35/07/21


تحمیل
الموضوع:قضاء شهر رمضان دين في ذمة الميت
كان الكلام في الرواية الثانية وهي: موثق حماد عمن ذكره، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يموت وعليه دين من شهر رمضان من يقضي عنه ؟ قال: أولى الناس به، قلت: وإن كان أولى الناس به امرأة؟ قال: لا، إلاّ الرجال [1] وهذه الرواية الشريفة دالّة على المطلوب ويجبر سندها بتعاضدها مع روايات اخرى اطلقت الدينيّة على الواجبات البدنية القسم الأول والجبر عندنا ميزان كما هو المشهور خلافا للسيد الخوئي
ودلالة الرواية الشريفة في اطلاق الدين وهو (عليه السلام) لم ينف الدينية بل كأنما جارى وأقرّ السائل بأن هذا دين، وتكميل دلالتها على الدَينيّة سنذكرها في نهاية المطاف تبعا للماتن من ان الواجبات الشرعية على الميت كلها طرا تخرج من أصل التركة كما هو الحال في حجة الإسلام وليست على خصوص الولد الأكبر، وهذه مبنى السيد اليزدي صاحب العروة
ودلالة اخرى في الرواية ان الرواية لم تخص القضاء على الميت بالولد الأكبر بل العنوان عام وهو أولى الناس به والمراد به ليس كل من يرثه بالفعل لأنه قد ترثه النساء بالفعل مع الرجال مع انه (عليه السلام) قال الرجال فان أولى الناس به ليس كل الرجال، فهذا اللسان في هذه الرواية وروايات الباب هو لسان نفس الوارد في تجهيز الميت من غسله وكفنه ومواراته وتكفينه وغير ذلك، وقد قرر في محله ان المراد بأولى الناس به هو ان المسؤلية تقع على أولى الناس به سواء كان الولد الأكبر أو الأخ الأكبر أو الخال الأكبر وهكذا
وان الواجب على الولي هو الولاية وليس الواجب عليه نفس العمل بل الواجب عليه الاشراف فقط فان الاصل الاولي ان تكون المؤنة على الميت لأن الدليل ساكت عنها فتجب على من اشتغلت ذمته بالأصل وهو الميت لذا، فان المشهور لم يفهموا في باب تغسيل الميت ان الواجب هو على أولى الناس بالميت حصرا بل ان الوجوب الكفائي بتغسيل الميت لاينافي الوجوب الولوي على الولي لأنه وجوب إدارة وقيادة لاوجوب نفس العمل
فان الأب والام يجب عليهما رعاية الطفل ولكن هذا لايعني ان مؤنة الطفل من لابد ان تكون من الأب والاُم مع وجود المال الكثير للأولاد فان اللازم على الأبوين الرعاية وليس أصل النفقة لازمة عليهما
فان اولى الناس به هو لسان الرعاية ولسان الولاية ولسان التولية وليس لسان ايجاب العمل في ذمة الولي وهو نفس اللسان الذي فهمه المشهور، فالتدبر في كلمات الفقهاء الكبار ايقضتنا الى هذه النكتة من ان هذا اللسان ليس هو لسان ايجاب بمعنى ان ما اشتغلت به ذمة الميت على الولي بل هو لسان ايجاب الرعاية والتولية على الولي تجاه الميت بأن يفرغ ذمته، وبين هذا المعنى والمعنى الذي استفاده متاخروا العصر بينهما بون شاسع
معتبرة الوشاء، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إذا مات رجل وعليه صيام شهرين متتابعين من علّة فعليه أن يتصدق عن الشهر الأول، ويقضي الشهر الثاني [2] والشاهد في هذه الرواية هو ان صيام الشهرين المتتابعين هي كفارة عمل بدني محض فبالموت لاتسقط الكفارة عن ذمة الميت بل ان ذمته شاغلة الى الآن وهذا الأمر مسلم بين الفقهاء من ان الواجبات البدنية المحضة لاتسقط عن ذمة الميت بالموت، كما ان الرواية تدلل على ان الواجب المالي هذا يتحول بان يتصدق عنه من ماله، وهذا البحث مرتبط بالصوم
هنا لو كان الواجب البدني المحض في ذمة الميت ليس له رائحة المال فكيف يكون البدل وهو الفرع أشد من الأصل من باب مناسبات الحكم الموضوع؟ فمن الواضح ان هذا الواجب البدني غير المالي وهو التكليفي المحض تكون صورته الأولية واجب تكليفي محض بدني غير مالي لكن طبيعته متعلقة حتى بالتسبيب بالإيجاد بالمال
وهذا الذي مر تقريبة في كلمات القدماء من ان الواجب الذي يلزم المكلف بإيجاده أعم من المباشرة والتسبيب يعني فيما يعني تعلقه بالمال فطبيعته ليست بدنية محضة بل اللازم إصداره إما بنفسك أو بالمال بأن يصدر من غيرك نيابة عنك فالتصدق لابد ان يخرج من أصل مال الميت، وقد حُمل التصدق على نفس التصدق أو كما حمله الشيخ على الاستيجار في الصيام والاستيحار للصلاة غاية الأمر اعتبر الشارع هذه الاُجرة والتسبيب انفاق في سبيل الله تعالى
فهذه الروايات في باب الصوم وأمتثالا أو بأنوع الصو او في باب الصلاة سواء حملت على لسان كثيرين من انه نفس الصدقة بما هي هي أو حملت على ما استظهره الشيخ الطوسي وهو الأقرب بان المراد بها الاستيجار للصوم والصلاة وليس معنى نفس التصدق
وقرينة اخرى على ان الصحيح ما استظهره الشيخ هو ان ذمة الميت في هذا الأوان مشغولة بالصوم والصلاة ومعه فان أمكن إيجاد نفس الصلاة فلايمكن ان يصار الى التصدق فانه واجب آخر مع كونه قادرا على الأصل، فتكون هذه النصوص دالة بالمطابقة على المطلوب وليست دالة بالالتزام بمعنونة هذه القرائن على المطلوب وكونها مطابقة لنفس المدعى
وقد تقدمت كلمات الكثير من المشهور ممن أفتى بالتصدق عن الصوم أو عن الصلاة لورود الروايات الكثيرة في ذلك وهذه الروايات كما استظهر الشيخ انها تحمل على المطابقة للمطلوب لا أنها في باب التصدق والبدل بل في نفس الأصل
رواية علي بن أبي حمزة البطائني وان الراوي عنه واقفي وقد ذكرنا مرارا بأن الراوي عنه ان كان اماميا فالرواية معتبرة وان كان ابن البطائني ملعون الاّ ان رواية الامامي عنه دالة على ان الرواية أيام استقامته، وقد رواها الصدوق بسنده عن محمد بن أسلم ويعبر عنه بالجبلي وهو الطبري فإن شمال ايران يعبر عنها في الروايات ببلاد الجبل والمعروف عدم توثيق أسلم ولكن له روايات كثيرة جدا فهو ليس نكرة بل يروي عنه الاصحاب كثيرا ولعلنا وقفنا في فترة على قرائن تدل على حسن حاله، وقد طعن عليه البعض بانه قومي وشعوبي لكنه قد يستظهر انه امامي، وكون الشيخ الصدوق يجعله في المشيخة هو دليل على انه يروي عنه كثيرا
رواية علي بن أبي حمزة، عن أبي الحسن موسى (عليه السلام) قال: قلت له: جعلت فداك رجل قتل رجلا متعمدا أو خطأ وعليه دين و (ليس له) مال وأراد أولياؤه أن يهبوا دمه للقاتل؟ قال: إن وهبوا دمه ضمنوا ديته فقلت: إن هم أرادوا قتله؟ قال: إن قتل عمدا قتل قاتله وأدى عنه الامام الدين من سهم الغارمين، قلت: فإنه قتل عمدا وصالح أولياؤه قاتله على الدية، فعلى من الدين؟ على أوليائه من الدية؟ أو على إمام المسلمين فقال: بل يؤدوا دينه من ديته التي صالحوا عليها أولياؤه، فإنه أحق بديته من غيره[3] وهذه الرواية في الأصل ليست واردة في الواجبات البدنية بل هذه واردة في أولوية دين الميت ان يخرج من تركته من أن يأخذه ورثته
ويخرج الدين من تركته باعتبار فإنه أحق بديته من غيره فهذا تعليل منه (عليه السلام) بأنه أحق من غيره من الورثة وهذا يشمل كل الواجبات لأنه أحق، فالدين الوضعي المعهود يقدم في تفريغ ذمة الميت من أصل الميت مقدما على الورثة لأن الميت أحق واولى فيشمل كل الأقسام ولايختص بهذا القسم الرابع والاولية علّة مطردة تبين معنى الدين بان المراد منه ليس الدين الوضعي المالي بل مطلق شغل ذمة الميت لتفريغ ذمته، ومفاد هذه الرواية متين فلابد من مراجعة سندها