35/08/03


تحمیل
الموضوع:الواجبات البدنية دَين
صحيحة بن ابي يعفور وقد مرت سابقا في وجوب حجة الاسلام، بن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): رجل نذر لله ان عافى الله ابنه من وجعه ليحجنه إلى بيته الله الحرام، فعافى الله الابن ومات الأب، فقال: الحجة على الأب يؤديها عنه بعض ولده، قلت: هي واجبة على ابنه الذي نذر فيه؟ فقال: هي واجبة على الأب من ثلثه، أو يتطوع ابنه فيحج عن[1]
فنلاحظ هذه الصحيحة في حين يقول (عليه السلام) الحجة على الأب يؤديها عنه بعض ولده فيؤديها أمر في حين هناك أمر بأداء الابن على الأب لكن هذا الأمر ليس معناه ان الإبن مشغولة ذمته بنفس الفعل كما هي فتوى المعاصرين بل هي بمعنى انه مسؤول بتفريغ ذمة ابيه وليس يعني انه مشغول الذمة
ففتوى المعاصرين في الحج ليس الولد الأكبر ملزما بنفس حجة الاسلام بل هو ملزم بإخراج الحجة من التركة بينما في الصلاة والصيام قالوا بأن الولد الأكبر أو الولي مخاطب بنفس الفعل مع ان روايات الحج أكثر فكيف تكون حجة الاسلام وتيرتها غير وتيرة الصلاة والصيام، وعليه ففي الصوم والصلاة لابد للولد ان يفرغ ذمته
ولكن الحال ليس كذلك باعتبار ان اللسان واحد والجعل جعل واحد فأصل تعلق الواجب حسب هذه الصحيحة وحتى صحيحة مسمع وضريس هو من باب التولية والتدبير وان الفعل ليس في ذمة الولي أو الولد الأكبر بل ان الفعل لازل في ذمة الميت وان الولي أو الولد الأكبر يدبّر ويتولى تفريغ ذمة الميت من ماله ومن ثلثه، وان الواجب يبقى على حاله في ذمة الميت ويتحقق تفريغه بتوسط النيابة والاستنابة التي عبارة عن ايجاد الفعل الفائت بالمال
وان المثال في هذه الرواية هو مثال للحج وليس خاص بالحج بل يشمل ويعم كل الواجبات البدنية فاللسان هو على هذا الوزان لجميع الواجبات البدنية
وقد مال الطبرسي في مجمع البيان الى انه يُستأجر عن الميت من أصل ماله في الواجبات البدنية ولو كان له ولي وهكذا لو لم يكن الوارث قابلا لذلك فيفعل ذلك باعتبار ان الوارث لو لم يستأحر للميت في واجباته البدنية من التركة فللحاكم ان يلزم الولي والورثة لأن حق الميت مقدم على حق الورثة
وصحيحة محمد بن مسلم، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: سألته عن رجل أدركه رمضان وهو مريض فتوفي قبل أن يبرأ ؟ قال: ليس عليه شئ ولكن يقضي عن الذي يبرأ ثم يموت قبل أن يقضى[2] من دون قيد الولي
فقد تمسك الأردبيلي بهذه الصحيحة وقال ان المخاطب بتفريغ ذمة الميت ليس حصريا بالولد الأكبر أو الولي وان أكثر الروايات في باب الصوم والصلاة تذكر الولي وليس الولد الأكبر بينما صحيحة محمد بن مسلم هذه لم تذكر الولي ولا الولد الأكبر بل قالت يقضى عنه فهو واجب كفائي بمعنى ان هذا الشأن راجع الى مال الميت وتركة الميت فمن باب الحسبة يُخرج هذا الدين الالهي من ماله
ومرّ ان الحلبي أيضا يبني على ذلك بمعنى انه حمل الروايات الواردة في الصوم على انه في باب الصوم أو الصلاة يتصدق عن الميت بمعنى انه يستأجر عن الميت وليس بمعنى ان الصدقة بدلا عن الصوم أو الصلاة بل يستأجر عنه للصوم والصلاة وهكذا الشيخ الطوسي فقد حمله على التصدق بمعنى الاستيجار عن الميت
ومر انه ليس ببعيد ان يقال بمعنى الاحتياط بأن الشيخ والشيخة يتصدقان عن كل يوم بمد بمعنى الاستيجار عن أنفسهما لا التصدق الذي افتى به المشهور شهرة عظيمة فقد فسر بعض القدماء التصدق في باب الصوم بهذا المعنى، وان تم هذا الاستظهار من الشيخ الطوسي في المبسوط والحلبي فهذا يكون شاهدا واضحا على ان الملزم في ذمة الميت في باب الصوم والصلام هو التسبيب منذ عجزهما
وقد ذهب استاذنا الميرزا هاشم الآملي خلافا للمشهور فقد ذهب الى ان الشيخ والشيخة وغيرهما من أمثالهما يصومان بقدر قدرتهما فالضرورات تقدر بقدرها كما بالنسبة لذوي العطاش وكان يقول بانه غير مجزي ولابد لهما من التصدق الاّ انه كان يقول بان حرمة تناول المفطر يشملهما بقدره
فتتحصل وجوه عديدة تدل على هذه القاعدة نلتزم بها من أن الواجبات البدنية المحضة أو الواجبات المالية التكليفية المحضة فضلا عن الواجبات المالية الوضعية الالهية كالخمس والزكاة وفضلا عن دين الناس، فالواجبات البدنية المحضة أو الواجبات المالية البدنية المحضة كالكفارات فالصحيح فيها ان الولد الأكبر أو الولي ليس مشغولا بالذمة في نفس الفعل بل الولي أو الولد الأكبر مشغول الذمة بتفريغ ذمة الميت من ماله
فليس المخصوصو هو خصوص المباشرة بل الاعم وتترتب على هذا المدعى احكام كثيرة في باب الصوم والصلاة والاعتكاف والنذر والكفارات فللولد الأكبر ان يخرج هذا الواجب من تركة الميت وليس هو على محض الولد الاكبر بل على مطلق الولي ذلك، والدليل على هذه الدعوى التي هي خلاف مبنى المعاصرين بل خلاف دعوى متأخري الاعصار عدة شواهد:
منها: اطلاق يقضى عن الوارث في باب الصوم والصلاة، ومنها: اطلاق الدين عليه في جملة من الروايات وسنبين ان هذا الدين ليس دينا تنزيليا بل حقيقيا وذلك لان ذمة الميت لازالت مشغولة حتى مع العجز عن المباشرة وان الواجب في الاصل هو الاعم من المباشرة والتسبيب وماورد في الحج ان نفس اطلاق الدين كونه يخرج من ماله وبالنسبة لاطلاق الدين عليه ماورد في رواية الدية للميت من ان الورثة لايمكنهم إسقاط الدية للميت في قتل العمد اذا كان الميت مديون، وما ادعي من ان الاستثناء في آيات الإرث منصرف الى دين الناس وليس لمطلق الدين جوابه بهذه القرائن، ومنها: ماورد في خصوص حجة الاسلام من ان اللسان واحد وان التكليف لايختلف منعكسا في باب الصوم والصلاة وان الروايات غير خاصة بالولد الأكبر، ومنها: ذكر عنوان الولي دليل على ان العنوان تولية وليس نفس العمل، وغير ذلك من الوجوه الموجوة في تضاعيف كلمات القدماء
لذا ففي باب الصوم والنذر والصلاة والكفارات واليمين تبقى ذمة الميت مشغولة وحكمها الإخراج من أصل التركة ووجود المتبرع لابأس به اما مع عدم التبرع فيكون إخراجه من أصل التركة، وسياتي انه على وفق هذا المبنى الذي نتابع فيه جملة من القدماء تترتب عليه اثار عديدة تختلف في الفتوى والحكم على ماعليه المتأخرين