35/06/16


تحمیل
الموضوع:النيابة عن الأحياء والأموات
كنا في صدد قراءة روايات الطائفة الثالثة الواردة في إهداء الثواب للأحياء والأموات وقد قرأنا روايتان صحيحتان ووصلنا الى الرواية الثالثة
صحيحة موسى بن القاسم الخشاب البجلي، عن علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن موسى (عليه السلام) عن الرجل يشرك في حجته الأربعة والخمسة من مواليه؟ فقال: إن كانوا صرورة جميعا فلهم أجر، ولا يجزي عنهم الذي حج عنهم من حجة الاسلام، والحجة للذي حج [1] فمع انه قد نواها عن أربعة أو خمسة من موالية الاّ انه (عليه السلام) فسرها بمعنى الآجر فكأنما النيبابة في المندوبات بمعنى الأجر فسواء جعلت الإضافة في العمل معهم قبل العمل أو بعده فأن الأجر يذهب لهم
فحقيقة النيابة في المندوبات ترجع الى الاشراك في العمل بلحاظ ثوابها فالأصل الأولي في المندوبات عن الأحياء أيضا هو صحة النيابة مطلقا فضلا عن الأموات
ومرّ بنا ان العبادة ذات ستة مراتب كما يظهر من بحث باب الحج وانّ أعلى مرتبة هو أن يأتي الإنسان بالعمل العبادي لنفسه من نفسه غير مستعينا بأحد تماما وهذا أعلى مراتب العبادة، فلو نقصت بعض قيود المراتب العليا فان المراتب الأقل والأدون تضاف الى المكلف نفسه من دون مباشرة ومرّ ان التسبيب هو نفس الاُخّوة الايمانية، فالنيابة في المندوبات عن الأحياء قابل للتصوير فهي تفتقد المباشرة فقط سيما مع عدم تمكن المنوب عنه من المجيئ بها مباشرة شبيه بالذي ورد في الطواف بل ان نفس مجموع الحج والعمرة يسوغ نيابة وان كان المنوب عنه في مكة
والصحيح خلافا لمتأخري الإعصار ان في المندوبات النيابة موسع أمرها سيما إنما هي إضافة بلحاظ الأجر
ورواية الحارث بن المغيرة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) وأنا بالمدينة بعد ما رجعت من مكة: إني أردت أن أحج عن ابنتي، قال: فاجعل ذلك لها الآن [2] وهذا الجعل بعد ان أتم الحج ورجع الى المدينة وهو إهداء الحج وليس الثواب، وهذا يدل على ان النيابة في المندوبات موسع جدا وان حقيقة النيابة في المندوبات أدنى الإضافة بين العمل والمنوب عنه من النائب وثمرته الثواب
وفي مرسلة الصدوق في الفقيه قال رجل للصادق (عليه السلام): جعلت فداك، إني كنت نويت أن أدخل في حجتي العام أبي أو بعض أهلي فنسيت، فقال (عليه السلام): الآن فأشركها [3]مع ان الإشراك بعد العمل عند المعاصرين أو متأخري الأعصار بمعنى إهداء الثواب بينما مفاد هذه الرواية ان نفس النيابة في المندوب قبل العمل هو إشراك، والإشراك الآن هو اشراك، فيظهر ان النيابة في المندوبات ليس من البعيد كما ذهب اليه السيد ابن طاووس تختلف عن النيابة في الفرائض فان النيابة في الفرائض متعينة باضافة خاصة وهي النيابة والتنزيل قبل العمل في النية وأما في المندوبات فمطلق الإضافة بين العمل والمنوب عنه
موثق إسحاق ابن عمار، عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال سألته عن الرجل يحج فيجعل حجته وعمرته أو بعض طوافه لبعض أهله وهو عنه غائب ببلد آخر، قال: فقلت: فينقص ذلك من أجره؟ قال: لا، هي له ولصاحبه، وله آجر سوى ذلك بما وصل، قلت: وهو ميت هل يدخل ذلك عليه؟ قال: نعم، حتى يكون مسخوطا عليه فيغفر له، أو يكون مضيقا عليه فيوسع عليه، فقلت: فيعلم هو في مكانه أن عمل ذلك لحقه؟ قال: نعم، قلت: وإن كان ناصبا ينفعه ذلك؟ قال: نعم، يخفف عنه [4] وهذا من المجربات فان المجيئ بالعبادة نيابة عن جميع شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) من الأولين والآخرين له خواص خاصة في القرب من أمير المؤمنين (عليه السلام) كما ان الدعاء لجميع المسلمين والمسلمات المستضعفين الذين لايؤمنون بالجبت والطاغوت فان الدعاء لهم يقرب من رسول الله (صلى الله عليه واله) فالنيابة في المندوبات لها وسع وسيع
صحيحة علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رجل يعطى خمسة نفر حجة واحدة، يخرج بها واحد منهم، لهم أجر؟ قال: نعم، لكل واحد منهم أجر حاج، قال: فقلت: أيهم أعظم أجرا؟ فقال: الذي نابه الحر والبرد، وإن كانوا صرورة لم يجز ذلك عنهم، والحج لمن حج [5] فالعمل يُنسب بنحو الفريضة والأداء فقط لمن حج
وكأن باب النيابة في المندوبات ليس وقعه وقع العمل المجيئ به مباشرة بل باب النيابة في المندوبات يعني المراتب الناقصة من العبادة فيكتب له أجر لكن ليس أجر بعظم أجر المباشر الذي هو المرتبة العليا من العمل العبادي، فحقيقة النيابة أنها مراتب ناقصة من العبادة يؤجر عليها ولايرخص بها في الفرائض مع القدرة أما في المندوبات فلا أقل في الموارد التي لايمكن للأحياء الإتيان بها فلا مانع من تشريع المراتب الناقصة في المندوبات مطلقا
وفي المندوبات قد يكون اشكال متأخري الأعصار أو المشهور في مشروعية النيابة في مطلق المندوبات هو انه لايجزي عن الحي ولاتغني المرتبة الناقصة بل لابد من المرتبة العليا، وللبحث تتمة