35/06/16


تحمیل
الموضوع:أقسام الصوم
قلنا ان صوم يوم عاشوراء فيه ثلاثة أقوال:
القول الأول: لصاحب العروة تبعا لغيره من الأصحاب وهو كراهة صوم يوم عاشواء
القول الثاني: وقد ذهب اليه صاحب الشرايع والسيد الخوئي وهو استحباب صوم يوم عاشوراء، لكن صاحب الشرايع قيده بانه لابد ان يكون على وحه الحزن على سيد الشهداء (عليه السلام) لكن صاحب الجواهر يقول ان روايات صيام يوم عاشوراء مطلقة فمن أين جاء هذا التقييد، وهذا التقييد تبعا للشيخ الطوسي حيث ان الروايات مختلفة بين صومه وعدم صومه، وقال صاحب المستند لاشيء من التقييد ولاشاهد على هذا الجمع فانه جمع تبرعي
القول الثالث: ذهب اليه صاحب المستند وهو التحريم فان روايات الحرمة مانعة وروايات الجواز قابلة للتقييد، ونحن نؤيد هذا القول الثالث لأنه سوف يأتي بيان الاشكاليات على الروايات
السيد الخوئي قال بان روايات المنع اربعة واحدة منها لها اربع اسانيد لكن كلها فيها الحسين أو الحسن الهاشمي وهذا الشخص ضعيف فهذه الرواية تسقط
عن الحسين بن علي الهاشمي، عن محمد بن الحسين عن محمد بن سنان، (عن أبان، عن عبد الملك) قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن صوم تاسوعاء وعاشوراء من شهر المحرم؟ فقال: تاسوعاء يوم حوصر فيه الحسين (عليه السلام) وأصحابه رضي الله عنهم بكربلاء، واجتمع عليه خيل أهل الشام، وأناخوا عليه وفرح ابن مرجانة وعمر بن سعد بنوافل الخيل وكثرتها، واستضعفوا فيه الحسين (عليه السلام) وأصحابه كرم الله وجوههم، وأيقنوا أن لا يأتي الحسين عليه السلام ناصر، ولا يمده أهل العراق، بأبي المستضعف الغريب، ثم قال: وأما يوم عاشوراء فيوم أصيب فيه الحسين (عليه السلام) صريعا بين أصحابه، وأصحابه صرعى حوله، أفصوم يكون في ذلك اليوم ؟ ! كلا ورب البيت الحرام، ما هو يوم صوم، وما هو إلا يوم حزن ومصيبة دخلت على أهل السماء وأهل الأرض وجميع المؤمنين، ويوم فرح وسرور لابن مرجانة وآل زياد وأهل الشام، غضب الله عليهم وعلى ذرياتهم، وذلك يوم بكت عليه جميع بقاع الأرض خلا بقعة الشام، فمن صام أو تبرك به حشره الله مع آل زياد ممسوخ القلب مسخوط عليه، ومن ادخر إلى منزله فيه ذخيرة أعقبه الله تعالى نفاقا في قلبه إلى يوم يلقاه، وانتزع البركة عنه وعن أهل بيته وولده، وشاركه الشيطان في جميع ذلك [1]والحديث الثالث ايضا عن الهاشميي عن الامام الرضا (عليه السلام) وكذا الحديث الرابع والخامس ففيها الهاشمي أيضا ينهى عن صوم عاشوراء لأنه سنة ال زياد
فيقول السيد الخوئي ان هذه الرواية ضعيفة لأن الهاشمي لم يوثق ولم يذكر بمدح وان مفاد هذه الروايات المنع عن الصوم كما يفعله المخالفون وهو الفرح والسرور فذكرت الرواية ان من صامه فرحا كان حظه من صيامه حظ ابن مرجانة وال زياد وهو النار فتنهى عن الصوم فرحا ونحن لانصومه فرحا بل نصومه كبقية الايام فروايات الممنع لاتشمل هذه الصورة وفي المقابل تاتي روايات الاستحباب
ورواية زرارة، عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: لا تصم في يوم عاشوراء ولا عرفة بمكة ولا في المدينة ولا في وطنك ولا في مصر من الأمصار[2] فهذه تنهى عن صوم يوم عاشوراء فتدل على الحرمة
السيد الخوئي يقول ان هذه الرواية ضعيفة السند بوجود نوح بن شعيب وياسين الضرير، مع ان سياقها غير تام فان صوم يوم عرفة غير محرم مع ان هذه الواية تنهى عنه، نعم صوم يوم عرفة مكروه لمن يضعفه عن الدعاء فيمكن ان يكون عاشواء أيضا مكروه لمن يضعف عن اقاهة العزاء
ورواية الحسين بن أبي غندر، عن أبيه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن صوم يوم عرفة ؟ فقال: عيد من أعياد المسلمين ويوم دعاء ومسألة، قلت: فصوم يوم عاشوراء؟ قال: ذاك يوم قتل فيه الحسين (عليه السلام)، فان كنت شامتا فصم، ثم قال: إن آل أمية نذروا نذرا إن قتل الحسين (عليه السلام) أن يتخذوا ذلك اليوم عيدا لهم يصومون فيه شكرا، ويفرحون أولادهم، فصارت في آل أبي سفيان سنة إلى اليوم، فلذلك يصومونه ويدخلون على أهاليهم وعيالاتهم الفرح ذلك اليوم، ثم قال: إن الصوم لا يكون للمصيبة، ولا يكون إلا شكرا للسلامة، وإن الحسين (عليه السلام) أصيب يوم عاشوراء إن كنت فيمن أصيب به فلا تصم، وإن كنت شامتا ممن سره سلامة بني أمية فصم شكرا لله تعالى [3] وهذه أيضا تدل على الحرمة
يقول السيد الخوئي وضعف هذه الرواية واضح لاشتمالها على عدة مجاهيل، وبهذا قد ضعف السيد الخوئي كل الروايات التي تدل على الحرمة وقال ان الروايات التي تدل على الاستحباب والتي سوف تأتي تبقى حجة لكونها صحيحة فيكون الصوم مستحبا
نعم توجد رواية واحدة وهي صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم عن زرارة بن أعين ومحمد بن مسلم جميعا، أنهما سألا أبا جعفر الباقر (عليه السلام) عن صوم يوم عاشوراء، فقال: كان صومه قبل شهر رمضان، فلما نزل شهر رمضان ترك[4] فقال السيد الخوئي ان هذه الرواية صحيحة السند لكنها لاتشتمل على النهي
وأما الأدلة على الاستحباب فهي كثيرة كما يقول السيد الخوئي
منها: صحيحة عبد الله بن ميمون القداح، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام) قال: صيام يوم عاشوراء كفارة سنة [5]
ومنها: موثقة مسعدة بن صدقة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أبيه، أن عليا (عليه السلام) قال: صوموا العاشوراء التاسع والعاشر، فإنه يكفر ذنوب سنة [6] وكذا روايات اخرى
فالسيد الخوئي يقول ان الأقوى هو استحباب الصوم في هذا اليوم من حيث هو باعتبار صحة النصوص عن المعارض، ويقول ان صوم هذا اليوم مساعد للاعتبار فانه يوم مواساة أهل البيت (عليهم السلام) فان صاحب المصاب يمتنع عن الأكل والشرب عادة، ويقول السيد الخوئي ان صوم هذا اليوم فرحا وسرورا كما يفعله ال امية محرم ولايجوز وان فاعله على هذا النحو كافر مع التفاته للملازمة لأن محبة أهل البيت (عليهم السلام) ضرورة قرانية
نقول للسيد الخوئي ان الروايات التي تحرم الصوم قلت بأنها ضعيفة والروايات التي تقول بالاستحباب قلت بأنها روايات قوية وعليه فقلت بالاستحباب ولكن هنا توجد رواية يمكن ان تكون شاهد جمع بين الروايات المتعارضة فتفسر الروايات الناهية وتفسر الروايات الداعية الى الصوم وقد رواها الشيخ الطوسي في كتاب المصباح عن عبد الله بن سنان فتقول ان الصوم المستحب في يوم عاشوراء هو الصوم اللغوي وليس الصوم الشرعي، وهي:
محمد بن الحسن في (المصباح) عن عبد الله بن سنان قال: دخلت على أبي عبد الله (عليه السلام) يوم عاشوراء ودموعه تنحدر على عينيه كاللؤلؤ المتساقط، فقلت: مم بكائك؟ فقال: أفي غفلة أنت؟ ! أما علمت أن الحسين (عليه السلام) أصيب في مثل هذا اليوم؟ فقلت: ما قولك في صومه ؟ فقال لي: صمه من غير تبيت، وأفطره من غير تشميت، ولا تجعله يوم صوم كملا، وليكن إفطارك بعد صلاة العصر بساعة على شربة من ماء، فإنه في مثل ذلك الوقت من ذلك اليوم تجلت الهيجاء عن آل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). . . [7] فصوم يوم عاشوراء هو صوم لغوي وليس شرعيا
يقول السيد الخوئي ان طريق الشيخ الطوسي الى عبد الله بن سنان فيما يرويه في كتاب المصباح هو طريق ضعيف وعليه فتكون هذه الرواية ضعيفة
ولكن الشيخ في مشيخة التهذيب والاستبصار يبين ان مايرويه عن عبد الله بن سنان هو بسند صحيح، وقال في الفهرست: ان هذا طريقي الى أصحاب الكتب فطريقه الى عبد الله بن سنان صحيح فلا يصح القول بأنه خبر مرسل كما يقوله السيد الخوئي
هنا يقول السيد الخوئي ان هذه الرواية قد اخذها الشيخ الطوسي من شخص عبد الله بن سنان ولم يأخذها من كتابه لأن الرواية لو كانت مذكورة في كتاب عبد الله بن سنان فلماذا لم يذكرها في التهذيب والاستبصار مع انه قد نقل الروايات الاخرى فيظهر انه لم ينقلها عن الكتاب بل نقلها عن شخصه
نحن نقول في مناقشة السيد الخوئي ان الظاهر قد أخذ هذه الرواية من كتاب المصباح لأنه لم يذكر شخص قبله فالظاهر انه قد أخذها من كتابه وعدم ذكرها في التهذيبين هو من الاشكالات التي يمكن تسجيلها على الشيخ الطوسي، ومعه فهذه الرواية تكون شاهد جمع على ان الصوم يكون بهذه الطريقة وهو الصوم اللغوي
ثم نقول ان هذه الروايات الصحيحة كلها مختلقة وباطلة وسنأتي بقرائن على كون الروايات هذه باطلة ومختلقة