35/06/27


تحمیل
الموضوع:هل مفاد النذر وضعي أو تكليفي
بعد ان تنقحت لدينا جملة من الكبرويات وهو القسم الرابع والثالث من الواجبات المالية الوضعية تخرج من التركة وستأتي النصوص على توسعة الدين الى الدين المالي الوضعي الالهي كالزكاة والخمس
وكما مرّ فان الأشهر بل مشهور المتقدمين يبنون على ان النذر مفاده وضعي وليس النذر تكليفي محض سواء كان من قبيل نذر الفعل بمعنى ان متعلق النذر هو فعل من الأفعال أو من قبيل نذر النتيجة بمعنى ان متعلق النذر هو الأمر الوضعي، فالكلام هنا ان نفس النذر كمحمول مفاده وضعي بغض النظر عن ان متعلقه فعل أو متعلقه نتيجة وهو الوضع فنفس النذر كمحمول مفاده وضعي لأنه لله تعالى فقبيل ان يكون تكليفي هو وضعي وهذا هو الصحيح كما هو في الشروط في كل المعاملات والإيقاعات
فالكلام هنا ان مفاد الشرط والنذر وهو محموله هل هو وضعي أو تكليفي محض؟ السيد الخوئي وتلاميذه يصرون على انه تكليفي محض، بينما المشهور شهرة عظيمة وهو الصحيح ان مفاد الشرط ومفاد النذر محموله وضعي وتكليفي وليس هو تكليفي محض وتترتب عليه آثار وفوائد كثيرة
وتقدم سابقا انه هل يصح ان يكون متعلق النذر أو متعلق الشرط نتيجة بمعنى المفاد الوضعي؟ الصحيح انه يصح كما عليه المشهور، لكن الذي يظهر من كلمات السيد الخوئي ومن جماعة انه لايصح
المهم ان المشهور أو الأشهر قائلون بأن نذر النتيجة صحيح وشرط النتيجة صحيح كما ان شرط الفعل صحيح وان حقيقة النذر وحقيقة الشرط مفاد وضعي وتكليفي وليس تكليفي محض
إجمالا بالنسبة الى خروج الحجة المنذورة من أصل التركة هو محل إتفاق الأصحاب عدى صاحب المدارك وبعض متأخري العصر كالسيد الخوئي فانه يقول بإخراجه من الثلث لأن مبناه ان النذر ليس وضعي وليس بدين فلا يخرج من أصل التركة وإنما أخرجه من الثلث للنص الوارد في ذلك
الشيخ الطوسي في التهذيب والمحقق الحلي في المعتبر وابن سعيد في الجامع وأبو علي ابن الشيخ الطوسي فهؤلاء الأعلام الأربعة ذهبوا الى ان الحجة المنذورة تخرج من الثلث وليس من اصل التركة، أما الروايات الواردة في البين والخاصة في الحج المنذور
صحيح مسمع بن عبد الملك البصري قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كانت لي جارية حبلى فنذرت لله عز وجل ان ولدت غلاما ان أحجه أو أحج عنه، فقال: ان رجلا نذر لله عز وجل في ابن له ان هو أدرك ان يحج عنه أو يحجه فمات الأب وأدرك الغلام بعدُ فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الغلامُ فسأله عن ذلك فأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ان يحج عنه مما ترك أبوه[1] هنا أمر (صلى الله عليه واله) ان تخرج الحجة من أصل المال وأصل التركة
لايخفى ان الناذر تارة ينذر الحج وهو نذر الفعل وتارة ينذر ان يُحجج عنه بمعنى انه يبذل مالا للاستنابة وهذا وهو تعلق النذر بالمال أوضح بأنه وضعي
صحيحة ضريس الكناسي قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل عليه حجة الاسلام نذر نذرا في شكر ليحجن به رجلا إلى مكة فمات الذي نذر قبل أن يحج حجة الاسلام ومن قبل أن يفي بنذره الذي نذر، قال : إن ترك مالا يحج عنه حجة الاسلام من جميع المال، واخرج من ثلثه ما يحج به رجلا لنذره وقد وفي بالنذر، وإن لم يكن ترك مالا بقدر ما يحج به حجة الاسلام حج عنه بما ترك، ويحج عنه وليه حجة النذر، إنما هو مثل دين عليه [2] فقد حكم (عليه السلام) بالإخراج من الثلث وليس من الأصل، فمع انه (عليه السلام) حكم بإخراج النذر من الثلث كوصية الاّ انه (عليه السلام) نزّل النذر في ذيل الرواية منزلة الدين، أو يقال انه (عليه السلام) قال في هذه الرواية إنما هو مثل الدين وليس بدين
فقد يقال ان هذه الرواية من جهة الذيل جيدة لكن الصدر في الرواية لايخدم المطلوب، وقد ورد هذا الذيل في الزكاة على الميت في موثق عباد بن صهيب حيث علل (عليه السلام) إخراج الزكاة من أصل التركة في تلك الموثقة أيضا بنفس التعليل وهو (انما هو بمنزلة الدين) لكن صدر الرواية وهو الإخراج من الثلث يتدافع مع الذيل ويتدافع أيضا مع صحيحة مسمع التي تقدمت
صحيح عبد الله بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): رجل نذر لله ان عافى الله ابنه من وجعه ليحجنه إلى بيته الله الحرام، فعافى الله الابن ومات الأب، فقال: الحجة على الأب يؤديها عنه بعض ولده، قلت: هي واجبة على ابنه الذي نذر فيه؟ فقال: هي واجبة على الأب من ثلثه، أو يتطوع ابنه فيحج عن أبيه[3] وهذه الرواية أيضا تدل على ان حجة النذر تخرج من الثلث، بالنسبة للصحيحة الثانية والثالثة رغم انهما تعينان الإخراج من الثلث إلاّ انهما تفيدان في المقام
ووجوه الجمع بين هاتين الصحيحتين والصحيحة الاولى فقد قال البعض ان صحيحة ضريس وصحيحة عبد الله بن ابي يعفور معرض عنهما ولم يعمل بهما المشهور بل عمل المشهور بالصحيحة الاولى وهو إخراج المنذورة من أصل التركة
لكن هذا العلاج قد يخدش بأن الشيخ في التهذيب عمل بها وكذا أبو علي ابن الشيخ الطوسي قد عمل بها وهكذا المحقق في المعتبر ويحى سعيد في الجامع قد عملا بها فالاعراض ليس هو اعراض كلي نعم هو إعراض نسبي
وعلاج آخر وقد تبناه السيد الخوئي وجماعة وهو ان صحيحة ضريس وابن ابي يعفور نص على الثلث بينما صحيحة مسمع ليست نص على انه من أصل التركة فهي ظاهرة ظهور غير صريح وان الصريح يحمل على الظهور فتحمل صحيحة مسمع على الصحيحتين فالحج المنذور يخرج من الثلث
ولكن هذا العلاج مخدوش لأن مورد الصحيحة الاولى هو ان المعلق عليه تحقق قبل موت الناذر بينما مورد الصحيحة الثانية المعلق عليه لم يتحقق في زمان الناذر بل تحقق بعد الناذر فمات الذي نذر قبل ان يحج حجة الإسلام وقبل ان يفي بنذره، فمورد الصحيحة الاولى نذر غير معلق بينما نذر الصحيحتين الاُخرين موضوع معلق لم يكن فعليا
والثمرة هي ان النذر اذا كان منجزا فيكون دين وان لم يكن منجزا فيكون أشبه بالوصية