37/05/06


تحمیل
الموضوع:لايتصدى للإمامة من يعرف نفسه بعدم العدالة
مر بنا ان بحث تراكم الظنون من جهة منهجية ليس خاصا بهذه المسألة، وان تراكم الأدلة المعتبرة مع المعتبرة تختلف مالو انفردت المعتبرة ببعضها فان درجة اعتبارها يكون أكثر، وهكذا تراكم الادلة المعتبرة مع غير المعتبرة يختلف عن قوة اعتبار الأدلة المعتبرة لو انفردت.
ومن ثم اختلف منهج مشهور القدماء وهو احد القولين عند المتاخرين عن مسلك السيد الخوئي أو الاردبيلي أو صاحب المدارك أو صاحب المعالم من التراكم لايأخذ به السيد الخوئي في القرائن وان كانت القرائن كل منها منفردة ليست معتبرة.
فإن غير المعتبر لاينتج شيئ هي مقولة بعيدة عن الواقع لأن التراكم والانضمام والمجموع هو هئية اخرى تكوينا تكون موضوع آخر فهو معتبر بهذا القالب الآخر، نذكر هنا بعض الأدلة:
معتبرة أبو علي ابن راشد قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) إمواليك قد اختلفوا فاصلي خلفهم جميعا فقال (قال): لا تصل إلاّ خلف من تثق بدينه[1] وان الوثوق هو أعلى من الظن ولم يحدد (عليه السلام) منشأ الوثوق بل أطلق (عليه السلام).
ومرّ بنا ان تراكم الظنون هو حصول الظن الشخصي بمعنى ان التقارن بين هذه المجموعة من الظنون ليس من الضرورة ان يتكرر في كل مورد، والنوعي بمعنى المجموع.
وان تقارن هذه المجموعة من الظنون هو أمر موردي لكن المقدار معين ومنضبط، فإن التقارن شخصي وموردي وخاص فيعبر عنه شخصي بهذا اللحاظ لكنه يوزن بميزان نوعي، فمن ثم حجية الوثوق والتراكم هي حجية نوعية عقلائية أي بملاحظة الميزان والهيئة.
موثق يونس بن يعقوب قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الصلاة خلف من ارتضي به أقرأ خلفه؟ قال: من رضيت به فلا تقرأ خلفه [2]فلم يحدد المنشئ للرضى فدرجة الظن بهذا المقدار يعتترف بها العقلاء.
صحيحة قتيبة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كنت خلف إمام ترتضي به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلم تسمع قراءته فاقرأ أنت لنفسك، وإن كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ[3]. قتداء يكون بالرضى ولم يقيد حتى بالوثاقة.
لذا فإن الأشهر ان لم نقول هو المشهور بنوا على ان في امام الجماعة يكفي مطلق الظن بالوثاقة من كونه أهل الصلاح، فلا يوجد تعقيد في امامة الجماعة بل ان أدنى الظن في كون الامام ظاهره الصلاح يكفي في الاقتداء خلفه.
مسألة16: الأحوط أن لا يتصدى للإمامة من يعرف نفسه بعدم العدالة وإن كان الأقوى جوازه[4]
الاحتياط الذي ذكره المصنف (قده) هنا هو احتياط استحبابي، وبعض محشي العروة قالوا بالاحتياط اللزومي، بينما الكثير أو الأكثر قالوا بالجواز لكنه رغم قولهم بالجواز في الجانب التكليفي لكنهم في الجانب الوضعي قالوا ان شرطية العدالة هو شرط واقعي في تحقق صلاة الجماعة والاّ فان صلاة الجماعة هذه ليست صلاة واقعية، وان البحث في هذه المسألة لابد من تحريره من جهتين وهما الجهة التكليفية والجهة الوضعية.
وقبل هذا نقول انه على كلا القولين من كون العدالة هي شرط واقعي في الصحة الوضعية في صلاة الجماعة أم لا، الاّ انه لو لم تكن العدالة متوفرة ولم تتحق صلاة الجماعة واقعا إنما يقرر عدم تحقق صلاة الجماعة واقعا بلحاظ الجماعة الحقيقية امام الجماعة الصورية وهي صرف مجرد المتابعة فانها تتحقق على كل حال ولها آثارها من الثواب وغير ذلك.
وان الجماعة الصورية وهي المتابعة لانتوهم انها ليست ذات اثار وابعاد وضعية وتكليفية، بل ان المتابعة الصورية ذات اثار وضعية وتكليفية وغير ذلك من الثواب، فان امام الجماعة حتى لو لم يكن عادلاً واقعاً الاّ ان نفس المتابعة مطلوبة بمعنى ان امام الجماعة لو لم يكن عادلاً فيجوز متابعته في الجماعة وفي المتابعة ثواب، فلا كلام في تحقق الثواب في المتابعة الصورية بخصوص العنوان الأولي.
رواية من كتاب أبي عبد الله السياري صاحب موسى والرضا (عليهما السلام) قال: قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام): قوم من مواليك يجتمعون فتحضر الصلاة فيقدم بعضهم فيصلى بهم جماعة، فقال: إن كان الذي يؤم بهم ليس بينه وبين الله طلبة فليفعل[5]وهل هذا نهي تحريمي أو كراهتي؟ ولكنه جواز للرجحان.
صحيح زرارة أنه قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): رجل دخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة، وأحدث إمامهم فأخذ بيد ذلك الرجل فقدمه فصلى بهم أتجزيهم صلاتهم بصلاته وهو لا ينويها صلاة ؟ فقال: لا ينبغي للرجل أن يدخل مع قوم في صلاتهم وهو لا ينويها صلاة بل ينبغي له أن ينويها وإن كان قد صلى، فان له صلاة أخرى، وإلاّ فلا يدخل معهم، وقد تجزي عن القوم صلاتهم وإن لم ينوها [6] فالكلام في صحة أصل الصلاة، وماذا عن الجماعة.
فالرواية في ان أصل طبيعة الصلاة لم تبطل وان ترك القرائة عن غفلة لاتوجب بطلان الصلاة، لذا فان من استدل ان التقدم لامامة الجماعة مع كون الامام غير عادل يوجب فساد المأمومين كلامه مخالف للقاعدة فانه على القاعدة لا يفسد.
وان البعض قال هذا تسبيب الحرام من جهة ان بعض المأمومين قد يقوم بزيادة الركوع أو سجدتين للمتابعة فيكون امام الجماعة هو المسبب للحرام، لكن الجواب ان هذه الموارد نادرة عند المأمومين، فالصحيح انه من جهة تكليفية لادليل على التحريم.
وقد استدل البعض على الجواز بادلة واردة في مسألة سابقة وهي ان امام الجماعة اذا علم بالخلل في صلاته فلا يجب عليه اعلام المأمومين ببطلان صلاته، وهذا يكون دليلا على انه لاخلل في صلاة المامومين من الجهة الوضعية.
لكن الصحيح ان هذه حيثية اخرى لاصلة لها بما نحن فيه فان مانحن فيه ان يكون الامام متعمدا وهو عالم من الأول بانه غير واجد للشرائط.
ثم انه من الجهة الوضعية هل يشترط في الجماعة العدالة الواقعية؟ نقول طبعا يشترط في امام الجماعة العدالة وهي شرط واقعي وليست شرط صوري، ولايوجب الاشكال تكليفا لم لم يكن واجدا له.