35/06/20


تحمیل
الموضوع:يعتبر في صحة عمل الأجير والمتبرع قصد القربة
مسألة 2: يعتبر في صحة عمل الأجير والمتبرع قصد القربة وتحققه في المتبرع لا إشكال فيه وهذا متبرع فهو خالص ومخلص لوجه الله وليس بداع مادي
وأما بالنسبة إلى الأجير الذي من نيته أخذ العوض فربما يستشكل فيه، بل ربما يقال من هذه الجهة أنه لا يعتبر فيه قصد القربة بل يكفي الإتيان بصورة العمل عنه لكن التحقيق أن أخذ الأجرة داع لداعي القربة، [1]فيريد بذلك ان يقول ان العوض المالي داعي طولي وليس داعي عرضي، فان الداعي العرضي ينافي الاخلاص بخلاف الداعي الطولي فانه لاينافي الاخلاص لأنه في نفسه خالص مخلص ونقي فلا مانع من ان يثمر هذا الداعي شيء من المال
كما في صلاة الحاجة وصلاة الاستسقاء، حيث إن الحاجة ونزول المطر داعيان إلى الصلاة مع القربة[2]فالداعي غير القربي اذا كان طوليا مع الداعي القربي فلا اشكال فيه غاية الأمر ان سببه الأمر المادي وهذ لامانع فيه
وشبيه ذلك قالوا لو توضئ في الصيف لأجل التبريد أو في الشتاء بالماء الدافي لأجل التدفئة فلامانع منه لو كان الداعي في الحالتين طولي
وان التمييز بين الداعي العرضي والداعي الطولي مهم بإعتبار ان الداعي الطولي لايضر معه قصد القربة بخلافه في العرضي فإنه يضر، وان أحد ضوابط التمييز ان في الداعي الطولي الترتب موجود فإن الرزق في صلاة الحاجة لايتحقق الاّ بعد ان يأتي بالصلة قربة الى الله تعالى فهنا واضح ان الرزق وليد ومعلول لقربية الصلاة
ويمكن أن يقال: إنما يقصد القربة من جهة الوجوب عليه من باب الإجارة فنفس الإجارة فيها أمر فالإجارة مؤكدة لقصد القربة ولداعي فان أخذ العوض لايتم الاّ بقصد الأمر الإجاري، فالعوص فرع الوفاء بالاجارة والوفاء بالاجارة فرع الامر الموجود بالوفاء بالاجارة ومعه فيتحقق الاجر والعوض
ودعوى أن الأمر الإجاري ليس عباديا بل هو توصلي مدفوعة بأنه تابع للعمل المستأجر عليه فهو مشترك بين التوصلية والتعبدية[3]فإذا تعلق الأمر الإجاري بالعبادة فلا محالة يكون عبادي وان كان غير عبادي كخياطة الثوب فهو أمر توصلي
وان الأوامر عندما تقسم الى تعبدية وتوصلية فهو باعتبار مقام أدائها وليس بلحاظ مقام إمتثالها والفرق بينهما هو ان الأداء يعني ان الأمر الإجاري لو كان خياطة الثوب فهو يتحقق بدون قصد القربة فاذا أنجز الخياطة فإن الأمر الإجاري يسقط وهذا السقوط بالأداء وليس بالامتثال ومن ثم قالوا ان الأمر الإجاري هنا توصلي
وهناك مقولة عن الاصوليين والفقهاء وهي ان امتثال كل أمر لابد ان يكون بقصد الأمر أي بالنحو التعبدي فالنفقة للزوجة توصلي لكنك اذا أردت ان تمتثل الأمر الشرعي المتوجه اليك من الشارع من نفقة الزوجة والأولاد والعيال فلابد ان تقصد هذا الأمر لكي يحصل الإمتثال أما اذا أتيت بالتوصليات لابداعي الامر فتكون اداء ولاتكون امتثال وهذا بخلاف العباديات فلابد من قصد الامر فالعبادات لاتقصد الاّ بقصد الامر
وقد صور الاصولييون الأداء في العباديات فقالوا ان الصلاة مثلا يأتي بها المكلف بقصد القربة لكنه يأتي بها بداعي آخر غير أمرها مثل أمر الوالد الذي أمرني الله بطاعته فالصلاة هنا مجمع لأمرين وهو الله تعالى مباشرة ومن جهة ثانية ان الله أمرني أن اُطيع والدي فهنا تكون عبادية، الاّ بالنسبة لبعض العبادات التي يكون أمرها مشدد
فالمقصود انه لابد من الالتفات الى هذه التقسيمات في أبواب الفقه فلدينا أداء ولدينا عبادة وان امتثال كل أمر في الشريعة حتى في التوصليات لابد فيه من قصد الأمر وإلاّ فهو أداء وليس امتثال
فالحق مع السيد اليزدي وهو ان الأوامر التوصلية تحقق العبادية كما في التعبدية وذلك لأن امتثال الأمر بنفسه يحقق العبادية فان الامتثال هو الذي يوجب الثواب وهو يتحقق بالقصد القربي نعم الأداء لايحقق العبادة، فالامر الإجاري يحقق العبادة اذا قصده
ولكن هل ان الاجرة هنا تخرب النية أو لاتخربها فلابد من الاعتماد على الجواب الأول وهو الأمر الطولي
هنا السيد الخوئي حاول اضافة جواب آخر قفال هنا ان الأمر الجاري خالص لأنه يستطيع ان يأتي بالحج لنفسه فإن الذي يدعوه لنية النيابة هو الأمر النيابي والإجاري لكي يحل له العوض فإندفاع الأجير من الأمر الإجاري خالص فانه لايطلع عليه أحد ولايحل له العوض الاّ بالأمر الإجاري ويترتب على الوفاء بالأمر الإجاري حلية الأجر فتكون حلية الأجر مؤكدة للعبادية وليست هي منافية
وهذا الجواب جيد إجمالا إلاّ انه يحتاج الى تميم ماذكرناه سابقا، فنقول ان نقطة الحل هي ان العابد والمكلف اذا توجه الى الباري تعالى فبما ان الباري مهيمن وان العوض والأجر منه تعالى وان النار والعقوبة منه تعالى فيكون الإنبعاث عن إرادته تعالى ليست مقدمة توسطية لما هو أهم وأكبر منها وهو الحاجة الدنيوية والاُخروية بل جُعلت الحاجة الدنيوية والاُخروية تحت سلطانه وعنايته وعطائه ورحمته وهذا لاينافي الوهية الاله ولاينافي عبودية العبد مع ربوية الاله وتتحقق العبودية لأنه يستمطر الحاجة من ربوبيته تعالى فان الحاجة ليست ند له ولاكفو له وانما العبد الفقير يستعطي مولاه ويستمطر عليه مولاه وهذا معزز للعبودية والربوبية فان الله يحب ان يدعى بكل صغيرة وكبيرة لتكون أزمة الامور كلها بيد الله تعالى
فالطولية تعني ان الباري هو منتهى النهايات وهذه الحاجات سواء الدنيوية أو الاُخروية فرع له وهذا لاينافي العبودية ولاشريك للعبودية ولاند للعبودية وهذه هي عمدة النقطة التي نريد التركيز عليها في صحة الاجارة في النيابات والوفاء بالإجارة