36/03/15


تحمیل
الموضـوع:- تتمة مسألة( 450 )، مسألة ( 451 ) – أحكام المحصور.
وقبل أن نواصل نقول:- إنّ طبعات المناسك في هذه المسألة قد اختلفت فالطبعة القديمة يوجد فيها زيادة والمتن الذي تلوته هو مطابق للطبعات الجديدة فإن المتن قد خذفت منه بعض العبارات ونسير على الطبعة الجديدة.
وحاصل ما أفاده(قده) مطلبان:-
المطلب الأوّل:- إنّ حكم المحصور بلحاظ مناسك منى أو بلحاظ الطواف والسعي هو نفسه حكم المصدود ولا فرق من هذه الناحية.
المطلب الثاني:- أشار إلى قضيّة جانبية ليست بالمهمة كفارقٍ بين الموردين.
أمّا بالنسبة إلى المطلب الأوّل:- فهو واضحٌ باعتبار أنّه لو حُصِر المكلف عن مناسك منى - بمعنى أنّه مرض حينما دخل منى فحينئذٍ لا يتمكن أن يأتي بمناسك اليوم العاشر - فحينئذٍ نقول:-
أمّا بالنسبة إلى ذبح الهدي:- فالمفروض أنّه تجوز النيابة فيه اختياراً فكيف في حالة المرض . إذن جواز هذا بلا كلامٍ كما قلنا في المصدود فإنّه في المصدود قلنا تجوز النيابة في الذبح وهنا أيضاً تجوز فإنّه حكمٌ على طبق القاعدة.
وأمّا بالنسبة إلى الرمي:- فالمفروض أنّ الرايات دلّت على أنّ الكسير والمريض - أي صاحب العذر - يُرمى عنه وهذا لا يتمكن من الرمي فيجوز له حينئذٍ النيابة.
إذن في الذبح والرمي تجوز النيابة كما يجوز ذلك في المصدود.
ويبقى الحلق أو التقصير:- وهذا من الأشياء التي لا تقبل النيابة بل اصنعه بنفسك، وإذا فرض أنّك كنت خارج منى ولم تتمكن من دخولها فقصِّر في مكانك غايته عليك أن ترسل الشعر إلى منى - إمّا وجوباً أو استحباباً -.
إذن بالنسبة إلى ذينك العملين فتأتي بهما نيابةً وأما بالنسبة إلى الحلق أو التقصير فتباشره بنفسك وبذلك يحصل لك التحلّل ثم تأتي بأعمال مكّة.
إذن تبيّن أن حكم المحصور هنا هو نفس حكم المصدود لكن لا لأجل أنّ الرواية دلت على ذلك بل لأجل أنّه اتفاقاً واقع الحال هو كذلك، فاختصاراً من حيث التعبير شبّهنا هذا بذاك، هذا بالنسبة إلى المحصور بلحاظ مناسك منى.
وأمّا المحصور بلحاظ الطواف والسعي - يعني بتعبير آخر حينما أراد أن يطوف ويسعى طرأ عليه مرض قبل ذلك منعه من مباشرة الطواف والسعي -:- فقد ذكرنا في باب الصدّ أنّه يوجد خلاف بين الأعلام في أنّ هذا هل هو من موارد النيابة فحكم الصدّ لا يطبق عليه لأنه بالتالي يتمكن أن يأتي بالطواف والسعي نيابةً فلا يصدق عليه أنّه مصدودٌ فإذا قلنا إنّ أدلة النيابة تشمله فما يأتي به نيابةً يجزيه ويسقط عنه الحج ولا ينطبّق عليه آنذاك حكم المصدود، أمّا إذا قلنا إنَّ أدلة النيابة قاصرة فيطبّق عليه آنذاك حكم الصدّ - يعني يذبح وبالتالي لا يجزيه هذا الحج وعليه أن يحج في السنة الثانية -، وهناك اختلفت الكلمة فبعضٌ قال إنَّ أدلّة النيابة شاملةٌ له وقال البعض إنَّها لا تشمله ونحن ملنا وقلنا إنَّ المناسب التمسّك بأدّلة النيابة فإنّه لا داعي لدعوى الانصراف فيها ولا بأس بالتمسّك بها ومن دون فارقٍ بين أن يكون هذا الصدّ داخل مكة أو خارجها خلافاً للسيد الخوئي(قده) فإنه فصّل بين الداخل والخارج فقال الخارج ليس من المعلوم أنّ اطلاق روايات النيابة شامل له لنكاتٍ أشرنا إليها هناك ولا نكرر وأمّا الذي هو داخل مكة فيشمله إطلاق روايات النيابة، نعم الأحوط استحباباً له تطبيق حكم الصدّ عليه، قال وصاحب الجواهر(قده) لا تشمله أدلة النيابة - كما نقل عنه السيد الخوئي(قده) - حتى لو كان الصدّ داخل مكة فإن حكم الصدّ يطبق عليه، هذا ما تقدّم في المصدود.
والكلام نفسه يأتي في المحصور، فعلى رأينا من شمول إطلاق أدلّة النيابة بلا حاجة إلى دعوى الانصراف فالمناسب أنّه ينيب شخصاً وبالنيابة يكون كأنّه أتى بالطواف والسعي بنفسه فبالتالي لا يطبّق عليه حكم الصدّ وبالتالي يجزيه هذا الحج الذي أتى به، وأمّا على رأي صاحب الجواهر(قده) فالمناسب أن يطبّق عليه حكم المصدود فيتحلّل بالهدي لأنّه يرى أنَّ أدّلة النيابة ليست شاملة له، وأما على رأي السيد الخوئي(قده) نفصّل فنقول إنَّ الذي داخل مكة فالأحوط استحباباً له أن يطبّق حكم الصدّ وإن كانت النيابة كافية وأمّا الذي كان خارجها فلا تجوز له النيابة وإنما يطبّق حكم الصدّ، فنفس الكلام الذي ذكرناه في المصدود يأتي هنا لعدم وجود نكتةٍ تستدعي التفريق بينهما.
وأمّا المطلب الثاني الجانبيّ الذي أشار إليه فحاصله:- ذكرنا في المصدود إنّه إذا كان داخل مكة ومنع من الطواف والسعي فالأحوط استحباباً أن يطبّق حكم الصدّ أيضاً، ومال صاحب الجواهر إلى أنّه يطبق حكم الصدّ، ولكن نلفت النظر إلى أنّه لا يأتي هذا في المحصور - يعني إذا كان الشخص داخل مكة وحُصِرَ - بل يُنيبُ شخصاً للطواف والسعي بلا إشكالٍ، ولا يأتي الاحتياط الاستحبابي الذي ذكرناه - من أنّ الأحوط استحباباً أن يطبق حكم المصدود - فإنّه لا يأتي جزماً، وصاحب الجواهر الذي قال في المصدود أنّه يطبق حكم المصدود لا يقول بهذه المقالة هنا أيضاً بل يقول تكفيه النيابة في الطواف والسعي، ولماذا ؟ وما هي النكتة الفارقة ؟ النكتة واضحة فإنه توجد عندنا روايات تقول المريض والكسير والمغمى عليه يطاف به أو عنه ويسعى عنه، فإنّ المورد الواضح لهذه الروايات هو من كان داخل مكة وأصابه البرد مثلاً في المشعر الحرام ومرض فهذا هو مصداقُ الروايات فإذا قلنا الأحوط استحباباً أن يطبّق حكم المصدود أو أنّ صاحب الجواهر إذا قال يلزم أن يطبّق حكم المصدود فأين مورد هذه الروايات ؟!!

مسألة ( 451 ):- إذا أحصر الرجل فبعث بهديه ثم آذاه رأسه قبل أن يبلغ الهدي محلّه جاز له أن يذبح شاة في محلّه أو يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستّة مساكين لكلّ مسكين مدّان ويحلق.[1]
..........................................................................................................
مضمون المسألة واضحٌ، يعني نفترض أنّ شخصاً أحصر - أي مرض ولم يتمكن أن يمارس الأعمال بعد الاحرام - فأرسل هدياً بِيَدِ أصحابه أو واعدهم على هديٍ يذبحونه - في اليوم العاشر إذا كان في حجٍّ أو في مكّة إذا كان في عمرةٍ - ولكن بعد أن ذهب أصحابه أصابه أذىً في رأسه ففي مثل هذه الحالة ماذا يصنع ؟ قال(قده):- يتمكن أن يذبح شاةً لأجل حلق الرأس ويعجّل في حلق رأسه، أو يصوم ثلاثة أيامٍ، أو يطعم ستّة مساكين.
وما هو المستند في أنّه يجوز له التعجيل ولكن بذبح شاةٍ غير تلك الشاة فيصير عليه شاتان ؟
والجواب:- إنَّ المستند هو الآية الكريمة بضّم الرواية الشريفة، فالآية الكريمة قالت:- ﴿ فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محلّه فمن كان منكم مريضاً أو به أذىً من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ﴾[2]، ولكن ما المقصود من النسك والصدقة والصيام ؟ جاءت الرواية الشريفة وفسّرت ذلك فقد روى زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:- ( إذا أحصر الرجل فبعث بهديه فآذاه رأسه قبل أن ينحر هديه فإنه يذبح شاةً في المكان الذي أُحْصِرَ فيه أو يصوم أو يتصدّق على ستة مساكين والصوم ثلاثة أيام والصدقة نصف صاع لكلّ مسكين )[3].
إذن هذه المسألة واضحة ومستندها واضح.
ولكن أبين قضيّة جانبية:- وهي أنّه لو أردنا أن نكتب مناسك جديدةً فمن المناسب حذف هذه المسألة لأنّها قليلة الابتلاء.