32/10/12


تحمیل

الموضوع: الهندسة الوراثية

 كنّا نتكلم في الهندسة الوراثية وخريطة الجينوم البشري

 وقلنا ان الخلية الجنسية المكونة من حيمن الرجل وبيضة المرأة تحتوي على ستة واربعين كروموزم وهذه فيها جينات متعددة ومنها يصنع البروتين الذي يكون عبارة عن عمل الاعضاء او يوفر عمل الاعضاء، وهذه الجينات يتصرف بها الاطباء

 فتارة يكون هذا التصرف لاجل معرفة الجين الصحيح من الجين المريض منها فيفحصون الجينات التي هي اجزاء الكروموزمات فلو وجدوا جينا مريضا فيصنعون له الدواء

 وتارة يأتون الى هذا الجين المريض فيرفعونه ويجعلون مكانه جينا اخر من خلية جنسية اخرى

 فالهندسة الوراثية هي عبارة عن اللعب والتصرف بهذه الخلية الجنسية المكونة من حيمن الرجل وبيضة المرأة كما تقدم

 وكل ماذكرناه من التفصيلات كان عبارة عن مقدمة للاحكام التكليفية والوضعية لهذا التصرف في الجينات

 كما تقدم انه هناك فحص طبّي قبل الزواج بان يفحص كل من الرجل والمرأة وكونهما خاليان من الامراض الوراثية

 واما الان فيقع الكلام في الحكم التكليفي للتصرف واللعب في الجينات الموجود في الخلية الجنسية وهذا موضوع متحقق في الخارج ويفعله الاطباء

 فما هو حكمه التكليفي الشرعي هل يجوز او لايجوز؟

اما الصورة الاولى: وهي ان يتصرف الاطباء في الخلية الجنينية لمعرفة الامراض الوراثية الموجودة في الجينات لاجل مساعدت الاطباء لوضع برامج وقائية لحماية هذا الجنين ولاجل ابتكار الادوية، ويقولون هذا لدفع الضرر المحتمل قبل وقوعه

 فهنا لايبحث تغيير الجين المريض بجين صحيح بل لمعرفة الامراض فقط

 وهذه مسالة جديدة ومستحدثة لايوجد نص شرعي بخصوصها فانها لم تكن في زمان المعصومين (عليهم السلام)

الجواب: هناك قاعدة تقول (الاصل في الاشياء الاباحة) ولذالك وردت روايات تقول كل شيئ لك حلال حتى تعرف انه حرام بعينه فتدعه وهذا يعبر عنه بان اصل الاشياء على الاباحة

 وهناك من العلماء من يقول ان الاصل في الاشياء الحرمة وعدم الاباحة

 وهذه القاعدة موضوعها غير موضوع اصالة البرائة

 فان اصالة البرائة هو ان نحتمل وجود نص لم يصل الينا بينما هذه القاعدة موضوعها عدم وجود بيان ونص في الواقع فلانحتمل وجود البيان فهنا تاتي اصالة الحلية

 فمورد البرائة عدم وجود نص في متناول يد المجتهد مع الشك في صدوره

 واما مورد اصالة الاباحة فهو القطع بعدم صدور نص وبيان من الشارع المقدس

 وموردنا من هذا القبيل فاننا نقطع هنا بعدم وجود نص في المسالة فيكون الامر مباحا وهذا يغاير اصالة البرائة

 ثم انه قد نتمسك باصالة البرائة بان نقول نشك بصدور نص لم يصل الى يد المجتهد مع الفحص ومع هذا الاحتمال فنطبق اصالة البرائة وهي اصل عملي عند الشك بصدور النص

فجواز اللعب والتصرف في الجينات لدليلين

الاول: الامارة وهو اصل الاشياء على الاباحة لانه لايوجد هنا بيان على الحرمة قطعا

الثاني: نحتمل صدور بيان من الشارع لم يصل الى يد المجتهد حتى بعد الفحص فنجري البرائة العقلية والشرعية

 وقد يعبر عن هذين الدليلن الذين احدهما امارة والاخر اصل عملي قد يعبر عنهما بان الامر المتيقن هو ان الانسان قد خلق خاليا من الالتزامات من حق الاخرين فلاتشتغل ذمته بواجب او حرام الاّ بدليل واضح وهذا يعني ان ذمة الانسان للامور المالية وعهدته بالنسبة الى العبادات خالية من الحقوق والواجبات والالتزامات وجسده خالي من استحقاق القصاص

 وبعبارة اكمل ان ذمته المالية وعهدته في العبادات بريئة من التكاليف الشرعية قبل الشرع وبعده عند عدم الدليل الشرعي فيلجأ المجتهد الى هذا الاصل عند عدم الادلة الشرعية

 وهذا الكلام شامل لصورة القطع بعدم الدليل على الحرمة وهو الامارة او احتملنا تكليفا ولم يصل الينا وهو الاصل العملي

 فيجوز فحص الجينات لمعرفة المريض منها لاجل العلاج

الصورة الثانية: ان قاعدة حلية كل شيئ وكذا جريان البرائة متوقف على عدم وجود نص شرعي يحرم الدخول في التصرف في الجينات

 فاصالة الاباحة واصالة البرائة التي استدللنا بهما على حلية التصرف في الجينات لمعرف المريض لكشف الدواء او الوقاية انما تكون صحيحة اذا لم يكن هناك نص يحرم الدخول لمعرفة الجين المريض

 ولكن لدينا دليل ونص على حرمة الدخول لمعرفة الجين المريض وذالك لان المعرفة متوقف على كشف العورة وهو امر محرم

والجواب: ان الصحيح هو ان هذا امر جائز فان الحاجة للزوجين لمعرف الجين المريض لكليهما لو كانت حاجة عقلائية لاجل انجاب جنين يفترض فيه كمال الصحة والوقاية من الامراض المحتملة فان هذه الحاجة تجّوز النظر الى العورة بالنسبة للماثل كما في الولادة فنظر المماثل هنا لا اشكال فيه باعتبار ان حرمة النظر هي حرمة احترامية ومع الحاجة العقلائية فالنظر لايخالف الاحترام

 هذا اذا لم يكن نفس الزوج هو الذي ياخذ الحيمن من زوجته ومعه فلا اشكال في المسألة

الصورة الثالثة: وردت النصوص الشرعية لمشروعية التداوي اذ لايخرج هذا الامر عن كونه تداوي لمنشأ الانسان وهو حيمن الرجل وبيضة المرأة

 فهذا يدخل في تداوي الجنين من الامراض الوقائية وفيه مصلحة يقينية او مضنونة، فدخول هذا العمل في التداوي مشروع وجائز بالنصوص عن المعصومين (عليهم السلام)

 فالتداوي امر مشروع بلا كلام

 وقد انتهينا من هذا الفرع وهو فحص الخلية الجنسية لمعرفة الجينات المريضة لاجل وضع البرامج الوقائية لحماية هذا الجين او لاجل ابتكار الدواء له

فهو جائز بادلة ثلاثة

الاول: قاعدة اصالة الاباحة في قبال اصال الحضر التي هي دليل شرعي وليس اصلا عمليا وموضوعها القطع بعدم وجود نهي عن هذا العمل

الثاني: تداوي منشأ الانسان فان منشأ الانسان هو البيضة والحيمن، فكما في تداوي الانسان لا اشكال فكذا في منشأ الانسان لا اشكال في التداوي

الثالث: الاصل العملي فلو احتملنا صدور نص بالحرمة لم يصل الى يد المجتهد مع الفحص فنجري اصالة البرائة العقلية والشرعية فالعمل هنا ليس بمحرم

 وكشف العورة لايمنع باعتبار ان الكشف بدون شهوة لامانع منه لانه امر احترامي، ويزول هذا الحكم مع ثبوت الاحترام وهو للتداوي

 بقي عندنا المسألة الثانية وهي أهم من هذه المسالة وهي اللعب في الجينات لازالة الجين المريض خارجا والاتيان بجين اخر سالم ووضعه مكان هذا الجين المريض

 فهل هذا العمل هو امر حرام ام لا؟

 فقد يقال انه يوجب تضييع الانساب حيث ان هذا الجنين قد يكون منتسب الى ماء هذا الرجل وهذه المرأة وماء شخص ثالث ورابع قد اخذت منه الجينات الصحيحة

 كما لو ازلنا خمسة جينات مريضة من المرأة و جئنا بخمسة جينات صحيحة من بويضة امرأة اخرى ووضعناها في البيضة، وكذا بالنسبة لحمين الرجل قد ازلنا منه خمسة جينات مريضة وجئنا بخمسة من حيمن رجل اخر ووضعناها مكانها فهذا المني والبيضة ليس من رجل واحد وامراة واحدة

 فهل هذا العمل جائز ام لا؟