34/11/14


تحمیل
 الموضوع: صلاة الآيات - الزلزلة
 كنّا في صدد الأدلة الواردة على إيجاب صلاة الآيات عند حدوث الزلزلة بمعنى كون الزلزلة سببا وموضوعا لوجوب صلاة الآيات
 ومرّ إجمالا ان الأدلة الواردة في صلاة الكسوف والخسوف ليست دالة على ان السبب لصلاة الآيات هو كسوفية الكسوف وخسوفية الخوسف بل لكونهما آية وحادثة محتملة الإنذار للعذاب ولخلخلة نظام التكوين فهذا هو الموضوع حسب النصوص المعتبرة الواردة في الخسوف والكسوف وهذا موضوع عام وبلا ريب ان الزلزلة منذرة ومخيفة بمعنى كونها عذاب الهي
 فهذا بنفسه دليلا يعم الزلزلة اذ اننا لم نستظهر من الروايات الواردة في الخسوف والكسوف لم نستظهر منها كون نطاق دلالتها هو الخسوفية والكسوفية من حيث هو هو بل الموضوع لأجل كون ان هاتين الظاهرتين هما من الآيات، وهذا هو الوجه الأول
 الوجه الثاني: وجود الأدلة الخاصة في الزلزلة مثل صحيح الفضلاء عن كليهما (عليهما السلام) ومنهم من رواه عن أحدهما ان صلاة كسوف الشمس والقمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات وأربع سجدات صلاها رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والناس خلفه في كسوف ففرغ حين فرغ وقد إنجلى كسوفها [1]
 فائده معترضة تنفع فقي باب الخلل، الملاحظ ان الشهيد الثاني والقدماء لديهم هذا الديدن وهو ان الرواية عندما يستدل بها في باب أو في مسألة فانهم لايكتفون في تفسير الرواية على ماله صلة في المطلوب في تلك المسألة فقط وإن كان هذا هو نظم علمي الاّ انه في الضمن يذكرون فوائد كثيرة قد تصل الى عشرة فوائد لاصلة لها بالبحث وان سبب ذكر هذه الفوائد غير المرتبطة بالبحث هو استذكار لأنفسهم بأن هذه الرواية فيها فوائد في عشرة أبواب مثلا
 بينما المعاصرين لايعتنون بهذه الرويّة وهي بينهم متروكه، فهنا في هذه الرواية نلاحظ بان كلمة (ركعة) قد لاتكون لها صلة بالبحث مباشرة الاّ ان لها صلة في مباحث الخلل
 عن أحدهما ان صلاة كسوف الشمس والقمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات وأربع سجدات صلاها رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) والناس خلفه في كسوف ففرغ حين فرغ وقد إنجلى كسوفها [2] وان الموجود في الروايات ان الآية اذا كانت شديدة الخوف فيستحب أداء صلاة الكسوف جماعة وفي المساجد لكي يكون التضرع بصورة جماعية فإنه أشد في استجابة الدعاء
 هنا نلاحظ بالنسبة لهذه الصحيحة فإنه (عليه السلام) في صدد بيان الماهية لصلاة الآيات من الكسوف والخسوف والزلزلة والرجفة فكيف تكون دلالتها على وجوب صلاة الآيات عند الزلزلة
 نعم تعرضها بشكل رئيسي لماهية صلاة الآيات في الزلزلة لاينافي دلالتها على بيان موضوع وجوب صلاة الآيات بأن أحد أفرادها الزلزلة وان الموضوع واحد وفي سياق واحد طبيعي وهو مشترك بين الكسوفين والرجفة والزلزلة
 ورواية محمد بن عمارة عن أبيه عن الصادق (عليه السلام) عن أبيه (عليه السلام) قال ان الزلازل والكسوفين والرياح الهائلة من علامات الساعة فإذا رأيتم شيئا من ذلك فتذكروا قيام الساعة وافزعوا الى مساجدكم [3] وتدل هذه الرواية على ان الآيات ليس من الضروري ان تكون منذرة بالعذاب بل منذرة بظهور الهول الالهي يوم القيامة
 فصلاة الآيات ليس لأجل الوقاية من العذاب فقط خلافا لما هو المشهور فإن العظمة والرهبة الالهية لابد ان تتجلى شيئا ما في بعض الأحيان وعنده فوظيفة الخلائق هي التضرع والابتهال الى الله عزوجل
 وهذا شبيه بما ورد في أصل تشريع الصلاة اليومية بأن النبي (صلى الله عليه واله) في تشريع أصل الصلاة في المعراج تجلى له الرب العظيم فركع ثم قام فتجلى له بتجلي أعظم فسجد رسول الله (صلى الله عليه واله)
 فظاهراً إن أحد الفلسفات المذكورة وحكم التشريع المذكورة في تشريع صلاة الآيات ليس فقط كون الاية في معرض العذاب بل في معرض تجلي عظمة الله وهول قدرة الله وهول الرهبة لله تعالى فان الرواية المذكورة لم تشر الى مسألة العذاب بل تقول بأن الزلازل وغيرها من علامات الساعة
 رواية سليمان الديلمي أنه سأل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الزلزلة ماهي؟ فقال آية ثم ذكر سببها (عليه السلام) قال قلت فاذا كان ذلك فما أصنع؟ قال صل صلاة الكسوف
 مصحح بريد بن معاوية ومحمد بن مسلم والتعبير بالمصحح باعتبار ان طريق الصدوق لبريد ومحمد بن مسلم غير موثق مع ان هؤلاء ممدوحون ومن رواة كبار البيوت العلمية القميّة ويروي عنهم الثقات
 مع ان كتب محمد بن مسلم وبريد بن معاوية نقلنا عن المجلسي والميرزا القمي والكثير من المحققين ان الطرق للكتب المشهورة مستفيضة من أصحاب الكتب الأربعة اليهم وانما يذكر الصدوق في آخر الفقيه في فصل المشيخة يقول وقد أحصيت طرقي الى أصحاب الكتب في كتاب سميته الفهرست وإنما في المشيخة بعض تلك الطرق فالنقاش في طرق المشيخة الى الكتب المشهورة هو من الغفلة
 وان أحد أسباب تمهّر الباحث في علم الرجال والحديث والدراية اُنسه وقراءته وتصفحه للمشيخة في آخر كتاب التهذيب والإستبصار ومن لايحضره الفقيه، وعلى هذه المشيخة في التهذيبين والفقيه كتب وشروح عديدة من أهمها وأدسمها شرح الميرزا النوري في خاتمة المستدرك
 فالكتب المشهورة لاعموم الكتب المعتبرة ولاعموم الكتب المذكورة في المشيخة بل مرادنا خصوص الكتب المشهورة فان طرق الشيخ الطوسي أو الشيخ الصدوق أو الشيخ المفيد أو غيرهم من الكبار وزعماء المذهب فان طرقهم اليها لاينحصر بعدّة قليلة بل الطرق متعددة فالغفلة عن إشتهار جملة من الكتب وطرق الطوسي اليها أو الصدوق اليها أو طرق المفيد اليها كثيرة
 ففرق في طريق الرواية بين طريق علماء القرن الرابع أو الخامس أو السادس الى الكتاب المشهور من أصحاب المجاميع الحديثية الى الكتب المشهورة فضلا عن من المتواترة فالطرق كثيرة بحيث تخرج عن الإرسال وقد ذكر الصدوق بعضها لتخرج عن وهم الإرسال
 وان المحقق الحلي وهو متأخر عن ابن ادريس بكثير فقد ذكر في كتاب المعتبر في الفائدة الرابعة عندما عدد مصادر الحديث التي يروي عنها في كتابه ذكر الكتب الأربعة في ذيل هذه المصادر التي ذكرها ابن ادريس يعني الى زمان المحقق الحلي فإنه يعتبر ان هذه المصادر هي الأشهر من الكتب الأربعة وان كانت الكتب الأربعة مشهورة والكلام هنا فقط في الكتب المشهورة
 وهذه الدعوى ليست كدعوى الأخباريين حيث قالوا ان كل الطرق في الكتب الأربعة معتبرة بينما دعوانا ليست هي ان كل الطرق في الكتب الأربعة معتبرة بل هي ان طريق أصحاب الكتب الأربعة أو غيرهم من الأعلام الى الكتب المشهورة معتبر أما من هو صاحب الكتاب الى الامام (عليه السلام) فلابد ان ينقح
 هذا بالنسبة الى مصحح بريد بن معاوية ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا اذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها مالم تتخوف ان يذهب وقت الفريضة فان تخوفت فبدأ بالفريضة واقرأ ماكنت فيه من صلاة الكسوف [4] وهذه الرواية تشتمل على أحكام كثيرة لذا فاعتبار السند فيها مهم لاشتمالها على مسائل عديدة في صلاة الكسوف
 وإجمالا فهي تدل على عموم موضوع وجوب صلاة مطلق الآيات لاخصوص الكسوفين
 
 
 


[1] وسائل الشيعة، للحر العاملي، أبواب صلاة الكسوف، الباب السابع، الحديث الأول، طبعة مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)
[2] وسائل الشيعة، للحر العاملي، أبواب صلاة الكسوف، الباب السابع، الحديث الأول، طبعة مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)
[3] وسائل الشيعة، للحر العاملي، أبواب صلاة الكسوف، الباب الثاني، الحديث 4، طبع مؤسسة آل البيت (عليهم السلام) لإحياء التراث
[4] وسائل الشيعة، للحر العاملي، باب اذا اتفق الكسوف وقت الفريضة، الحديث 4، طبع مؤسسة ال البيت عليهم السلام