35/03/09


تحمیل
الموضوع:تكليف الكفّار بالفروع
نتعرض الآن لقول القائلين بنفي تكليف الكفار بالفروع وهم قلّة من علماء الامامية وكما مرّ فانهم لايقولون بنفي التكليف مطلقا بل بعضهم يخص الأمر بباب العبادات والبعض الآخر يقول فيما أتى به الاسلام من تشريعات اما التشريعات التي هي مشتركة عقلية وفطرية وأديانية فهي ثابتة عقلا على الكفار وخارجة عن دائرة النفي لتكليف الكفار بالفروع عند من يلتزم بالنفي
وقد استدلوا بنمط من الروايات لسانها ان التكليف بولاية أهل البيت (عليهم السلام) لايكلف به الكفار بل ان الكفار مخاطبون بولاية الله وولاية الرسول وهي الشهادتين أما الشهادة الثالثة فلايخاطبون بها قبل الشهادتين بالله وبرسوله فقبل دخولهم في الاسلام والإقرار بالشهادتين فلايخاطبون بالشهادة الثالثة، واذا كانت الولاية لايخاطبون بها فكيف بما هو دون الولاية نظير الصلاة والصوم والزكاة وغيرها وهذا محصّل الروايات
الرواية الاولى: صحيح زرارة عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال قلت لأبي جعفر (عليه السلام) أخبرني عن معرفة الايمان منكم واجبة على جميع الخلق؟ فقال ان الله تعالى بعث محمد (صلى الله عليه واله) الى الناس أجمعين رسولا وحجة على خلقة في أرضه فمن آمن بالله وبمحمد (صلى الله عليه واله) رسول الله وصدقه واتبعه فان معرفة الامام منّا واجبة عليه فان من لم يتبع الله ورسوله فكيف يجب عليه معرفة الامام [1]فهذه الرواية تدلل على ان الامامة التي هي من اصول الدين إنما تجب بعد الاقرار بالله ورسوله وأما قبلهما فلامعنى لتقرير الوجوب على الكافر
الرواية الثانية: مارواه في الاحتجاج من حديث الزنديق حيث قال (عليه السلام) فكان أول ماقيدهم به الإقرار بالوحدانية والربوبية والشهادة ان لا اله الاّ الله فلما أقروا بذلك تلاه بالإقرار لنبيه بالنبوة والشهادة بالرسالة فلما انقادوا لذلك فرض عليهم الصلاة ثم الصوم ثم الحج [2]وهذه الرواية عظيمة المضمون مما يوجب الوثوق بالصدور لأن المباحث التي تعرضت لها هي مباحث خطيرة وهو المعروف من احتجاج أمير المؤمنين (عليه السلام) على الزنديق
هنا الشهادة بالرسالة وهي الشهادة الثانية معلّقة على الشهادة الاولى فكيف بالشهادة الثالثة وكيف ببقية أركان فروع الدين فان تكليف الكفار بالفروع على أنواع فإن دائرة النفي تتسع وتضيق فلو بنى عليه فالدوائر لنفي تكليف الكفار بالفروع متعددة للكفار بحسب مساحة كفرهم فمنهم من ينفي كل شيء ومنهم الكتابي وغير ذلك فإن لأهل الكتاب أحكام متميزة عن غيرهم من الكفار فالكفار لايكالون بكيل واحد في كل الأحكام
فالكفّار ليسوا على درجة ووتيرة واحدة عند القدماء بل لهم درجات مختلفة فهذه الرواية لو بنى على مفادها كما زعم من انها تدل على عدم تكليف الكفار بالفروع فتدل على ان الكفار على أنواع فبعضهم لايكلف حتى بالشهادة الثانية لأنه لايقر بالشهادة الاولى فكيف يكلف بالشهادة الثانية مع عدم اقرارة بالشهادة الاولى
فالاسلام درجات والايمان درجات والكفر درجات ولكل آثاره نعم توجد جهة مشتركة ولاخلاف في ذلك كما انه توجد جهة مختلفة ولكن الأصعب من ذلك والأعوص من ذلك قول القران الكريم وما يؤمن أكثرهم بالله الاّ وهم مشركون[3]
الرواية الثالثة: مارواه القمي عن الصادق (عليه السلام) قال أترى ان الله عزوجل طلب من المشركين زكاة أموالهم وهم يشركون به حيث يقول وويل للمشركين الذين لايأتون الزكاة انما دعى الله للايمان به فاذا امنوا بالله ورسوله افترض عليهم الفرض [4]وهذا استدلال مرتب قد دلّت عليه روايات عديدة
الجواب: ان هذه الروايات مفادها متين وحق وهي روايات صحيحة ولكن الكلام انه لاصلة لها بالبحث باعتبار مامر بنا من مراحل الحكم الشرعي فإن هذه الروايات بصدد نفي المرحلة الفاعلية وهو الخطاب والتجيز وهو المسمى بالتكليف وليس التكليف اسم لمرحلة التشريع
فلابد من تمييز مراحل الحكم الشرعي وماهية تلك المراحل ولسان الدليل حول تلك المراحل فإن ذلك يعطي البصيرة في دلالة تلك الأدلة فغاية ماتدل هذه الروايات هو ان خطاب الكفار لايمكن ولاتدل على ان التشريع ليس بشامل لهم



[1] الكافي، الشيخ الكليني، ج 1، ص 181، باب معرفة الامام والرد اليه، ح 3، نشر دار الكتب الاسلامية طهران.
[2] بحار الانوار، العلامة المجلسي، ج 90، ص 121، الباب 129، نشر مؤسسة الوفاء.
[4] تفسير القمي، علي بن ابراهيم القمي، ج2، ص262،منشورات مكتبة الهدى مطبعة النجف الاشرف.