37/04/21


تحمیل
الموضوع:إمامة المحدود بالحد الشرعي بعد التوبة
ما زلنا في هذه المسألة وتقدم ان مرّ بنا بأن الهجرة والأعرابية المراد بها هنا ليس من سكن البادية من حيثيه، وان سكون البادية هو مثال ومصادق يذكر باعتبار ان العيش في البادية يصعب فيها التواصل مع منابع الدين واقامة مراسم الدين، ومرّ بنا ان في زيارة أهل البيت (عليهم السلام) ان الهجرة لم يغفل عنها ولم يسد بابها، وان المكلف مطالب بالهجرة من مرتبة الى مرتبة اخرى.
فالتعرب قد يكون من الورع الى العدالة العادية أي من الأعلى الى الأدون فإن التعرّب والهجرة هما حالات وطبقات ودرجات فيها من الكرر والفر والصعود والنزول، ومعروف ان من سلك هذا الطريق وهو طريق العلوم الدينية وتركها بعد ذلك فانه يعبر عنه بأنه متعرب وهو التعرب النسبي، وان من كانت لديه ارتباطات معنوية ودينية وارتباطات خاصة مع أهل البيت (عليهم السلام) ثم صار بحالة خمول وفتور من هذه الناحية فانه ممن تعرب، وغير ذلك.
فان التعرب بعد الهجرة كما قاله الكثير من الأعلام هنا في المقام هو هذا المطلب وهو ليس البادية حصرا وان كانت هي مرادة لكنها كمثال.
ثم انه كان المراد بالتعرب يخل بالعدالة فهذا الأمر يرجع للعدالة ويكون أمرا محرما فلابد من مراعاة الدرجات الكمالية والبدنية التكاملية والتالقية فهي درجات وليست درجة واحدة.
ولايبعد ان يكون المراد من مصحح محمد بن مسلم المتقدم والتي توقفنا عندها من ان الأعرابي حتى يهاجر المراد به لحاظ الحكم.
المصحح الى محمد بن مسلم، عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال: خمسة لا يؤمون الناس ولا يصلون بهم صلاة فريضة في جماعة: الأبرص، والمجذوم، وولد الزنا، والأعرابي حتى يهاجر، والمحدود [1]. وان كان مثل السيد الخوئي ان خصوص هذه الرواية المراد بها التعرب بعد الهجرة، ولكن ليس ذلك فان لسان هذه الرواية كلسان بقية الروايات من ان المراد بالتعرب هو التعرّب وليس خصوص سكنى البادية.
قال المصنق قدس سره: الأحوط عدم إمامة الأجذم والأبرص، والمحدود بالحد الشرعي بعد التوبة، والأعرابي إلا لأمثالهم، بل مطلقا، وإن كان الأقوى الجواز في الجميع مطلقا. [2]فبهذه القرينة لايكون الاعرابي من حيث هو هو وان كان عادلا لايؤم.
صحيح زرارة، عن أبي جعفر (عليه السلام)-في حديث-قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): لايصلين أحدكم خلف المجذوم والأبرص والمجنون والمحدود وولد الزنا، والأعرابي لايؤم المهاجرين[3] بالنسبة للمجذوم وولد الزنا القيد واضح لأنه من الالزام الوضعي، وهذا الحديث محمول على ان المراد من الأعرابي هو التعرب وليس فقط سكنى البادية.
معتبرة الأصبغ بن نباتة قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: ستة لا ينبغي أن يؤموا الناس ولد الزنا، والمرتد، والأعرابي بعد الهجرة، وشارب الخمر، والمحدود، والأغلف [4] وهنا واضح انه تعرب بعد ان كان مهاجرا فالمراد من الأعرابي ليس هو من ساكن البادية بما هو هو.
وهذه قرائن متعددة على ان الأعرابي الساكن البادية لوكان عادلا فتكره الصلاة خلفه باعتباره أقل ثقافة دينية أو كونه بعيد عن الحاضرة العلمية.