35/06/26


تحمیل
الموضوع:يجب على من عليه صلاة وصيام أو غيرهما من الواجبات أن يوصي بها
كان الكلام ان الواجبات التي تبقى في ذمة الميت على أقسام أربعة: واجبات بدنية تكليفية محضة، وواجبات مالية كالصوم والصلاة، وواجبات مالية تكليفية غير وضعية كوجوب الكفارات أو نفقة الأقارب، وواجبات مالية وضعية تكليفية كالزكاة والخمس، وواجبات مالية وضعية لحقوق الناس كالديون
ومرّ ان الأعلام في استثناء هذه الواجبات من التركة تحت عنوان الدين على اختلاف أقوال أربعة، فالسيد اليزدي وهو الصحيح فانه يدرج كل هذه الواجبات في الدين، وقسم يدرج المالية الثاني والثالث والرابع، وقسم يدرج الثالث والرابع المالية الوضعية لله والمالية الوضعية للناس، وقسم كالسيد الخوئي وجماعة فقط يدرج القسم الرابع فلولا الدليل فلايخرج الزكاة ولاالحج ولاالخمس من أصل التركة وان كان السيد الخوئي في مكان آخر يعتبر الخمس والزكاة من الدين مع غض النظر عن النص الخاص
فان السيد الخوئي وبقية الأعلام يرى ان في الزكاة والخمس هل المجعول أولا وبالذات التكليف والوضع تبع له أو ان المجعول هو الوضع والتكليف تبع له ويترتب على هذا البحث فروعات كثيرة، فلو قيل ان المجعول فيها ابتداء هو التكليف فإن التكليف مرفوع عن الصبي وأما اذا قيل ان المجعول في الخمس والزكاة الوضع فان الوضع لافرق فيه بين الكبير والصغير فيترتب الأثر على كون المجعول ابتداء التكليف أو الوضع
ثم ان هذه الاولية والثانوية في وضع الخمس والزكاة فيها معنين، فتارة يعني أيهما مجعول والثاني مجعول انتزاعا وتبعا بانتزاع العقل وليس مجعول حقيقة واصالة كالجزئية المجعولة وضعا بتيع انتزاع حكم العقل من الأمر بذات الجزء فينتزع منه العقل الجزئية أو الشرطية، وقد يكون العكس كاعتبار الشارع المكلية للغير يترتب عليه الحرمة فالبعض يقول ان هذه الحرمة وهي حرمة التصرف في مال الغير ليست حرمة تكليفية مجعولة بالأصل بل بالتبع والانتزاع
وهناك معنى اخر للأصلي والتبعي ليس الانتزاعي بل كليهما مجعول بجعل مستقل الاّ ان أيهما قد اُخذ موضوعا لآخر وهذا معنى آخر للأصلي والتبعي وهو معنى مؤثر أيضا وهذا المعنى وان لم يكن انتزاعي الاّ انه اذا ارتفع موضوعه فيرتفع وان ثبت فيثبت وان لم يكن انتزاعي
إذن باب الزكاة والخمس نموذجا وليس حصرا فيهما فما هو المجعول فيه أولا هل هو الوضع أو التكليف كي يحرر البحث في المقام أو غيره من المقامات ليندرج في البحث في القسم الثاني أو القسم الثالث أو في القسم الثاني والثالث
نخوض الآن في خصوص القسم الثالث والثاني وبعد ذلك نخوض في القسم الأول فالبحث في المسألة على مقامين، المقام الأول: بحث كبروي وهو ان أي قسم من الأقسام الأربعة يخرج من أصل التركة وان لم يخرج من أصل التركة فانه يخرج منها بعنوان الوصية من الثلث إن أوصى الميت والاّ فلا، المقام الثاني: البحث الصغروي وهو بعد تحديد الكبرى نقول ان الواجب في هذا الباب يندرج في أي قسم من الأقسام الأربعة
أما القسم الثالث: وهو الذي يكون الجعل فيه واجب مالي وضعي وتكليفي وهذا لاوجه لإخراجه عن عموم الدين كما ربما يلاحظ من بعض كلمات السيد الخوئي فهو على نسق بقية الوضعيات اعتبره الشارع ملكا فهو يُخرج من أصل التركة
أما القسم الثاني: وهو الواجب المالي التكليفي المحض وليس مالي فالصحيح انه يخرج من أصل التركة لما سنقرر من وجوه متعددة عند البحث في القسم الأول من الواجبات البدنية المحضة التكليفية انها تخرج من أصل التركة
أما البحث الصغروي فهو في خصوص النذر والكفارات وحجة الاسلام وهذه الأمثلة قد ذكرها الماتن، فالنذر بغض النظر عن الروايات الخاصة ففيه اختلاف هل هو من القسم الثاني أو من القسم الثالث
السيد الخوئي وتلاميذه وأكثر متأخري العصر يعتبرون النذر من القسم الثاني بمعنى انه من الواجبات المالية المحضة بتقريب انه لابد من الوفاء بالنذور باعتبارها من التكاليف سواء نذر الفعل وهو الحكم التكليفي بالفعل أو نذر النتيجة وهو نذر الأمر الوضعي، فظاهر كلام السيد الخوئي (قده) على كلا التقديرين نذر الفعل ونذر النتيجة يعتبره تكليفي
بينما مشهور طبقات المتقدمين والسيد الحكيم يعتبرونه من القسم الثالث فهو مالي وضعي لله تعالى وهو الصحيح فالنذر مطلقا وضعي سواء نذر الفعل أو نذر النتيجة والشرط كله وضعي سواء شرط الفعل أو شرط النتيجة غاية الأمر في شرط النتيجة ونذر النتيجة الوضعية مركزة ومؤكدة، والدليل هو مقتضى مفاد حرف (لام) لله علىّ ان أفعل فهذه الإضافة للام في شرط العقود أو في النذر هي لام وضعية وليست تكليفية لأنها تمليك فيندرج في القسم الثالث وهو المالي الوضعي