35/03/20


تحمیل
الموضوع:المنهج السياسي لمدرسة أهل البيت عليهم السلام
يعتقد البعض ان بين ماذكرناه بالأمس وبين ماذكرناه قبل ذلك فيه نوع من التهافت والتدافع وكليهما مرتبط بالمنهج السياسي لمدرسة أهل البيت (عليهم السلام) فذكرنا أمس ان مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) لاتستبيح دماء الكفار الاّ ان يكون هذا الشخص معتدي
فمن أدلّ الأدلة الضرورية على ان مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ليس دمويا هو الحكم الذي اتفق عليه علماء الامامية بالضرورة وهو ان الأسير بعد الحرب لايقتل وان كان مرتكبا للقتل فلايجوز تكليفا قتل الأسير فكيف بمن هو ليس بأسير من الكفار كالكافر المسالم وبهذا نص من علماء الامامية لاتقولوا لمن القى اليكم السلام لست مؤمنا [1]فمعناه ليس فقط اذا كان مسلماً بل اذا كان مسالما أيضا، وهكذا وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه ذلك بأنهم قوم لا يعلمون[2] فهذا من ضروريات مذهب أهل البيت (عليهم السلام) فالأصل عندنا في الانسان لايقتل تكليفا الاّ ان يكون معتدي فان المعتدي تكليفا يباح دمه
ولذلك فقد وقع لغط كبير بالنسبة لغزوات النبي (صلى الله عليه واله) حول الجهاد الابتدائي، فهل غزوات النبي (صلى الله عليه واله) كانت دفاعية أو جهاد ابتدائي ثم ان فلسفة الجهاد الابتدائي تختلف عن العامة فان ضروريات الجهاد الابتدائي عند أهل البيت (عليهم السلام) تبيّن هذا المعنى فان فلسفة الجهاد الابتدائي هي لردع الحاكم المستبد وقلع الظلم والاستبداد من الأرض
فقاعدة السلم ليست هي قاعدة الاستسلام ولابد من الالتفات الى هذا ألامر المهم ففي رواية عمار الأحوص في أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشرح الامام الصادق (عليه السلام) ان دولتنا ليست كبني اُمية بالدجل والغيلة والكذب بل ان دولتنا وامامتنا تتسع بالعلم والحكمة والموعظة والخلق الحسن والوفاء والامانة، بل وهذه هي سياسة النبي (صلى الله عليه واله) فهذا البناء الذي اسسه سيد الانبياء (صلى الله عليه واله) لم يتركه سيد الاوصياء (عليه السلام) فانه لم يبقى جالسا
ولذا فنحن نخالف التعبير الذي يقول ان أمير المؤمنين (عليه السلام) بقي جليس الدار خمسة وعشرون عاما فهذه عبارة ليست صحيحة وكيف يكون (عليه السلام) جليس البيت وقد أعاد الى الامة نبضها وحيويتها وإرادتها وقد قلب الطاولة على مشروع السقيفة وهو المشروع الاموي
فبالتالي ان أهل البيت (عليهم السلام) لديهم استراتيجية التوسع لكنه ليس توسع دموي بل هو توسع بالبناء وتفشي العدل ومحاربة الظلم والظلام وأعدوا لهم ماستطعتم من قوّة [3]فان الشيخ المجلسي لايمكن لشخص ان يشكك في عمقه وبنيته في المذهب فهو كان شيخ الاسلام في الدولة الصفوية فهو الشيخ الأعظم الذي يدير الشؤون الشرعية والمراد من هذا الفعل هو كونه بنيان لأهل البيت (عليهم السلام) بل ذكر أكثر الفقهاء بأن الفقيه لو تمكن من إقامة كيان لأهل البيت (عليه السلام) فيجب عليه ذلك ويجب على المؤمنين مساعدته، فتفسير مسار المذهب نحاول أن نفسره طبقا لمسلمات المذهب
والتوفيف بين هذا المطلب وما ذكرناه قبل أمس فاننا ذكرنا قبل امس انه اذا كان هناك نسيج اجتماعي معين قاموا بعدوان وهو خيانة الأمن الاجتماعي وخيانة السلم المدني فهذا العدوان ليس عدوانا نظاميا معتادا بل قاموا بطريقة عدوانية خاصة وهي زعزعة السلم المدني ومنه نرى ان قاطع الطريق أو الشاهر للسلاح يعتبر محاربا لأنه يستفيد من قنوات السلم المدني الأعزل لخفر ذمة الدم أو العرض أو المال فلو جاء شخص غيلة وغدرا ويستفيد من هذا الغطاء للسلم المدني والامان فيستغلة للتفجير وسفك الدماء وهو ينتمي لنسيج حاضن له كبني النظير وبني قريضة وماذا فعل معهم رسول الله (صلى الله عليه واله) بأن أجلى رسول الله (صلى الله عليه واله) بني قريضة وبني النظير وفي بني قريضة قتل مقاتليهم
وكمثال أخير ذكرنا ان معاوية عندما أراد عقد الصلح مع الامام الحسن (عليه السلام) فأول شرط شرطه الامام الحسن (عليه السلام) على معاوية (لعنه الله) هو ان أخي الحسين (عليه السلام) لايدخل بهذا العقد فان الفتح في النسيج المدني يصعب علاجه لذا فان العقوبة التي قررها دين الاسلام للذي يغدر السلم المدني هو أعلى عقوبة
وهذا لاينافي ان منهاج أهل البيت (عليهم السلام) سلمي وليس استلامي فان هذا هو الآخر يصنف في حالة العدوان