الرواية على العمدية ولايمكن ان يكون غير عمدي لان غير العمدي هو غير مفطر فلابد من فرضه كثيرا وغليظا
 المهم لابد من تقييد الموثقة التي تقول لابأس به اذا دخل الحلق لابد من تقييده بالغبار بالخفيف
 والذي يؤيد هذا هو ان مفطرية الغبار الغليظ لاخلاف فيها الى زمان المحدث الفيض الكاشاني
 فماذكرناه من ان الاقوال ثلاثة غير تام فانه لايوجد قول بعدم المفطرية من قبل الشيخ الصدوق ولامن قبل السيد المرتضى فان الخلاف نشأ من زمان المحدث الفيض الكاشاني وقبله لاخلاف في المسألة
 وعليه فلماذا ذكر السيد الخوئي وغيره ان المسألة فيها ثلاثة أقوال ومنه قول بعدم المفطرية نسب الى الشيخ الصدوق والى السيد المرتضى
 فنقول ان الشيخ الصدوق والسيد المرتضى والشيخ الطوسي وسلار لم يتعرضوا لهذا الفرع فمن عدم تعرضهم استفيد المنع من الافطار وهذا من الخطأ فان عدم التعرض لايستفاد منه المنع حيث ان عدم التعرض هو أعم من القول بالمفطرية وعدم المفطرية
 اذن فهذا القول بأنه لايوجد قول بعدم المفطرية بالغبار الغليظ الى زمان المحدث الكاشاني فهو يعني الاجماع على المفطرية
 وعلى جمع السيد الخوئي من ان ادخال الغبار في صورة العمد يؤدى الى الافطار فلا فرق عنده بين الغبار الغليظ والخفيف والكثير والقليل كما هو رأي صاحب العروة استنادا الى رواية المروزي
 الاّ اذا كان الغبار خفيفا جدا فانه لايصدق عليه انه غبار قد دخل الحلق لانصراف الموثقة عنه هذا على رأي السيد الخوئي
 ثم خصّ السيد الخوئي الحكم بالغبار الناشئ من الكنس وما هو مثل الكنس مما فيه إثارة حتى يصدق دخول الغبار في أنفه وحلقه ولم يخصه بالغليظ بل يشمل الخفيف اما اذا كانت اثارة الغبار بواسطة الهواء فان الموثقة لاتشملة بل اذا كانت الاثارة بواسطة الهواء فالظاهر عدم البطلان عند السيد الخوئي فانه قال لأن الاثارة اذا كانت بواسطة الهواء فدخول الغبار لايكون عمديا
 ولأنه لو كانت إثارة الغبار بواسطة الهواء مفطرة لتعرضت لها الروايات لشدّة الابتلاء بهذه المسألة من ان الغبار يثار الغبار بواسطة الهواء مع ان الروايات لم تتعرض لذلك
 ففتوى صاحب العروة من تعميم ان الغبار الغليظ مفطر لصورة إثارة الهواء للغبار الذي هو غير اختياري فهو غير صحيح على رأي السيد الخوئي حيث خص الغبار المفطر بالفعل الاختياري
 نحن نقول ان عدم الفرق بين الغبار الذي يثار بالكنس والغبار الذي يثير بالهواء غير صحيح لأن رواية المروزي قالت مفطرية الغبار الذي يحصل من الكنس وهو عمل عمدي اختياري فلا يشمل اثارة الغبار بواسطة الهواء لأنه عمل غير اختياري ومعه فلا عمد في البين
 الى هنا ذكرنا جمعا بين رواية المروزي وبين الموثقة للسيد الخوئي وهو ان المفطر هو دخول الغبار الذي يحصل بالاثارة الاختيارية وما دخل من دون عمد فليس بمفطر
 كما وذكرنا جمع آخر وقد ذكره السيد الحكيم والحر العاملي وهو الفرق بين الغبار الغليظ والغبار الخفيف
 يوجد هنا جمع ثالث بين رواية المروزي والموثقة وهو ان رواية المروزي قالت بالمفطرية بالغبار الذي يحصل من كنس البيت وهو الغبار الغليظ عادة أما موثقة عمرو بن سعيد فهي مطلقة للغبار الغليظ والخفيف
 فهذه الموثقة تكون قرينة على ان رواية المروزي تحمل على الكراهة واستحباب القضاء والكفارة
 لكن هذا الجمع غير صحيح لأن رواية المروزي وعمر بن سعيد اطلاق وتقييد ولانقول ان رواية المروزي تحمل على الكراهة فالحمل على الكراهة في صورة كون الفعل هو فعل واحد ومنهي عنه وروايات اخرى تقول بالجواز
 هذا كله اذا قلنا ان رواية المروزي معتبرة اما برأي السيد الخوئي فباعتباره موجود في كتاب كامل الزيارات واما بالنسبة للمشهور فهو لاجل عمل المشهور بها وقلنا ان عمل المشهور بالرواية الضعيفة يجبرها لأن ملاك الكشف عن الواقع موجود في هذا المورد
 أما الاضمار الموجود في الرواية فلم نتمكن من تجاوزه ولم نتمكن من القول بأن هذا الاضمار ناشئ من تقطيع الرواية لاحتمال ان يكون المضمر شخص غير موثق ولم يسأل من الامام (عليه السلام) بل من شخص آخر
 فالرواية على مبنانا ضعيفة حتى على القول بأن عمل المشهور بالرواية الضعيفة جابر لها لأن هذا الضعف لم يأتي من عدم وثاقة المروزي حتى نقول ان الضعف مجبور بعمل الأصحاب بل الضعف ناشئ من الاضمار
 فما العمل في مفطرية الغبار الغليظ؟
 فلا يوجد دليل لفظي على المفطرية لكن يوجد اجماع على المفطرية ومعه فنرجع الى القاعدة
 القاعدة تقول لدينا هنا أربعة موارد
 الأول: اذا كان الغبار بحد يصدق عليه الأكل لتراب الحنطة الحلال وأكل لتراب الطين الحرام فهنا نقول انه أكل تراب الحنطة وتراب الطين فهو مفطر
 الثاني: ان لايصدق عليه انه أكل ولكن دخل جرم منه بصورة اختيارية الى الحلق فهو لايصدق عليه أكل ولكنه لم يجتنب الطعام
 الثالث: اذا دخل الغبار الى الحلق بصورة غير اختبارية فهذا لايضر بالصوم ولايبطل لانه ليس بصورة اختيارية
 الرابعة: اذا لم يصدق عليه أكل ولاطعام فهو ليس بمفطر لأنه عبارة عن ذرات صغيرة متناثرة في الفضاء يكون دخولها ضروريا لجريان عملية التنفس فهي في الواقع عملية تنفس
 والذي يفيدنا هنا هو الصورة الثانية وهي صورة عدم صدق الأكل لكنه جرم قد دخل الحلق فهو لم يأكل ولكنه لم يجتنب الطعام
 فتقيد الموثقة فيما اذا كان الغبار خفيفا وان كانت مطلقة لكن يقيدها الحكم الذي هو على القاعدة بالاضافة الى ان هذا الحكم لم يخالف فيه أحد الى زمان الفيض الكاشاني مما ينبئ عن وجود ارتكاز عند أصحاب الائمة (عليهم السلام) على مفطرية الغبار الغليظ وهذا الارتكاز يكشف عن رأي الامام (عليه السلام) في ان الغبار الغليظ مفطر وهو على القاعدة
 فالاجماع بالاضافة الى القاعدة هو الدليل على مفطرية الغبار الغليظ وان كانت رواية المروزي لم يثبت أنها من الامام (عليه السلام)