34/07/14


تحمیل
 الموضوع: لو سلّم الذمي على مسلم فالأحوط الرد بقوله: عليك
 كنّا في مسألة ابتداء السلام من المسلم أو المؤمن على الكافر حيث ذكر الماتن انه طبقا لجملة من الأخبار هو الحرمة الاّ لضرورة وفد أفتى بذلك جملة من الفقهاء ولكن أكثر الفقهاء ذهبوا الى الكراهة
 مسألة 32: مقتضى بعض الأخبار عدم جواز الابتداء بالسلام على الكافر إلا لضرورة، لكن يمكن الحمل على إرادة الكراهة وإن سلم الذمي على مسلم فالأحوط الرد بقوله: عليك أو بقوله: سلام من دون عليك
 وقد ذكرنا سابقا جملة من الروايات الواردة في النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وقد مرّ انها ترجع الى اصول قرانية
 وان هذه المسألة ليست خاصة بالسلام بل ترتبط بنظام التعامل والتعايش مع الكفار بالاسلام أو الكفار بالإيمان فإن القران الكريم قيد عيّن جملة من الضوابط للتعايش والتعامل معهم
 وان الأصل الأول هو الآية الكريمة في سورة البراءة [1] ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم فهنا أن يستغفروا للمشركين ليس تعاطيا دنيويا بل هو تعاطي بلحاظ الآخرة
 وأصل آخر وهو [2] لاينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين
 وهنا أصل آخر أيضا وهو في سورة المجادلة [3] لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون
 فعندنا قرآنيا أربعة طوائف من الآيات وهذه الطوائف الأربعة متوازنة
 وهذا السلم المدني من التعايش القراني لايدعو لتفجير الموقف معهم بينما المتشددون الآن يحاولوا التخلص من الطرف الآخر برفع حصانة دمه وماله وعرضه فيقوم بالقتل والتفجير والأرهاب لأنه يكفّر الطرف الآخر ومعه فيستبيح منه كل شيء ويقوم بقتله
 هناك باحث استراتيجي سعودي منظّر من الطراز الأول اعترف بأن أوّل من شرّع الإرهاب هو ابو بكر وعمر فقد شرعا رفع حصانة الدم والعرض والمال عن كل من يخالفهم قويا بالرأي بينما نفس هذا الباحث يعترف بان الامام علي بن أبي طالب (عليه السلام) لم يكن كذلك وهذا يعني ان أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الذي جمع بين هذه الاصول القرانية فمن جهة يقول له أنت على ظلال ومن جهة فإن هذا لايعني نسف العشرة المدنية مع بعضهم البعض بل يتعايش معه بسلمية
 لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله فتارة لاتظهر الكراهة ولاتظهر البراءة لكن لايصح إظهار الولاء فان مراعاة الإخوّة من جهة الإسلام هو يعني عدم العدوان بل هو السلم بينهما وان اصول السياسة الدولية قائمة على هذا المعنى فقد توصلوا الى ان أنضج مسار في التعايش الدولي هو ان يكون للكل قوّة ردع ومع ذلك يكون التعايش بسلام
 وللأسف توجد ضوابط خاطئة متفشية حتى في الوسط العلمي الخاص فإن سيرة أهل البيت (عليهم السلام) بلسانهم نراهم (عليهم السلام) يغضون الأطراف الاخرى لأجل التعايش والإحسان المدني وليس هو إحسان ديني أو إحسان اُسري أو إحسان ولاء فليس هو ولاء روحي فان هذا الأمر غير مسوغ عندنا في الشرع نعم التعامل المدني محلل ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى فان عدم إثارة الفتنة معهم لايعني اعطائهم صكوك النجاة في القيامة وهذا هو من الإفراط أو التفريط
  لاتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله فاذا كان العداء مع الله ورسوله وأهل البيت (عليهم السلام) فلايمكن فتح جسور للمحبة والولاء معهم
 فلايصح إغرائهم بالجهل تجاه مسيرهم الاخروي وبعبارة اخرى تصحيح فعلهم ومسيرهم الاخروي فهذا غير صحيح نعم التعايش المدني معهم هو ممكن بأن يكون السلام بالمدلول المداراتي وليس بالجدي من باب التعايش المدني
 الروايات الدالّة على الجواز
 ان أصعب أنواع الإجتهاد هو الاجتهاد بمعنى الاستخراج وهو أضبط وانفع لعلم الفقه وهو كما عبّر المحقق العراقي بأن الاجتهاد الفقاهتي هو اُسلوب العجزة بالقياس الى الاجتهاد الاستكشافي وكذا بالنسبة للفقية الذي يعتمد على الاصول التشريعية فان استنباطه أحكم وأتقن من الفقيه الذي يعتمد على الأدلة الاجتهادية الطريقية
 هنا عندما نقرأ روايات الجواز وروايات النهي فلانعالجها كما دأب عليه المتأخرون من حملها على الكراهة فان هذا جمع ساذج وبسيط في الاجتهاد أما اذا أرجعنا هذه الطوائف الناهية مع طوائف الجواز وعرضها على الاصول التشريعية للكتاب والسنة فسيكون الجمع بين النهي والجواز ليس بالحمل على الكراهة بل سيكون الجمع هو القول بالتفصيل كما سيتبيّن لنا ذلك


[1] سورة البراءة، الاية 113
[2] سورة الممتحنة، الاية 8
[3] سورة المجادلة، الاية 22