34/08/06


تحمیل
 الموضوع: الأكل والشرب الماحيان لصورة الصلاة
 المبطل التاسع من مبطلات الصلاة
 التاسع: الأكل والشرب الماحيان للصورة فتبطل الصلاة بهما عمدا كانا أو سهوا والأحوط الاجتناب عما كان منهما مفوتا للموالاة العرفية عمدا هنا أراد ان يبين الماتن ان الأكل والشرب درجات
 وان درجة من درجات الأكل الشرب قاله الماتن هي الماحية للصورة وإن هذه الدرجة الماحية للصورة هي مبطلة للصلاة عمدا وسهوا ودرجة اخرى من الأكل والشرب أقل ليست ماحية لصورة الصلاة بل هي قاطعة للموالاة فهذه الدرجة مبطلة عمدا لاسهوا
 وهذا نظير مامرّ في المبطل السابق من ان المبطل على ثلاث درجات فدرجة منافية ذاتا للصلاة ودرجة منافية لصورة الصلاة والدرجة الثالثة هي المنافية لخصوص الموالاة ومرّ بنا انه مبطل عمدا لاسهوا لما مرّ من الروايات الصحاح في ذلك كما في صحيح الحسين بن أبي العلاء [1] الدال على ان المنافي بخصوص الموالاة هو منافي في صورة العمد
 نعم لا بأس بابتلاع بقايا الطعام الباقية في الفم أو بين الأسنان، وكذا بابتلاع قليل من السكر الذي يذوب وينزل شيئا فشيئا فهذا لاينافي الموالاة
 ويستثنى أيضا ما ورد في النص بالخصوص من جواز شرب الماء لمن كان مشغولا بالدعاء في صلاة الوتر وكان عازما على الصوم في ذلك اليوم، ويخشى مفاجأة الفجر وهو عطشان والماء أمامه ومحتاج إلى خطوتين أو ثلاثة فإنه يجوز له التخطي والشرب حتى يروى وإن طال زمانه إذا لم يفعل غير ذلك من منافيات الصلاة، حتى إذا أراد العود إلى مكانه رجع القهقرى لئلا يستدبر القبلة وهذا من المستثنيات المنصوصة التي سيأتي ذكرها
 والسبب في ذلك هو ان هذا ليس من الأكل والشرب الكثير الماحي للصورة وليس بطويل بحيث يُعدم الموالاة وهو للإضطرار فهو سائغ
 والأحوط الاقتصار على الوتر المندوب باعتبار النص فيه والبعض إقتصر على النافلة
 وكذا على خصوص شرب الماء، فلا يلحق به الأكل وغيره لأن منافاة الأكل لصورة الصلاة أشد منه في الشرب
 فان الشرب في عالم الأغذية هو أقرب الى قلّة الغذاء من الأكل فإنّ تعاطي السوائل الى البدن أكثر شفافية من التعاطي مع الأكل وهذا سر من أسرار الطب
 نعم الأقوى عدم الاقتصار على الوتر ولا على حال الدعاء فيلحق به مطلق النافلة وغير حال الدعاء وإن كان الأحوط الاقتصار وهذا مجمل فتوى الماتن في هذا المتن
 ان هذا المنافي لم يذكره جملة القدماء الاّ الشيخ الطوسي في المبسوط والخلاف فقد افتى الشيخ بفتاوى عديدة لم يشاركه فيها القدماء وهذا لايعني ان الشيخ شذ عنهم وخالفهم بل ان ذلك لأن القدماء لم يتعرضوا لها نفيا ولااثباتا
 فإنّ تفرد أحد الأعلام بفتواه تارة بمعنى انه شذ عنهم وخالفهم وتارة بمعنى انهم لم يتعرضوا لهذه المسألة وهذا ليس في الأقوال فقط بل يجري في الروايات أيضا فالرواية تكون شاذة فيما اذا كانت هناك روايات عديدة على خلافها أما اذا لم يكن في البين روايات على خلافها فلايقال لها انها شاذّة
 فمثلا التفسير المنسوب الى الامام العسكري (عليه السلام) الذي اعتمده جملة وجمهرة من علماء الامامية فان البعض يقول هو شاذ باعتبار انه لم يروى عند الكوفيين والبغداديين بينما معنى الشاذ هو ان يقف العلماء عليه ويعرضوا عنه اما ان العلماء لم يطّلعوا عليه ولم يقفوا عليه فهذا ليس معنى الشاذ
 وفيما نحن فيه فان الشيخ الطوسي في كتابه الخلاف والمبسوط توجد عشرات الآلاف من المسائل بينما نرى المقنعة في كتاب المقنعة انه يحتوي على عدة الآف فقط وعليه فإن الشيخ الطوسي توسع وتبحر في كتبه أكثر من كتب معاصريه ولذا فان الشيخ الطوسي قد تفرّد ببعض المسائل التي لم يتعرض لها معاصرية فقد تبحّر وتوسع في فتاويه توسعا وتبحرا كبيرا
 ثم ماهو دليل من أفتى بأن الأكل والشرب ماحيان لصورة الصلاة؟ فمثلا السيد الخوئي من ضمن المعاصرين الذين لم يقبلوا بهذا المنافي حيث قال انه لادليل عليه
 فقد وقع الكلام بأن الأكل والشرب ناقض بنفسه أو انه يندرج في ناقض آخر كالفعل الماحي لصورة الصلاة أو الفعل الكثير أو المنافي للموالاة وغير ذلك
 وان منشئ استفادة ان الأكل والشرب نافي بنفسه أو مندرج يمكنه تقريبه بأن الفعل المباح فضلا عن غير المباح اذا كثر فمن الواضح انه يتزاحم ويتدافع صورة مع صورة الصلاة فبالتالي يكون الفعل اذا كثر وتقاطع هيئة من حيث الوجود مع هيئة الصلاة فواضح يكون معدما ومزيلا لهيئة الصلاة وهذا التقريب هو تقريب اجمالي
 وأما التقريب التفصيلي فهو معتبرة سعيد الأعرج [2] قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) اني أبيت واريد الصوم فأكون في الوتر فأعطش فأكره أن أقطع الدعاء وأشرب وأكره ان أصبح وأنا عطشان وأمامي قلة بيني وبينها خطوتان أو ثلاث؟ قال تسعى اليها وتشرب منها حاجتك وتعود في الدعاء
 وفي طريق الصدوق قال قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) جعلت فداك اني اكون في الوتر وأكون قد نويت الصوم فأكون في الدعاء وأخاف الفجر فأكره أن أقطع على نفسي الدعاء وأشرب الماء وتكون قلة أمامي؟ قال فقال لي فاخطو اليها الخطوة والخطوتين والثلاث واشرب وارجع الى مكانك فهنا نفس الترخيص بقدر الحاجة والتقييد له فحوى
 فإن فنون الدلالة هو أمر معتبر ومهم فمن لايتبحر في فنون الدلالة يزعم ان هذه الرواية ليس فيها دلالة فحوى أو تقرير أو غير ذلك باعتبار ان قنوات وفنون الدلالة لايحيط بها تنظيرا فضلا عن ان يلتفت اليها تطبيقا فإن فنون الدلالة والعلم والاطلاع على هذه الفنون أمر مهم
 
 


[1] أبواب الخلل، الباب السادس، الحديث الأول
[2] أبواب قواطع الصلاة