34/11/25


تحمیل
 الموضوع: في صلاة الآيات
 دعما لجملة من الاستظهارات التي مرت بنا في زوايا روايات المقام فان جملة من الروايات وردت في باب القراءة فقد ورد في باب القراءة وان قرأ آية واحدة فشاء ان يركع بها ركع ويمكنه الاكتفاء ببعض السورة [1] وهذا في صلاة النافلة
 ففي هذه الصحيحة المحمولة على النافلة كان السقف الأدنى في النافلة هو الآية الواحدة وليس دون الاية وهذا يشكل عرف استعمالي
 وهكذا معتبرة أبي بصير في الباب الخامس الحديث الثاني ورواية ثالثة في الباب السادس الحديث الثالث فهذه الابواب الثلاثة ورد فيها ثلاث روايات كأنما لحن لسانها ان ادنى مايعتد به في النافلة هو قراءة آية وليس دون الآية، ولم يصرح في هذه الروايات بالنافلة ولكن حملت بقرينة روايات اخرى على النافلة
 فاذا كان الحال كذلك فان النافلة التي يسوغ فيها كما يسوغ في ركوعات صلاة الآيات من عدم لزوم الفاتحة في كل ركوع ركوع من الخمسة ومع ذلك جعل الحد الأدنى هو الآية ومعه فكيف الحال بصلاة الآيات
 كذلك وردت في أبواب القراءة كراهة توزيع السورة أقل من ثلاث آيات في الركعة في موارد التقية في الفريضة أو النافلة فالاكتفاء بأقل من ثلاث آيات هو أمر مكروه
 طبعا وان حملت هذه اما على الكراهة في النافةأو الكراهة في الفريضة في موارد الإضطرار للتقية كما لو كان المأموم يصلي خلف امام جماعة منهم
 لايقال هنا لاتوجد دلالة على الحكم الالزامي
 فنقول ان هناك قرينة ذكرناها في أبواب عديدة وهو ان الحكم الذي هو ذو مراتب متفاوته تلقائيا تفاوت مراتبه يدل على ان بعض درجاته الزمي وقد مرّ مرارا في أبواب عديدة، وهذا الاسلوب هو اسلوب مطّرد عند الفقهاء
 بقي في هذه الروايات التعرض للروايات المعارضة
 رواية أبي البختري عن ابي عبد الله [2] وهو وهب بن وهب قرشي مكي وكان قاضيا لدى السلطة الاموية، ويقال انه قد كذب في الحديث لأخذ الأموال من السلطة الاّ انه يروي كثيرا عن الامام الصادق (عليه السلام)
 ففي رواية أبي البختري عن أبي عبد الله (عليه السلام) ان عليا (عليه السلام) صلى في كسوف الشمس ركعتين في أربع سجدات واربع ركعات قال فقرأ ثم ركع ثم رفع رأسه ثم قرأ ثم ركع ثم قام فدعى مثل الركعتين ثم سجد سجدتين ثم قام ففعل مثل مافعل في الاولى في قراءته وقيامه وركوعه وسجوده سواء هنا حمله الشيخ على التقية لأنه أربع ركعات
 ولكن بعد التأمل في الرواية فنراها غير آبية عن الحمل على العشر ركوعات لأن المقصود من أربع ركوعات هو مضافا الى الركوع الذي يسجد منه أو ركوع نفس الركعة، فنفس الفاظ الحديث فيه تقديم وتأخير وغير ذلك من التفصيل في الزوايا
 وهناك ديدن عند الفقهاء فعندما يكون الفاظ الحديث فيها تعريضات وتلويحات فيفهموا ان الكلام هذا من المعصوم (عليه السلام) يحتاج الى تاويل وتفسير من روايات اخرى منهم (عليهم السلام) باعتبار ان المقام كان يقتضي ان لايفصح الامام (عليه السلام) كثيرا وبصورة واضحة، وهذا أمر ضروري لابد من نباهة الفقيه اليه في فقه الفروع وحتى في فقه العقائد
 ورواية اخرى وهو خبر يونس بن يعقوب قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) انكسف القمر فخرج أبي (عليه السلام) وخرجت معه فصلى ثماني ركعات كما يصلي ركعتين وسجدتين [3] فهنا أيضا نفس الكلام فمحتمل ان تكون الركعات الثمانية زيادة على الركعتين فيكون المجموع عشرة
 نعم لو عبّر (عليه السلام) كل أربع ركعة فهذا صريح لكن ماورد في الخبر يحتمل ان يكون قابلا للتأويل، وعليه فهاتين الروايتين ليستا معارضتين لما تقدم من تفصيل الروايات
 فتحصل ان ما أفاده الماتن متين الاّ بالاكتفاء بأقل من الآية بل حتى لو كانت آية غير تامة فيشكل الاعتماد على دعوى اطلاق الأدلة، وتبيّن أيضا ان فاتحة الكتاب لابد من الاتيان بها في أول ركوع من المجموعتين والاتيان بالأكثر لابأس به شريطة ان يكون قد أتم السورة والا فلاتصح قراءة الفاتحة المكررة اذا لم يتم السورة، ومرّ أيضا ان كل مجموعة من المجموعات الخمسة لابد ان يتم فيها سورة سواء ابتدأ بالسورة في اول الركوعات الخمسة او في الاثناء أي مابعد ذلك
 وهذا مجمل الضوابط التي استخلصت من كيفية القراءة في صلاة الآيات
 مسألة 1: لكيفية صلاة الآيات كما استفيد مما ذكرنا صور: وهذه المسألة خلاصة للمسألة السابقة
 الأولى: أن يقرأ في كل قيام قبل كل ركوع بفاتحة الكتاب، وسورة تامة في كل من الركعتين، فيكون كل من الفاتحة والسورة عشر مرات ويسجد بعد الركوع الخامس والعاشر سجدتين وهذا أمر منصوص عليه
 الثانية: أن يفرّق سورة واحدة على الركوعات الخمسة في كل من الركعتين، فيكون الفاتحة مرتان: مرة في القيام الأول من الركعة الأولى، ومرة في القيام الأول من الثانية، والسورة أيضا مرتان وهذا جائز أيضا وهو منصوص
 الثالثة: أن يأتي بالركعة الأولى كما في الصورة الأولى أي خمس فواتح وخمس سور
  وبالركعة الثانية كما في الصورة الثانية فتشابه المجموعتين ليس بلازم بل تشابه ركوعات المجموعة الواحدة ليس بلازم
 الرابعة: عكس هذه الصورة
 الخامسة: أن يأتي في كل من الركعتين بأزيد من سورة فيجمع بين إتمام السورة في بعض القيامات وتفريقها مع البعض ، فيكون الفاتحة في كل ركعة أزيد من مرة، حيث إنه إذا أتم السورة وجب في القيام اللاحق قراءتها وقد مرّت بنا هذه العمومات
 السادسة: أن يأتي بالركعة الأولى كما في الصورة الأولى، وبالثانية كما في الخامسة أي يُعدد الفواتح والسور
 السابعة: عكس ذلك
 الثامنة: أن يأتي بالركعة الأولى كما في الصورة الثانية، وبالثانية كما في الخامسة وهذا من ممازجة الاحتمالات
 التاسعة: عكس ذلك والأولى اختيار الصورة الأولى
 مسألة 2: يعتبر في هذه الصلاة ما يعتبر في اليومية من الأجزاء والشرائط والأذكار الواجبة والمندوبة
 وهذا لايختص بصلاة الآيات بل هذه هي فتوى الفقهاء في بقية الصلوات الواجبة بل في النوافل أيضا وليس لدليل خاص ومع ذلك أفتوا به، فمن أين ذهب الى ذلك الفقهاء؟
 هنا قاعدة وفذلكة وصناعة فقهية مهمة جداً لابد من الالتفات اليها وهذه الفذلكة الفقهية المفيدة في أبواب فقهية عديدة تشتمل على مقدمتين
 فمثلا في عمرة التمتع نرى ان الفقهاء قالوا ان ماذُكر من الأدلة في العمرة المفردة بعينه يأتي في عمرة التمتع أو ماقيل في حج التمتع بعينه يأتي في حج الإفراد أو العكس وماقيل في الصيام الواجب يأتي في المستحب الاّ ما استثني وهكذا
 فمن أين قالوا بذلك؟
 قالوا بذلك اعتمادا على فذلكة فقهية وهي ان الشارع له ماهيات اما كبيرة كالصلاة والصوم والحج أو ماهيات صغيرة كالقيام والركوع فالشارع له ماهيات جعلية مجعولة من قبله فاذا بينها في موطن ثم أمر بها في موطن آخر فيكون أمره في المواطن الاخرى حوالة على ماذكره في الموطن الأول
 وذلك لنكتتين:
 أولا: لأن أمر الشارع بالصلاة في الموطن الأول تلقائيا لم يؤخذ فيه فريضية الصلاة بل الشارع أخذ عموم عنوان طبيعة الصلاة أو الركوع
 ثانيا: ان حوالة الشارع من ان يبيّن شيء هو يعني حوالة وإتكاء على مواطن أو موطن آخر
 من هنا نأتي ببحث حساس آخر نُلزم به المعاصرين، فنقول ان التشهد أيضا هكذا فقد أمر الشارع بالتشهد في مواطن عديدة فالصدوق (رحمه الله) روى في الفقيه بسند صحيح ان سجدت الشكر يستحب فيها التشهد وان بيان هذا التشهد من الشارع هو اشتماله على الشهادة الاولى والثانية والثالثة، فسجدت الشكر عقيب الصلاة اليومية والتشهد يستحب في تعقيبات الصلاة، وان التشهد يستحب في تلقين المحتضر، وفي تلقين الميت داخل القبر، وتلقين الميت بعد الدفن، والتشهد يستحب في الوصية، ويستحب التشهد في صلاة الميت والاذان والاقامة وداخل الصلاة وفي خطبة النكاح فالتشهد يستحب في مواطن عديدة بعنوان (أشهد) و (أتشهد) متعلقة الشهادات الثلاثة وذكر الائمة (عليهم السلام)
 فلا ترديد بهذا البيان ان التشهد في الاذان والاقامة وفي تشهد الصلاة هو جزء خاص مستحب
 فهذا مطلب لاغبار عليه في التشهد بالنسبة لصلاة الميت والأذان والإقامة بأن تكبّر ثم تهلل ثم تتشهد وهذه فذلكة فقهية يستفاد منها في أبواب عديدة
 
 


[1] وسائل الشيعة، للحر العاملي، الباب4 من ابواب القراءة في الصلاة، الحديث 7، طبع مؤسسة ال البيت عليهم السلام
[2] وسائل الشيعة، للحر العاملي، الباب7 من ابواب القراءة في الصلاة، طبع مؤسسة ال البيت عليهم السلام
[3] وسائل الشيعة، للحر العاملي، الباب7 من ابواب القراءة في الصلاة، الحديث 5، طبع مؤسسة ال البيت عليهم السلام