34/11/02


تحمیل
 الموضوع: الصلاة تحريمها التكبير وتحليلها التسليم
 كان الكلام في قاعدة ان الصلاة تحريمها التكبير وتحليلها التسليم وان عنوان التحريم أو التحليل عند طبقات الفقهاء لايخصص استعماله بالتحريم التكليفي ولا التحريم الوضعي ولايخصصونه أيضا بالتحريم الوضعي من نوع خاص أو بالتحريم والتحليل التكليفي من نوع خاص بل بالجامع بين أنواع التحريم الوضعي أو التحريم التكليفي، وان ذكر مثال العلامة الحلي او غيره من الأعلام ليس هو الاّ من باب المثال والاستشهاد بالنكتة اللغوية والاّ فقد ورد التنبيه على النكتة اللغوية من قبل نفس المعصومين (عليهم السلام) من ان الحل والحرمة مفاد جامع بين الوضعي والتكليفي كما في رواية تحف العقول الموجودة في أول كتاب المكاسب المحرمة من كتاب الشيخ الأنصاري حيث استعمل التحريم في سياق وجملة وفقرة واحدة في الأعم من التحريم التكليفي والوضعي وأنواع الوضعي وأنواع التكليفي في استعمال واحد في المعنى الجامع
 وان استحصال معنى جامع للتحليل واستحصال معنى جامع للتحريم هو مؤثر في أبواب عديدة في الاستنباط لذا مرّ التعبير بالصناعة الفقهية للالتفات بأن المستنبط بأي قالب يريد ان يعنون العنوان فلابد من ان يكون يقضا وهذا بحث لايختص بالتحليل والحرمة بل يسري في عناوين اخرى كالطهارة حيث يراد منها الطهارة الوضعية المعهودة وقد يراد منها الأعم من الطهارة المعنوية والوضعية فالبحث لايختص في عنوان الحليلة والحرمة بل البحث يسري عناوين عديدة في الأبواب الفقهية المبتلى بها من انه يمكن ان تكون تلك العناوين أعم في المعنى التكليفي والوضعي ثم الوضعي في انواع عديدة وكذا التكليفي أو لا، فهذا ممكن وهذا من دأب القدماء وان هذا البحث غير معتمد عليه وغير منقح عند متأخري الأعصار كما كان عند الطبقات السابقة
 وان الطبقات السابقة كان بنائهم على ان المصلي اذا دخل في الصلاة غير واجد للشرائط لايجوز له أي يحرم عليه تكليفا كصلاة الحائض بل كل من هو غير واجد لشرائط الصلاة اذا أقحم نفسه في الصلاة فهذا لايجوز له تكليفا وهناك أدلة عليه، بينما المعاصرون يقولون بأن صلاته تفسد فقط وهذا يعني الحرمة الوضعية أو حرمة تشريعية اذا نوى التشريع فان (لايجوز) معناها وضعي بينما القدماء قالوا بأن (لايجوز) صحيح معناها وضعي ولكن لها معنى جامع بين الوضعي والتكليفي فلايجوز تكليفا، فالبحث سيّال في أبواب عديدة
 فتعبير القاعدة بان الصلاة تحريمها التكبير وتحليلها التسليم وقريب من هذا المضمون والعنوان ورد في العمرة والحج أي في النسك وان الاختلاف مبنائي بين القدماء والمتأخرين لنفس النكتة فالقدماء في مباحث عديدة في العمرة والحج بنوا على هذه النقطة والفائدة بينما المعاصرين لم يستوضحوها
 فمثلا قال القدماء ان تحريم النسك بالتلبية وتحريم النسك بالاعمال وآخرها التقصير أو الحلق ففيما نحن فيه المراد من تحليلها التسليم هو ان الأعمال يأتي بها المصلي وان آخر الأعمال هو التسليم فيخرج من الصلاة وهذا هو المراد من كون التسليم تحليلها وكذا الكلام في النسك فإن الأعمال هي تلقائيا توجب التحلل شيئا فشيئا
 فعندما يقال ان الصلاة تحريمها التكبير فالمراد من تحريمها عند المعاصرون هو التحريم الوضعي أي يعقد الصلاة ويبتدأ بالصلاة ولكن الكلام هل هو خصوص هذا المعنى أو هذا المعنى ومعاني اخرى ففي العمرة والحج ان التلبية هي التحريم والمراد به إعقاد النسك وتحريم تروك الاحرام الخمسة والعشرون أو الثلاثون تركا ومعنى آخر هو تحريم مغادرة المشاعر من دون استيفاء أداء النسك ومعاني اخرى كحرمة مقاربة النساء وغير ذلك
 فنفس الكلام يجري في الصلاة فالمعاصرين قالوا ان تحريمها التكبير يعني التحريم الوضعي فقط بينما المتقدمون قالوا بانه التحريم الوضعي والتكليفي والتحريم التكليفي يعني حرمة ابطال الصلاة ورفع اليد عن الصلاة
 فأحد الأدلة المعتمدة التي أشار اليها الشيخ جعفر كاشف الغطاء في رسالته (ستة عشر قاعدة) وفيها قواعد نفيسة ومن ضمن القواعد في هذه الرسالة هذه القاعدة من حيث يقول ان التحريم يعني رفع اليد وابطال الصلاة وان تحليلها التسليم يعني ان التسليم في آخر الصلاة يحلل الكلام مع المخلوق
 مفاد تحريمها التكبير يستعمل عند القدماء بمعاني وضعية وتكليفية وكذا التحليل يستعمل عندهم بمعاني وهذا دليل متين وقويم عند القدماء على حرمة إبطال الصلاة وهذا شبيه التلبية في النسك وهذا الدليل لايختص بالفريضة بل يعم النافلة أيضا
 الوجه الثاني لتحريم ابطال الصلاة مطلقا وهي طائفة من الروايات وردت في صدد شيء آخر فمادها المطابقي ليس مانحن فيه لكن لها مفاد التزامي يبتني مفادها المطابقي عليه وهذا المفاد الالتزامي صميمي بما نحن فيه
 وان الفائدة الصناعية هي ان هذه الأبواب الموجودة في الوسائل مفادها المطابقي بعدد أبواب الوسائل أو أضعافه ونفس وسائل الشيعة أو آيات الأحكام كما انها لها مفادات مطابقية فان لها مفادات التزامية عديدة بعض تلك المفادات الإلتزامية جليّة وكثير منها خفية فالفقية البارع والمتضلع الفحل هو الذي يستخرج تلك المداليل الخفيّة ولايكتفي بالمداليل الواضحة الجليّة بل يستخرج المداليل الخفيّة، فوسائل الشيعة وآيات الأحكام أو كل كتب الحديث أو آيات القران الكريم ليس مفادها السطح الظاهر
  وان كثير من اختلاف القدماء مع المعاصرين هو هذا السبب أي ان القدماء يستندون الى مداليل التزامية للأدلة لم يمعن النظر فيها الكثير من المعاصرين
 وهذه الطائفة من الروايات مفادها المطابقي النهي عن قطع الصلاة لتوهم المبطل
 صحيح ومعاوية بن هب قال سألت ابا عبد الله (عليه السلام) عن الرعاف أينقض الوضوء؟ قال لو ان رجلا رعف في صلاته وكان عنده ماء او من يشير اليه بماء فتناوله فمال برأسه فغسله فاليبني على صلاته ولايقطعها [1] فان المفاد المطابقي لهذه الصحيحة في صدد ان صرف خروج الرعاف لايبطل الصلاة وان مدلوله الالتزامي هو انه مادام المبطل لم يعرف في الصلاة فلايسوغ قطع الصلاة
 صحيح زرارة عن محمد بن مسلم قال قلت في رجل لم يصب الماء وحضرت الصلاة فتيمم وصلى ركعتين ثم اصاب الماء اينقض الركعتين اويقطعهما ويتوضئ ثم يصلي؟ قال لايقطعهما ولكن يمضي في صلاته ويتمها ولاينقضها لمكان انه دخلها وهو على طهر بتيمم [2] ان المفاد المطابقي لهذه الرواية بصدد ان المتيمم لايبطل تيممه لكن الالتزامي هو ان طهارة التيمم اذا لم تنبطل فلايسوغ له قطع الصلاة
 


[1] وسائل الشيعة، أبواب قواطع الصلاة، الباب الثاني، الحديث 11
[2] وسائل الشيعة، ابواب التيمم، الباب2، الحديث 4