34/07/16


تحمیل
 الموضوع: ابتداء السلام على الكافر
 كنّا في مسألة ابتداء السلام على الكافر ويندرج هذا البحث من اصول تشريعية منحدرة من قاعدة وقانون في كيفية التعامل مع الكفار
 هناك اصول عديدة في القران الكريم بذلك وان اجماع نظام التعامل المستخلص من هذه الاصول القانونية هو ان الكافر يتعامل معه بحسب التعايش المدني الدنيوي أو بحسب المشتركات السليمة كالجانب الانساني وهو ان يتعاطى الانسان مع الطرف الاخر بحسب طبقات الصلاح فيه وهذا كضابطة عامة
 فالجهة المشتركة مع الكافر في الاسلام هو الجانب المدني فقط ومعه فلامحاباة لغير الجانب المدني فإن الاصول التشريعية القرانية والروائية تحرم ذلك ومنه المقام من الروايات الناهية عن ابتداء السلام أو الروايات المرخصة في السلام بأنها ليست مرخصة للدعاء جدا وحقيقة كما مرّ بل هي تحية صورية وتعايشية بلحاظ العقبى لأنه لايوجد جانب مشترك بين الكافر والمسلم
 ونفس هذا الكلام يجري مع أهل الضلال وهو الناصبي بكل أقسامه ودرجاته وان كانوا في الصورة هم مسلمون فما ورد في صلاة الميت بالنسبة لمن يؤمن بالجبت والطاغوت في الحقيقة ليس مختصا بصلاة الميت
 وهذه القاعدة العامة لطيفية يمكن تصيدها من اصول تشريعية قرانية عديدة ومن أبواب فقهية متعددة وهي ضابطة صناعية عامة لاتقول بالقطيعة التامة ولاهي تقول بالوصال التام بدرجة سداد الطرف الآخر
 وبعكس هذه القاعدة فان المؤمن اذا كان عنده شيء من العصيان الاخلاقي الفردي فلايجوز التبري من ايمانه نعم لابد من التبري من عمله الفاسد وان التبري من ايمانه شيء والتبري من عمله الفاسد شيء اخر وقد يكون الشخص من اهل الضلال ويحفظ له التعايش المدني مع انه قد يكون شخي من اهل الايمان ولكن لايحفظ له التعايش المدني وذلك باعتبار انه قد يكون اهل الضلال يراعي جهة التعايش المدني ولكن اهل الايمان لايراعي هذه الجنبة فالأمر ينعكس
 فالصحيح في المقام ان ابتداء السلام على الكافر لايسوغ وان افتى المتاخرين بالكراهة نعم السائغ هو التحية الصورية وليست الجدية وهذا البحث لايختص بالسلام
 بقي في المقام انه هل يجب الرد على الكافر بالايمان او الاسلام لو سلم
 فجملة من الأعلام استدلوا بالعمومات كما في المستمسك ومحشي العروة لكن صاحب الجواهر استظهر عدم الوجوب وهذاهو الصحيح بلحاظ المراد الجدي فان الاية واذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها او ردوها [1] فان التحية تصدق مع المراد الجدي الممنوع بالنسبة للكافر وهذا هو طبقا لمراد ومنطق القران الكريم فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره [2] فمن احسن دنيويا لابد من الإحسان له دنيويا
 أما التحية الازمة ردا فهي الدعاء بالسلام والأمن المطلق وهذه لاتسوغ للكافر ولا لأهل الضلال بنحو الإرادة الجدية
 نعم قد يجب الرد الصوري من عنوان آخر وهو عنوان المداراة ووئد الفتنة فيجب من باب حفظ الصورة الظاهرة وليس من باب التحية الواقعية والجدية
 فوجوب الرد بعنوان التحية ليس بلازم كما ذهب اليه صاحب الجواهر نعم بعنوان آخر قد تجب التحية الصورية لجهات وعناوين اخرى
 وجهة اخرى في البحث وهي جهة أخيرة
 حيث ان بعض الأعلام قد فصل في رد السلام على الكافر بين المصلي وغير المصلي فقال في المصلي لايجب الرد على الكافر وأما في غير المصلي فلابد من الرد على الكافر
 وهذا التفصيل غريب لأن المفروض كما مرّ بنا هو ان منشأ الترخيص في المصلي هو وجوب رد السلام وليس المنشأ في الترخيص لجواب المصلي فقط النصوص الخاصة فإن مفاد هذه النصوص الخاصة ان وجه الترخيص كما ذهب اليه القدماء هو وجوب ردّ السلام فان هذا التفصيل هو نوع من الإقرار والاعتراف بأن وجوب رد السلام على الكافر هو محل تأمل والصحيح عدم وجوب رد التحية الجدية بل لأهل الضلال عموما نعم بنحو الصورية هو راجح بلاشك
 مسألة 33: المستفاد من بعض الأخبار أنه يستحب أن يسلم الراكب على الماشي وأصحاب الخيل على أصحاب البغال وهم على أصحاب الحمير
 وهذا الاستحباب بالدقة ليس منشأه نفس باب التحية والسلام بل منشأه التواضع فان ذو الرتبة العليا ماديا ودنيويا يتواضع لمن دونه والاّ فاذا كانت التربة العليا رتبة معنوية فان ذو الرتبة الدانية يستحب له ان يحترم ابتداء لصاحب الرتبة العليا من حيث المعنوية
 والقائم على الجالس والجماعة القليلة على الكثيرة والصغير على الكبير ومن المعلوم أن هذا مستحب في مستحب وإلا فلو وقع العكس لم يخرج عن الاستحباب أيضا ونفس التسليم وابتداءه كما ورد في الروايات هو من التواضع


[1] سورة النساء، الاية 88
[2] سورة الزلزلة، الاية 7