35/08/16


تحمیل
الموضوع:لو علم الوصي علما قطعيا بفراغ ذمة الميت
في نهاية المسألة السادسة وهي الصورة الاخيرة:لو علم فراغ ذمته علما قطعيا فلا يجب وإن أوصى به، بل جوازه أيضا محل إشكال[1] نعم ذكرنا ان هناك من استدل على عدم الجواز بموثق ابي بصير الوارد في المرأة ابي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن امرأة مرضت في شهر رمضان وماتت في شوال فأوصتني أن أقضي عنها ؟ قال: هل برئت من مرضها ؟ قلت : لا، ماتت فيه، قال: لا تقضي عنها، فان الله لم يجعله عليها، قلت: فاني أشتهي أن أقضي عنها وقد أوصتني بذلك ؟ قال : كيف تقضي عنها شيئا لم يجعله الله عليها، فان اشتهيت أن تصوم لنفسك فصم[2] ومرّ ان الاستدلال محل تأمّل ومخدوش باعتبار ان مورد المرأة في عدم تكليفها بالاداء في مقابل من استدل برواية صفوان وعبد الله بن جندب وعلي بن النعمان بقضاء أحد منهم الباقي عن الاخرين وقلنا ان هذا الاستدلال أيضا محل تامل باعتبار انه ليس استدلال بقضاء ماقد أدّوا من الصوم والصلاة والزكاة وانما هو بمعنى نفس البر والاحسان من جنس الصلاة والصوم والزكاة فكلا الاستدلالين المتعاكسين محل تأمل
المهم اننا قد وصلنا الى بحث تبديل الإمتثال فتارة نحتمل الخلل في النية وقلنا ان صرف الاتيان بالعمل خارجا لايحقق الجزم بالفراغ الوجه الأول في مشروعية نفوذ الوصية الاحتمال فالمشروعية تدور مدار الإحتمال
أما لو بني على عدم الإحتمال فمرّ بنا ان مراتب القبول متعددة وللانسان ان يستبدل مرتبة دانية من الأداء والقبول بمرتبة أعلى ان هذا وآرد في الصلاة ومنصوص عليه كما فيمن صلى فرآدى وأراد إعادتها جماعة فيعيدها بعنوان انها الظهر مفترضة مع ان الإعادة هنا ندبية فقد إجتمع الندب هنا مع الفريضة بأعتبار ان الخصوصية الفردية مستحبة لكن الطبيعة فريضة كما في الصبي الذي يأتي بالصلاة اليومية فان اللازم عليه ان ينوي الفريضة مع انه لم يجب عليه حيث انه لم يبلغ بعدُ
ففيما نحن فيه ان في تبديل الامتثال وان كان توخي تكرر الامتثال غير ملزم الاّ انه يمكن ان يكون التكرار ندبي لكن نفس الطبيعة فريضة فهذا غير ممتنع وهو أمر متصور فبالنسبة للوصية مشروعية فيمكن ان يستبدل الامتثال الذي أوقعه بعنوان فريضة فيمكنه ان يعيده باعادة مستحبة لكن الطبيعة واجبة
لايقال ان الميت قد انقطع زمان التكليف فيه، وجوابه ان الميت لم تنقطع ذمته ولازمان التكليف بالنسبة اليه فالأداء قد زال لكن القضاء موجود فلو لم يمتثل اداء فتبقى ذمته مشغولة الى ان يقضى عنه وهذا من الاعمال التي تلحق الميت فالافعال مستحبة لكن الطبيعة بنفسها هي أمر واجب
فتكرار الطبيعة الواجبة أمر ندبي ووجود الفرد المكرر هو أمر مستحب وهذا الأمر يتصل بالبحث المتقدم قريبا من ان الطبيعي في جنس العبادات جامع بين المندوبات والواجبات فرجحان أصل الصيام يعني انه أعم من الفريضة والندب وكذا بالنسبة للصلاة ومعه فلايمكن الجزم بعدم مشروعية الوصية حتى لوكانت الذمة قد فرغت بمعنى ان مقتضي الفراغ موجود لكن يمكنه احراز إمتثال الأرفع فان الله تعالى يختار أحبهما، وعلى هذا قرينة عقلية وشواهد نقلية
فمن الشواهد العقلية هو ان الأعمال البدنية للانسان ليست علل دفعية للملاكات سواء المصالح أو المفاسد وإنما هي علل اعدادية فتكون هناك فترة تراخي زماني بين وجود العمل وتحقق ملاك العمل فإن الاعدادت يمكن تبديلها على مقتضى القاعدة، شبيه أمر المولى باتيان الماء فقبل شرب المولى أو استعماله لو أتيت بماء بديل أفضل من السابق فالعقل يحكم تلقائيا برجحان وأفضلية الماء الجديد الأكمل لأن المفروض ان طبيعة الفعل إعدادي فهو معد للغرض فبينه وبين حصول الغرض توجد فترة زمانية تراخي يمكن تبديله بالأحسن
ففي العلل المعدة غالبا يمكن التبديل طبقا للقاعدة الأولية نعم لايمكن في العلل الإيجادية في المجردات أما في الماديات الغليظة فهي علل معدة فبالتالي يمكن تبديل الامتثال وهذا مبحث سيّال مهم، ولعلّ ماورد من ان الله يمهل العبد منّة منه على المعصية ساعات هو بهذا اللحاظ
وهذا أصل مطرد في أعمال الانسان البدنية من انها علل معدة فيمكن تبديل الامتثال وعلى هذا فمشروعية الوصية في محلها وهذا وجه اختيار القبول الأرقى والأكمل
ووجه آخر قد يرجع الى هذا الوجه وهو للشيخ الأنصار فهو يرى ان تبديل الامتثال سيما في الأجزاء الضمنية على مقتضى القاعدة كما لو قرأ المكلف سورة فلولم يرد دليل خاص على المنع في القران بين السورتين فالأصل الأولي صحة تبديل الامتثال، وذكر الشيخ في الرسائل ان عنوان مانعية الزيادة والنهي عن الزيادة في الصلاة والأعمال العبادية الاخرى لايشمل تبديل الامتثال لأن تبديل الامتثال ليس بعنوان الزيادة، أو قل ان التبديل ليس بقصد ان المبدل والبدل كليهما من الصلاة فالزيادة تتحق فيما اذا كان القصد للأداء الأول للجزء والأداء الثاني للجزء من الصلاة أما مع قصد التبديل فيقول الشيخ ان عنوان الزيادة لايصدق لأنه لايوجد قصد للزيادة الاّ ان يوجد دليل يعم المنع عن مطلق التكرار كما ورد ذلك في الركوع والسجود، والاّ فمقتضى القاعدة عند التبديل عدم صدق الزيادة على مجموع لأن المكلف قد رفع اليد عن العمل الأول وبدّله بالعمل الثاني
فالصحيح ان الوصية بالاعمال نافذة لو سلمنا باشكال السيد اليزدي لأن هذه الوصية هي وصية البر والطاعات فان لم تنفّذ الوصية في هذا الوجه الذي هو من وجوه البر والطاعات فلابد ان تنفذ الوصية في الوجه الأقرب فالأقرب لوجوه البر والطاعات فتعطيل الوصية في غير محله
مسألة 7: إذا آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حج فمات قبل الإتيان به فإن اشترط المباشرة بطلت الإجارة بالنسبة إلى ما بقي عليه، وتشتغل ذمته بمال الإجارة إن قبضه فيخرج من تركته، وإن لم يشترط المباشرة وجب استئجاره من تركته إن كان له تركة، وإلاّ فلا يجب على الورثة كما في سائر الديون إذا لم يكن له تركة، نعم يجوز تفريغ ذمته من باب الزكاة أو نحوها أو تبرعا[3]فيجوز تفريغ ذمة الميت من باب الزكاة أو تبرعا لأن أحد الأصناف الثمانية لمستحقي الزكاة هو المديون
وهذا المبنى هو التفصيل بين بطلان الاجارة وصحتها وهو ان اشترط في الاجارة المباشرة فتبطل الاجارة بقاءً أي من حين الموت لأن العوض غير مقدور على تسليمه وأما اذا لم يشترط المباشرة وهو الأعم من المباشرة والتسليم فالاجارة صحيحة، وهذا المبنى في التفصيل في الاجارة هو مبنى المعاصرين ففي باب الاجارة لو اشترط شرط مرتبط بالاجارة وليس من الشرط الضمني وامتنع فتبطل الاجارة، ولابد من بسط هذا المبحث