35/04/04


تحمیل
الموضوع:قاعدة الجب الصغير
كنّا في بحث قاعدة الجب الصغير وانتى البحث الى الرواية الثالثة
الرواية الثالثة: ما رواه الشهيد الأول في الذكرى نقلا من كتاب الرحمة لسعد بن عبد الله الأشعري مسندا عن رجال الأصحاب ورواة أيضا الكشي نفسه بسند متصل آخر عن عمار الساباطي لايقع فيه سعد بن عبد الله، فنلاحظ ان هذه الرواية قد رُويت في كتابين مستقلين عن عمار الساباطي بطريقين مختلفين ونستطيع ان نقول بمدرستين روائيتين فان مدرسة سعد بن عبد الله هي مدرسة روائية قميّة ومدرسة الكشي هي مدرسة روائية بغدادية
فان مايقال من ان الوثوق بالصدور قد يكون في الطرق والاّ فان سند الكشي المتصل ليس موثقين وان لم يكونوا مضعّفين بل لم يوثقوا فان نفس الرواية يرويها الشهيد الأول عن كتاب الرحمة المشهور لسعد بن عبد الله وقد بقي حتى بعد الشهيد الأول عن رجال الاصحاب عن عمار الساباطي فهذا يعبر عنه بالوثوق بالصدور فلاينحبس تعديل الطريق بسلسلة سند الموثقين فقط وهو الفرق بين خبر الثقة وخبر لموثوق به، وأما متن الرواية:
ما رواه الشهيد الأول في الذكرى نقلا من كتاب الرحمة لسعد بن عبد الله الأشعري مسندا عن رجال الأصحاب عمار الساباطي قال: قال سليمان بن خالد وهو يقة وكان زيديا فاستبصر وكان ممن ثار مع زيد الشهيد وقطعت يده في تلك المعركة ثم استبصر الى امامة الامام الصادق (عليه السلام) لأبي عبد الله ( عليه السلام ) وأنا جالس: إني منذ عرفت هذا الأمر أصلي في كل يوم صلاتين، أقضي ما فاتني قبل معرفتي، قال: لا تفعل فإن الحال التي كنت عليها أعظم من ترك ما تركت من الصلاة[1] هنا قد يتخيل من هذه الرواية انها دالة على عدم وجوب قضاء الصلاة ولو كانت الصلاة متروكة وفائته ايام الضلالة، فظاهرها الاولي والبدوي ان قاعدة الجب الصغير شاملة لموارد ترك الصلاة أيضا وليست مختصة بموارد إتيان الصلاة
ولكن الشهيد الأول حملها ونعم الحمل من ان المقصود هنا فاتني قبل معرفتي فيعتبر ان الخلل في اركان وشرائط الصلاة السابقة يعتبره فوت لها لا انه يريد ان يقضي مافاته، فربطه الفوت بالمعرفة يعني انه يريد الفوت بسبب عدم المعرفة وهو الفوت الحاصل من جهة الخلل بالاركان والشرائط بسبب تعدد المذهب وليس الفوت بسبب ترك الصلاة، وهذه قرينة لاباس بها ومتينة
فالرواية ليست معارضة او ليست تعمم قاعدة الجب لموارد ترك الصلاة بل ايضا تخصص لموارد ماأتى بالصلاة على غير مذهب الحق حتى لو كان الاختلاف بيننا وبينهم في الاركان كما بالنسبة للوضوء حيث انهم يغسلون ويمسحون على الخف فلا تتحقق الطهارة ولكن مع ذلك يصححه الشارع
وهذا مما يدلل على ان الصلاة مراتب والاّ فان الاختلافات الركنية بيننا وبينهم ليست قليلة ولكن مع ذلك فان الشارع يصححها اجمالا وهذا لايختص في الصلاة بل في الصوم كذلك حيث ان إفطارهم عند سقوط القرص مثلا وغير ذلك من مبطلات الصوم واختلافها بين الفريقين وهكذا الحج وهذا مما يدلل على ان هذه الاعمال لها مراتب وقد اكتفى الشارع منهم بالمراتب النازلة ترغيبا لهم بالبصيرة والهداية
فاتضح ان الصورة الاولى في المسألة هي ما لو ترك الاعمال واستبصر فيجب عليه القضاء، والصورة الثانية ما لو أتى بما يوافق مذهبه ويخالف مذهبنا فتصح منه اعماله بمقتضى قاعدة الجب
الصورة الثالثة: هي ما لو خالف مذهبهم وجاء بالأعمال وفقا للمذاهب الاخرى أو وفقا لمذهبنا فقد مرّ بنا ان الاصح هو تصحيح الصلاة أيضا خلافا للماتن والأعلام، وذلك لما مرّ من انهم يعتقدون في مذهبهم بأنه ليس مؤدى مذهبم نفي صحة المذاهب الاخرى كما انه لو وافقت صلاته صلاة الامامية وقد تاتى منه قصد القربة فلا وجه لدعوى انصراف عمومات قاعدة الجب عن ذلك خلافا للماتن وعليه فكل هذه الصورة نعتبرها مشمولة لقاعدة الجب
ثم انه لو استبصر قبل خروج الوقت فالصحيح أيضا عموم شمول قاعدة الجب له كصحيح الفضلاء عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) انهما قالا في الرجل يكون في بعض هذه الأهواء الحرورية والمرجئة والعثمانية والقدرية ثم يتوب ويعرف هذا الأمر ويحسن رأيه أيعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أوليس عليه إعادة شئ من ذلك؟ قال ليس عليه إعادة شئ من ذلك غير الزكاة، لا بد أن يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها وإنما موضعها أهل الولاية[2]فهنا التعبير بالاعادة شامل حتى للوقت
فالصحيح ان عموم قاعدة الجب شامل لكل هذه الموارد مع ان لفظ القضاء اصطلاحا في الروايات هو المعنى اللغوي يعني مطلق الفراغ والانتهاء من العمل وليس المراد منه اداء العمل خارج الوقت
ولو كان ناصبيا أو من الفرق المحكوم بكفرها لكنه منتحل للاسلام ثم استبصر فالصحيح شمول الروايات له بل نصت الروايات بذلك كالناصبي والحروري فان الحرورية محكوم بكفرها لانهم يكفرون ويعادون أمير المؤمنين (عليه السلام) ولذا أخيرا استجد لنا ان الذي يكفر الشيعة في الحقيقة يندرج في الناصبي الاصطلاحي فان الناصبي على درجات وان الدرجة التي لايحكم بها على ظاهر الاسلام هو الذي يعلن العداوة جهارا وعلنا ضد أهل البيت (عليهم السلام) وهذا هو رأي المشهور
نعم جملة من القدماء عندهم ان بقية أنواع الناصبي الذي يبطن العداوة لأهل البيت (عليهم السلام) لايصح النكاح منه ولاتحل ذبيحته وان حرم دمه وماله كما ذهب اليه أبو الصلاح الحلبي وغيره
فالصحيح كما ذكره غير واحد من الاعلام ان الناصبي المصطلح فضلا عن غير المصطلح اذا استبصر وهداه الله ورجع الى الحق فان اعماله ايام نصبه أيضا صحيحة وهذا الكلام ليس فقط في النواصب بل لكل انكار ضروري من ضروريات الدين، وان انكار ضروريات الدين على درجات وليس على درجة واحدة
فالمحصّل ان ظاهر روايات قاعدة الجب تشمل الناصبي الجلي والجبري الجلي والمجسم الجلي والمفوض الجلي والفرق المنحرفة الجلية التي حتى يحكم عليها بانها خارجة عن ظاهر الاسلام فهذه لو استبصرت لصح أعمالها التي اتت بها حال ضلالها، وهذا دليل على مبنى القدماء من ان منتحل الاسلام حكمه غير حكم الكافر