35/01/29


تحمیل
الموضوع:قضاء الصلاة
كان الكلام في تقرير مقتضى القاعدة لوجوب القضاء سواء في قضاء الصلاة اليومية أو بقية أنواع الصلاة أو قضاء الصوم أو قضاء الحج فهذه البحوث تتكرر جميعا بأعتبار مقتضى القاعدة، فهنا نتمسك بالاستصحاب باعتبار ان الاستصحاب يُبقي الحكم
فالكلام يقع في ان الاستصحاب الذي يبقى الحكم هل هو استصحاب حكم شخصي أو استصحاب كلي واذا كان من الاستصحاب الكلي فهل هو استصحاب الكلي من القسم الأول أو القسم الثاني أو القسم الثالث وهل ان صياغة الاستصحاب في هذه القاعدة هل هي تكلفية من ذهن الباحث والفقيه أو انها مرتبطة بضوابط واقعية موجودة في الأدلة
ومر بنا ان هذا البحث ليس مجرد تحليلات ذهنية لاواقع لها بل قلنا ان هذ البحث له واقع وان الشارع المقدس يعتبر ان مطلق الصلاة لها شرائط وأجزاء معينة سواء كانت صلاة فريضة يومية أو غير يومية او كانت صلاة نافلة ذات سبب أو ليست ذات سبب فإن لاصلاة الاّ بطهور هو شرط وجعل لاحظ فيه الشارع الطبيعي الوسيع للصلاة، ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا هنا لاحظ الشارع فيه نوع واحد من أنواع الصلاة، وكالاذان والاقامة فإن الشارع لاحظهما بخصوص الصلاة اليومية فان جعل الشارع وتشريعه يلاحظ فيه امور عديدة
فان قضية الكلي والفرد والخاص هي امور ليست تحليلة تكلّفية من تصرفات ذهنية المجتهد بل هي امور يتبع فيها مواد وأدلة الأبواب والمسائل لذا مرّ بنا بحث الحوالة التي يعتمد عليها الشارع في أبواب عديدة، وهذا مرتبط بالصناعة الفقهية وتطبيقاتها بيد الفقيه وليس بيد الاصولي
والصناعة الفقهية هي ان الشارع تارة يجعل الطبيعة العامة وسيعة جدا وتارة الطبيعة الغالبة وليست الوسيعة وتارة نصف الطبيعة وتارة صنف الطبيعة وتارة فرد الطبيعة فهذه جعول حقيقة شرعية وليست من التكلف ولاربط لها بتنقيح المناط بل هذا تطبيق وانطباق على اطار وقالب المفاد المطابقي والمنطوقي للادلة
لذا فنرى بين الفقاء المتأخرين وجود حيص وبيص كبير في جريان الاستصحاب فلابد من الالتفات اليه فمنهم من يدعي الاستصحاب الفرد ومنهم من يدعي الاستصحاب الكلي من القسم الاول ومنهم من يدعي انه من القسم الثاني ومنهم من يدعي انه من القسم الثالث فهذه نطاقات مهمة وهي استظهارت من الأدلة الواردة في تلك المسألة وكيفية استنباطها وهذه هي الصناعة الفقهية وهي الملكة والاجتهاد
ونكتة اخرى قبل الدخول في أصل البحث وهذه النكتة يتجاذب بها الفقاء والاصوليون مع بعضهما البعض في استصحاب الكلي باقسامه وهي كيفية تمييز استصحاب الفرد المردد الذي هو ليس بحجة بخلاف استصحاب الفرد المعين حجة واستصحاب الكلي باقسامه على التفصيل المتقدم حجة وأما استصحاب الفرد المردد ليس بحجة وان تمييز هذا هو من استصحاب الفرد المردد، فإجمالا استصحاب الفرد المردد هو شبيه الكلي فان الفرد المردد يكون له طابع كلي لذا يشبه الكلي فواقعه فرد لكن يتخيل انه كلي
وان التمييز اجمالا هو ان الشخص يدقق بكون الأثر مرتب على الفرد أو مرتب على الطبيعة الكلية التي في الفرد ولايغفل الطالب ان المراد من الكلي في الطبيعة هو الكلي الموجود في الحصة غاية الأمر ان هذه الحصة فيها حيثية كلية وحيثية فردية فالفرد يمكن تميزه بينه وبين الكلي هو ان الفرد يكون الأثر فيه مرتب على الفرد وفي الكلي يكون الأثر فيه مرتب على الحصة التي في الفرد في الطبيعة وتميزه بحسب الادلة الواردة في الباب فمثلا حرمة مس القران للمحدث مرتبة على الطبيعة لاعلى الفرد وقد يترتب الاثر على الفرد كوجوبب الوفاء بالبيع فالمراد هذا البيع بعينه الخاص الفرد نعم ان لزوم الوفاء بالبيع هو طبيعية لكن لكل لزوم استغراق بمعنى ان هبهذا اللحاظ الموجود المعين
أما مانحن فيه في المقام فهل هو من استصحاب الفرد أو من استصحاب الكلي من القسم الثاني أو الثالث فهو من أي نوع من أنواع الاستصحاب؟
من الواضح انه لتعيين وتنقيح ان هذا الاستصحاب من أي نوع من أنواع الاستصحاب لابد من تعيين الصلة والماهية بين وجوب القضاء ووجوب الأداء وكونها من أي أنواع الماهية وقد مرّ بنا انه من يبني على تعدد الملاك وتعدد المتن الشرعي فيكون من استصحاب الكلي القسم الثالث لأن الضابطة في القسم الثالث هو ذهاب فرد وقيام فرد آخر مقامه، وأما من ينبي على ان الوجوب هو بشخصه يبقى اثباتا وثبوتا فيكون من استصحاب الفرد، ومن يبني على الاتحاد في الملاك والتعدد في الاثبات لافي الثبوت فقد يبني على انه من الكلي القسم الثاني لأن الجامع بشخصه مجعول فالوجوب واحد لكنه له خصوصيتان خصوصية في الوقت وخصوصية خارج الوقت
ولتوضيح سبب تقديم الأدلة الخاصة لتنقيح وتوضيح مقتضى القاعدة العامة في المقام وذلك لنستوضح ان الأداء مع وجوب القضاء ماهي النسبة بينهما؟ فهنا الادلة الخاصة تعيننا على الوصول الى جواب هذا السؤال وذلك:
نلاحظ هنا بالدقة ان وجوب الأداء مع وجوب القضاء بالدقة هو عبارة عن تعدد مراتب الطبيعة الواحدة بمعنى ان الملاك هو واحد عند الشارع المقدس غاية الأمر ان الوقت هو قيد من قيود المرتبة العليا في الطبيعة فاذا فات الوقت فلا تترك الواجب من رأسه
فالبدقة اذا ثبت في الجملة لدينا في أي باب من الأبواب الفقهية فاذا ثبت في الجملة القضاء فهذا بنفسه يكون منبها على ان القيد ليس هو فصل نوعي لأصل الطبيعة بحيث يمحيها بل ان القيد هو مرتبة من مراتب الطبيعة النوعية أو غير النوعية فهو يدل على ان أصل الطبيعة لها ملاك مرغوب ومطلوب لدى الشارع المقدس غاية الأمر ان القيد هو مطلوب في مطلوب فاذا انتفى هذا المطلوب فإن المطلوب الأصلي لاينتفي، فالقيد عبارة عن مرتبة من مراتب الطبيعة
هنا يوجد اشكال للميرزا النائيني وتلاميذه ومنهم السيد الخوئي من انه ماالمراد من المطلوب في المطلوب فان المفروض في الوقت وامثاله هي قيود ارتباطية فهي ليست من الواجبات المستقلة ظرفها واجب آخر بل هي ارتباطية ففي الرباط والارتباط في المجموعة اذا انتفى جزء منه فان المجموعة كلها تنتفي فلايمكن القول بأنها من مراتب الطبيعة
وهذه الشبهة صناعية الفقهية تمهد لنتائج اصولية وهي اثارة يتبناها الميرزا النائيني في موارد عديدة ويشكل على مشهور القدماء كثيرا بهذه النكتة من ان القيد اذا كان ارتباطيا فان الكل ينتفي بانتفاء أحد أجزائه وان الباقي ليس بكل فالجزء هو كالحلقات المرتبطة فاذا ارتفع الجزء فإن السلسلة كلها ترتفع فالمطلوب في المطلوب هنا ارتباطي لا ظرفي كما يقول الميرزا النائيني
يقول الميرزا النائيني حسب مبناه انه اذا كان جزء فلا معنى للجزء والشرط فان مقتضى الجزئية والارتباط هو هذا بمعنى انه اذا انتفى فان الكل ينتفي وقد بنى السيد الخوئي على هذا المبنى بشكل متشدد وهكذا الأمر بالنسبة لكل تلاميذ السيد الخوئي
وجواب من بنى على مبنى القدماء من المتأخرين هو اننا نعتقد بالارتباطية ولكن من قال بأن الارتباطية لايمكن ان تصور بلحاظ مرتبة من الطبيعة فإن الارتباطية بلحاظ مرتبة من الطبيعة لابلحاظ كل مراتب الطبيعة وعليه فنلتزم بالارتباطية ولا ارتباطية، أما الارتباطية فبلحاظ المرتبة العليا أو التامة أو الكاملة وأما عدم الارتباط فبلحاظ أصل مراتب التعدد من الطبيعة وعليه فيمكن تصور الارتباط ولا ارتباط من دون تناقض وهذا يفتح بابا عظيما في الفقه والاصول