34/12/17


تحمیل
 الموضوع: اقحام الصلاة في الصلاة
 كان الكلام في قاعدة اقحام الصلاة في الصلاة فهل هو صحيح مطلقا او ان الصحة عند الاضطرار فقط؟ وقد قرأنا الروايات الصحيحة الصريحة الواردة في جواز اقحام اليومية في اثناء الايات وانه يعاود ويصلي ويتمم صلاة الايات بعد الانتهاء من اليومية وقد مرّ ان العلامة الحلي والمحقق الحلي في بعض كتبهما قد اوّلا هذه النصوص لكن هذا خلاف المشهور شهرة عظيمة وخلاف كلامهما في بقيّة كتبهما
 فلذا هل هذه النصوص على القاعدة أو هي تعبد خاص فاذا كانت على القاعدة فيمكن التعدي منها الى موارد اخرى أما اذا كان تعبّد خاص فإنه يقتصر فيها على موردها
 نحن الآن بصدد بيان ان دلالتها إجمالا على مقتضى القاعدة وسيأتي الكلام في التفصيل ليتبيّن لنا كيفية كونها على مقتضى القاعدة
 هنا نقطة صناعية لابد من الالتفات اليها وهي اننا عندما نقول مقتضى القاعدة فإنه يتبادر منه في اذهان بعض ذوي الفضيلة القاعدة الواحدة أو الأصل الواحد وهذا شيء غير صحيح فان الفحول من الفقهاء ذوي التضلع يتعاطون مع الروايات التي ظاهرها التعبدي الخاص يتعاطون معها على انها على مقتضى القاعدة لكن ليس مرادهم مقتضى قاعدة واحدة بل قد يكون مقتضى مجموع قاعدتين أو ثلاث أو أربع أو خمس
 فمهارة المتضلع من الفقهاء ان ينسب هذا البحث الى كل قاعدة لها تناسب ونسبةما مع مورد البحث وهذا لايعني تكلف النسبة بل ان النسبة هي موجودة، ونأتي بمثال لذلك فمثلا ميراث المجوسي هو بحث مرتبط مع عدة أبواب مثل باب القضاء والنكاح والنسب والذمة فهو حقيقة مرتبط بهذه الأبواب لا ان الفقيه يتكلف ربط هذه الأبواب به
 فبالتدقيق يظهر عدم وجود تعبد خاص خاص إنما هو عبارة عن انضمام اصول فوقية من الوحي عندما تتلائم وتتشابك فالفقيه يقول هو تعبد خاص فالتحليل والتأني هو صناعة الفقه فان عمل الفقيه هو ماوراء الرواي حديث تدريه خير من الف حديث ترويه ومسابقة الفقهاء في التضلع هو القدرة على التحليل
 فكيف تكون الروايات دالة على ان هذا ليس من التعبد الخاص بل بمقتضى القاعدة فهنا نرى ان الرواي في الروايات التي قرأناها محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) جعلت فداك ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة فإن صلينا الكسوف خشينا ان تفوتنا الفريضة؟ فقال اذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك واقض فريضتك ثم عد فيها قلت فاذا كان الكسوف آخر الليل فصلينا صلاة الكسوف فاتتنا صلاة الليل فبأيتهما نبدأ؟ قال صل صلاة الكسوف واقض صلاة الليل حين تصبح [1] فمحل السؤال هنا من السائل في الأولوية فقط من دون معضلة التلبس ومع ذلك فان الامام (عليه السلام) يأتي له بفرض التلبس فيفهم منه انه على مقتضى القاعدة لا انه من باب النص الخاص فهو غير مختص بالكسوف واليومية، وقد ذكرنا ذلك في الوضوء التجديدي فالروايات الواردة في الوضوء الجديد أكثر استحبابا من الوضوء القديم
 ودلالة اخرى في الروايات مصحح بريد ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا اذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها مالم تتخوف أن يذهب وقت الفريضة، فان تخوفت فبدأ بالفريضة واقطع ماكنت فيه من صلاة الكسوف، فاذا فرغت من الفريضة فارجع الى حيث كنت قطعت واحتسب بما مضى [2] وهذه الرواية ليست في صدد أصل الاقحام بل في صدد الأولية وان ذكر الإقحام هو من باب علاج لعقبة تعترض رعاية الأولية
 ومن الشواهد التحليلية هو ان الظاهر من اقحام صلاة في صلاة اما هو زيادة أو قطع الموالاة وهذان الاحتمالان صناعيا هما متعاكسان فالزيادة يعني الاتيان به من دون المزيد فيه وهو غير قطع الموالاة ففرض الزيادة مع فرض قطع الموالاة هما فرضان متعاكسان فما نحن فيه اما هو زيادة أو قطع موالاة وان قطع الموالاة اما قطع الموالاة فقط أو فعل كثير منافي ومنافر أو ماحي لصورة الصلاة
 وبعبارة اخرى نربط الفرض ماهويا بعدة قواعد أو بعدة شروط او بعدة ضوابط


[1] وسائل الشيعة، للحر العاملي، أبواب صلاة الكسوف، الباب 5، ط آل البيت
[2] وسائل الشيعة، للحر العاملي، ابواب صلاة الكسوف، الباب 5، ط آل البيت