34/07/22


تحمیل
 الموضوع: تعمد القهقهة
 كنا في بحث مبطلية الصلاة في القهقهة ووصلنا الى نهاية هذا المبحث حيث بنى الماتن على ان امتلاء الجوف ضحكا حكمه حكم القهقهة
 وهذه الصورة الأخيرة التي بنى عليها الماتن قد اشكل عليها جملة من المحشين حيث قالوا ان الوجود التقديري لايمكن ان يكون كالوجود الخارجي الحقيقي فهو كما لو حصر نفسه من البول وغير ذلك فان التقدير لايمكن البناء عليه حيث ان الوجود التقديري شأن ووقوع الشيء شأن آخر فلايمكن البناء على (لو) التقديرية
 لكن تقدم ان قاطعية القهقهة مرتبتين فمرتبة أصل القهقهة وهو قاطع تعبدي وتارة القهقهة تكون بشكل متسلسل وطويل فهذا الشكل الثاني حتى لو لم تكن القهقهة مبطلة فهذه تكون مبطلة لأنها ماحية لصورة الصلاة فكلام الماتن صحيح من جهة القهقهة التي هي مبطلة
 وان نطاق اثبات الأدلة المتعددة للشيء قد تكون تثبت الشيء نحو العموم والخصوص من وجه وهذا مهم في الأبواب الفقهية وهذا لابد من الالتفات اليه في اختلاف الأدلة المختلفة من ان الشيء الواحد قد تكون له مراتب وهذا يبيّن أهمية تعدد الأدلة وأهمية يقضة الإنسان الباحث في الالتفات الى الدليل الذي ثبت به الشيء ليكون دقيقا في تقرير نطاق ذلك الشيء وما أكثر ذلك سواء في الشبهة الحكمية أو الموضوعية
 هنا توجد رواية عن الامام الصادق (عليه السلام) مضمونها (ان القهقهة من الشيطان ولايرتكبها الأوصياء) وان صلة هذه الرواية بالبحث الفقهي هو بيان ان القهقهة فيها شدة ضحك ومد واغراق فكأنما يستولي على الانسان شيء آخر
 هنا نستفيد فائدة صناعة كلية فقهية من هذه القرينة وهي ان الفقهاء معروف عندهم ان الروايات الأخلاقية هي من شأن علم الأخلاق ولاصلة لها بالبحث الفقهي ومن مؤاخذات الفقهاء على الأخباريين هو ان الأخباريين لايميّزون بين المفاد الأخلاقي والمفاد الفقهي
 وهذه المؤاخذة من الاصوليين جرّت الى ان الروايات الاخلاقية تقصى وتبعد عن الإسهام في البحوث الفقهية تماما وهذه غفلة كبيرة وخطيرة
 ولكن المؤاخذة على الاصوليين هو ان كثيرا ما تكون الروايات الأخلاقية متضمنة للأحكام الالزامية نعم وان الموضوع الأصلي فيها هو أخلاقي ولكن زوايا الرواية والآية هي امور فقهية الزامية قد اعتنى بها المتقدمون وتركها المتأخرون فمنها ومن باب المثال الإتمام في جميع مشاهد المعصومين (عليهم السلام) فالمتقدمين من الاصوليين والأخبارين التزموا بذلك واستنبطوا ذلك من هذه الروايات الأخلاقية ولكن المتأخرون أبعدوا هذه الروايات عن الاستنباط باعتبارها روايات اخلاقية وهذه غفلة من المتأخرين باعتبارهم تعاطوا الابتعاد عن كل روايات الأخلاق وهجرهم لهذه الروايات مع ان هذه الروايات قد تكون مزجا بين الأحكام الأخلاقية والالزامية
 وفائدة اخرى في الروايات الأخلاقية مع غض النظر عن الفائدة الاولى وهي ان هذه الآية صحيح ان تمام مفادها هو أخلاق وآداب لكن مع ذلك يمكن منها استظهار قرينة الزامية لموضوع أو محمول الزامي فإنه دائما حكم الآداب والأخلاق غير مبتور وغير مقطوع عن الحكم الالزامي ويترتب عليه ان هذا الجار يكون قرينة شرعية على جاره فقد يبين الحد والحكم الشرعي الالزامي
 كما ان الرواية الأخلاقية صحيح هي مطبقة بتمام مفادها لكنها لاينافي كونها تشكل قرينة مجاورة لاستظهار الموضوع أو المحمول الكلي في الشبهة الحكمية لحكم الزامي مناسب مرتبط معاه
 وفائدة ثالثة مهمة وهي لو سلمنا ان هذه الرواية أخلاقية وليس فيها حكم الزامي ولاقرينة فيها ولكن أقل شيء فيها هو كيفية استعمال اللغوي أو استعمال الشارع وفوائد كثيرة اخرى في الأحكام اللزامية أتقنها المتقدمون وقد نسيها المتأخرون بسبب مؤاخذة صحيحة من الاصوليين على الأخباريين لكنها أدت الى هذه الغفلة