34/07/15


تحمیل
 الموضوع: لو سلم الذمي على مسلم فالأحوط الرد بقوله: عليك
 كنا في مسألة ابتداء السلام على الكافر هل هو مكروه أو حرام؟
 الروايات الدالة على الجواز
 صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج [1] قال قلت لأبي الحسن (عليه السلام) أرأيت ان احتجت الى طبيب وهو نصراني اسلم عليه وادعو له؟ قال نعم لاينفعه دعائك وهذا يعني انه لامعنى لقصد هذا الدعاء جدا لأنه محضور وممنوع فالتحية تكون بقصد الإرادة الاستعمالية وليست الإرادة الجدية
 فهذه الصحيحة ليست في صدد الترخيص مطلقا بل في صدد الترخيص بنحو غير جدي بمعنى التحية الصورة
 وهذا ما يعزز مامر من الاصول التشريعية القرانية الأولية بان التعايش والتعاطي مع الكفار سواء الكافر بالاسلام أو الكافر بالايمان هو محكوم بضوابط معينة قد مرت
 فهذه الصحيحة ليست في صدد تسويغ وترخيص التحية بنحو الجد كي نحمل تلك على الكراهة كما فعل المتأخرون بل العكس فان هذه الصحيحة متناغمة مع الضوابط التي مرت بنا من الايات
 معتبرة ابي بصير [2] قال سئل ابو عبد الله (عليه السلام) عن الرجل تكون له الحاجة الى المجوسي أو اليهودي او الى النصراني او ان يكون عاملا أو دهقانا فيكتب اليه الرجل في الحاجة العظيمة أيبدأ بالعلج ويسلم عليه في كتابه وإنما يصنع ذلك لكي تقضى حاجته؟ فقال اما ان تبدأ به فلا ولكن تسلم عليه في كتابك فنعم فان رسول الله (صلى الله عليه واله) كان يكتب الى كسرى وقيصر ولكن النبي (صلى الله عليه واله) عندما كان يكتب الى كسرى وقيصر كان لايبتدأ السلام اليهم بل كان يكتب (صلى الله عليه واله) السلام على من اتبع الهدى وهذا هو نفس المفاد
 فالابتداء به شفاها لايجوز وهذه الرواية لاتدل على الترخيص وتتناغم بان الإرادة الجدية لاتسوغ معهم
 ورواية جابر الجعفي [3] عن الامام أبي جعفر الباقر (عليه السلام) حيث يسرد فيها (عليه السلام) دخول النبي (صلى الله عليه واله) على كفار قريش عند أبي طالب فعندما دخل النبي (صلى الله عليه واله) برسم المجاملة والتحية لم يخاطبهم بالسلام وإنما قال السلام على من اتبع الهدى وهذه تعزز ماقلناه من ان هذه الروايات المجوّزة لاتجوز الإرادة الجدية وإنما تجوز الاستعمال الصوري
 مصححة محمد بن [4] عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال قيل لأبي عبد الله (عليه السلام) كيف أدعو لليهودي والنصراني؟ قال تقول بارك الله لك في دنياك وهو يعني عدم الدعاء الجدي في الآخرة
 فهذه الروايات المرخصة اذا دققنا فيها فنلاحظ انها ليست مرخصة للإرداة والدعاء الجدي في ابتداء التحية بل ترخص في التحية الصورية والاستعمالية وان المراد الجدي غيره بل وحتى هذا المقدار من التحية الصورية الاستعمالية لايبادر اليها الاّ مع الحاجة
 وهنا أصل قراني آخر بالنسبة للتعاطي مع الكفار وهو (التوليف) كما في اعطاء الزكاة للمؤلفة قلوبهم وهو التعاطي والتعاشر لغاية الاُلفة
 وان من غايات الاُلفة هو جذبهم للإسلام والايمان فالالفة لأجل جذبهم للإيمان هو أمر سائغ
 ومن الغايات الاخرى للاُلفة هو الغاية الدنيوية كما لو كان بين المسلمين والطرف الآخر مصالح كوجود العدو المشترك أو تبادل الامور والخدمات الدنيوية فهذا لامانع منه
 وان هذا الأصل لايتضارب مع الاصول الشرعية الاخرى المذكورة في الآيات المباركة
 فظهر ان ابتداء التحية على الكافر أو غير المؤمن جدا لايجوز وإنما بنحو التحية الصورية كما مر
 وأما الرد كما لو قال الكافر السلام عليكم فهل يُجاب بعليكم السلام بنحو الإرادة الجدية في التسليم؟ ولايخفى ان حكم الابتداء أشد من حكم الجواب
 الروايات الورادة في حكم الرد
 صحيح أو موثق زرارة [5] عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال تقول في الرد على اليهودي والنصراني سلام فهذا المفاد يعني عدم الجواب الحقيقي بالارادة الجدية بل هو إقتصار على السلام فان الارادة الجدية هو دعاء وهو غير جائز للكافر
 صحيحة محمد بن مسلم [6] عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال اذا سلم عليك اليهودي والنصراني والمشرك فقل عليك فبلحاظ المفاد الجدي ليس هو بدعاء ولاتحية جدية وهو مطابق للأصل القراني
 صحيح زرارة [7] عن أبي جعفر (عليه السلام) في قصة دخول اليهود على النبي (صلى الله عليه واله) فلم يجيب سلامهم بل كان يجيب وعليك والمهم ذيل الرواية وهو قول النبي (صلى الله عليه واله) فاذا سلم عليكم مسلم فقولا سلام عليكم واذا سلم عليكم كافر فقولوا وعليك وهذا يعني التحية الصورية نظير مامرّ
 ونفس هذا المضمون والألفاظ ورد في موثقة سالم بن مكرم [8]
 فالملاحظ هنا ان روايات الرد كلها تضمنت ان الرد بالتسليم الكامل والتام بالنحو الجدي غير جائز بل في الجواب حتى التحية الصورة ليست تامة بل يكون الجواب بـ (سلام) أو (عليك) بهذا المقدار فقط فهو تعايش صوري دنيوي وليس هو من التعايش والدعاء الاخروي
 فهذه العمومات غير متخالفة وغير متدافعة مع بعضها البعض من الطوائف بل متطابقة مع الاصول القرانية التي مرت بنا من التعايش المدني مع الكافر بالاسلام أو الكافر بالايمان فهو مطلب واحد
 بالنسبة للتعايش مع اهل الخلاف فهناك تعايش مدني انساني معهم وهناك تعايش صوري اسلامي معهم من دون الولاء الايماني معهم كالصلاة في جنائزهم عيادة مرضاهم فالتعاطي مع المذاهب الاخرى عن الأديان الاخرى يكون في هذه الزيادة وهو التعاطي الصوري في الشعائر الإسلامية معهم
 بقي في المقام جهتين نؤجلهما الى الدرس القادم انشاء الله
 


[1] وسائل الشيعة، أبواب أحكام العشرة، الباب 53، الحديث الأول
[2] أبواب احكام العشرة، الباب 54، الحديث2
[3] أبواب أحكام العشرة، الباب 49، الحديث 7
[4] أبواب أحكام العشرة، الباب 53
[5] أبواب أحكام العشرة، الباب 49، الحديث 2
[6] المصدر السابق، الحديث3
[7] أبواب أحكام العشرة، الباب 49
[8] المصدر المتقدم