34/08/01


تحمیل
 الموضوع: الفعل القاطع الصلاة
 كان الكلام في الفعل الماحي أو القاطع للصلاة أو الفعل الكثير ومرّ ان هذا المنافي او القاطع كما اعترف به جملة من الأعلام ان المدرك لهذا المنافي هو شيء متصيّد
 فمثلا علماء الرياضيات قالوا ان كل الكون قائم على معادلات ومحاسبات رياضية الاّ اننا لم نستطع استكشاف كل هذه المعادلات والمحاسبات فان قدرت المخلوقات ليست بحيث تكتشف كل هذه الأسرار والقنوات التكوينية لا انه شيء خارج عن نظام السنة الالهية
 نعم المعصوم (عليه السلام) بإمكانه ان يستغني عن الفاظ الظاهر أي الفاظ بطبقات المعاني كانت ماتكون فبامكانه ان يتلو الفاظ تنزيل الكتاب حق تلاوته أي يأتي بقالب الألفاظ الوحيانية الظاهرية في كل مواطن التأويل وكل طبقات ومصاديق المعاني والحقائق وان غير المعصوم (عليه السلام) ليست له هذه الامكانية ومن ذلك ورد الترخيص بالنقل بالمعنى
 هنا نقطة ذكرناها مرارا في بحث الفقه والعقائد والتفسير وهي صحيح ان غير المعصوم (عليه السلام) ليس بامكانه الاكتفاء بالألفاظ المنصوصة في الظاهر لكل شعب المسائل لذا يستعين بألفاظ اخرى وهو ماعبّر عنه السيد البروجردي بالمسائل التفريعية لذا فالمراد من التفقه في الدين يعني ان يسبح الفقيه بالمعاني في عربة وسفينة الفهم
 ولكن الفاظ قالب الوحي أدق إتقانا وأضبط نظاما وأوسع شمولا وأرتب تسلسلاً فيغوص به الإنسان ولايقف به على الساحل ونذكر هنا بعض الروايات حيث ان الائمة (عليهم السلام) يذكرون آيات في مواقع صعبة فقهية أو معرفية فمثلا إبراهيم الليثي بالنسبة لأحد أخبار الدرر في الطينة يرويها الصدوق في آخر كتاب العلل حيث يأتي الامام (عليه السلام) بالآيات فيقول الراوي كأني لم أفقه الآيات قط وهذا شبيه الأسئلة المعقدة في الرياضيات وغيرها فبعد الجواب وذكر المعادلات السهلة والبسيطة يتبين مدى سهولة الجواب والمعادلة
 فإن استخدام قالب الوحي أكثر علمية وهو أرصن وأتقن وهو غور في المعاني وتدقيق في التطبيق والتناسبات فلو استطاع الفقيه ان يقتصر على الفاظ الوحي لكان أعظم في الإستنتاح لكنه ليس على النهج الحشوي بل على النهج الموزون فهو أعظم وهذا أمر أحببنا إثارته في التصيّد
 فلابد من الانفتاح في الاستنباط على طبقات المعاني بشرط مراعاة الموازين وهذا هو التصيّد وممن برع في التصيد من علماء الامامية بشكل جيد هم الشهيد الأول والشيخ جعفر كاشف الغطاء وهذا لايعني انهما ابتكرا أكثر قواعد التصيد بل ان الذي ابتكر قواعد التصيد هو أجيال من العلماء فإنهما قد مارسا التصيّد في مجالات عديدة ومثاله ماذكره الشيخ الأنصاري في بيع المكاسب من انه هل المعاطاة تفيد البيع الصحيح؟ فقد استدل الشيخ جعفر كاشف الغطاء على انه لو لم تكن المعاملة صحيحة للزم كذا وكذا وكذا فقد انتقل الى أبواب فقهية عديدة ولم ينتقل الى النص
 لايقال لابد من ان يذكر الشيخ جعفر كاشف الغطاء نص في ذلك من رواية أو آية بل يتصيّد المعنى
 والجواب من قال ان الشيخ جعفر كاشف الغطاء والشهيد الاول لاينطلقان من النص لكن فرق بين أن يكون المراد لفظ النص والسطح الظاهر من النص وبين ان يكون طبقات المعاني فقد سبح الشيخ في المعاني المستنبطة من النصوص
 فهو لم ينطلق من نص واحد بل انطلق من بحوث مسلّمة في الخمس والزكاة والديات فهو لم يبتعد عن النصوص بل هو سبح وتنقل وتحرك في ثوابت وراء النصوص من المعاني فحاول ان يجد ويكشف نظام وبناء في هذه النصوص ولهذا المورد أمثلة متعددة وان أكثر بيع الشيخ الأنصاري هو من هذا القبيل أي الانتقال من المعاني المستنبطة الى معاني ورائها بموازين خاصة وهذا الذي يقال له ينبع العلم نبعا فالنص ليس يعني الجمود على النص
 وسنستعرض عدّة مناشيء لتصيّد هذا القاطع أو المنافي