32/05/29


تحمیل

إن قلت:- إنا قرانا أن الانصراف إذا لم يكن منشأه كثرة الاستعمال فهو لا ينفع ولا يكون حجة،وإنما النافع والحجة هو ما كان ناشئاً عن كثرة الاستعمال،وحيث انه في المقام لا يحرز نشوء هذا الانصراف من كثرة الاستعمال فلا يكون حجة.

قلت:- إن المدار في باب الحجية هو على ما يفهم عرفاً وما هو الظاهر عرفاً،فإذا فرضنا أن العرف يفهم من رواية ( إحرام المرأة في وجهها ) إنها تبرز قرص وجهها ولا يضر بصدق ذلك ستر حواشي الوجه،انه إذا فرض أن العرف يفهم هذا من لسان الدليل وكان الدليل ظاهراً فيه فهذا الظهور يكون حجة،أما ما هو منشأه ؟ ينبغي أن لا يهمنا ذلك فان المدار هو على الظهور والدلالة فإذا تحققا كفى ذلك للحجية ويكون البحث عن منشأ هذا الظهور لغواً وأمراً لا داعي إليه،ولا ينبغي أن تقيدنا القيود الأصولية،أو بالأحرى ينبغي أن نصحح ما أثبتناه في علم الأصول حيث انه ذكر هناك أن المدار في حجية الانصراف هو على غلبة الاستعمال فان كان المقصود حصر الحجية بذلك وانه لا حجيىة للانصراف إلا إذا نشأ من كثرة الاستعمال فهذا ينبغي أن نصححه ونقول المدار على الظهور وتحققه من أي منشأ كان،نعم عادة يكون الظهور ناشئاً من كثرة الاستعمال،ولكن لا ينبغي التقيد بذلك والدوران مداره،وقد نبهنا على هذا المطلب أكثر من مرة.و

 على هذا الأساس نقول ورد أن الرجل يحرم عليه لبس الذهب فلو فرض أن شخصاً أخذ خاتماً ذهبياً وأراد إن يعرف مقدار حجمه فادخله في إصبعه للحظة واحدة إن مثل هذا هل يشمله دليل حرمة لبس الرجل للذهب؟ يمكن إن يدعى الانصراف عن ذلك،وإذا قيل إن هذا الانصراف لم ينشأ من كثرة الاستعمال أجبنا بأن ذلك ليس بمهم ما دام العرف يرى انصراف الدليل عن هذا اللبس وهذه قضية سيالة ينبغي الالتفات إليها.

والخلاصة:- نحن ندور في باب الانصراف على ظهور الدليل وما يفهمه العرف،فإذا فهم شيئاً معيناً أخذنا به ولا نبحث عن منشأه. هذا كله في الوجه الأول على جواز ستر حواشي الوجه.

الوجه الثاني:- انه لو كان يلزم على المرأة المحرمة إن تدقق من هذه الناحية،يعني أن تغير خمارها الصلاتي إذا فرض إنها محرمة،فلو كانت قبل الإحرام تضع الخمار بشكل معين لأجل الصلاة ففي حالة الإحرام يلزم إن تدقق أكثر وتبرز الوجه أكثر وتتغير وظيفتها عما سبق،انه لو كان هذا ثابتاً حقاً وحيث إن المسالة ابتلائية فيلزم إن يشيع ذلك ويشتهر،والحال انه لم يشتهر مثل هذا،يعني إن المرأة حالة الإحرام يلزم إن تغير خمارها غير ما كانت عليه لو لم تكن محرمة،إن هذا لم يشتهر فيدل عدم اشتهاره بعد كون المسالة عامة البلوى على إن الوظيفة هي الوظيفة السابقة،يعني ما كانت عليه قبل إن تحرم فعليها الآن إن تفعل ذلك أيضاً،فكيفية الخمار الصلاتي قبل الإحرام يبقى كما هو حالة الإحرام.

 وهذا بيان ظريف وطريقة جديدة للاستدلال يمكن تطبيقها في موارد شتى وقد طبقناها في موارد،ومن ذلك هذا المورد وذكرنا أن مستند هذا البيان يرجع بالتالي إلى الاطمئنان،بمعنى إن الفقيه حينما يرى أن المسالة ابتلائية وانه لم يشتهر لزوم تغير وضعها فيحصل له الاطمئنان بكون وضيفتها حالة الإحرام هي نفس الوظيفة قبيل الإحرام،فالحجية تعود بالتالي إلى الاطمئنان.

وربما يقال:- لماذا لا نحكم هكذا،وذلك بأن نقول إذا أمكن للمرأة المحرمة إن تسدل ما على رأسها فيلزمها إن تقدم الستر الصلاتي،وبالأحرى يكون جواز ستر شيء من الوجه مقيداً بما إذا لم يكن على رأسها شيء يمكن إسداله ، انه آنذاك يتقدم الستر الصلاتي وتستر شيئاً من وجهها،أما إذا أمكنها إن تنزل ما على رأسها ففي مثل هذه الحالة لا يتقدم الستر الصلاتي،يعني عليها إن تبرز كامل وجهها من دون مراعاة المقدمة العلمية للستر الصلاتي.هكذا قد يقال

وجوابه قد اتضح من خلال الوجهين السابقين:- فانا إذا قبلنا فكرة الانصراف المشار إليها في الوجه الأول وقبلنا إن الحالة الابتلائية يلزم إن يكون حكمها واضحاً،فيلزم إن نحكم في المقام بجواز إن تلبس خمارها وتبرز قرص وجهها كما هي عادتها قبل الإحرام،إن هذين الوجهين لو سلما فلا يفترق الحال بين إن يكون على رأسها شيء يمكن إسداله أو لا يوجد ،

والخلاصة من كل هذا:- إن الحكم في المقام ليس هو تقديم عمومات الستر الصلاتي كما صنع صاحب المدارك،وليس هو التخيير كما ذكره صاحب الجواهر،وليس هو تقديم الستر الصلاتي من باب الأسبقية أو الأهمية كما احتمله صاحب الجواهر،بل الوظيفة ما اشرنا إليه وهي إن ما كانت عليه قبيل الإحرام تسير عليه بعد الإحرام أيضا وذلك للوجهين المتقدمين .

 وطبيعي نتيجة هذا الذي ذكرناه تتلاءم مع تقديم الستر الصلاتي ولكن لا بعنوانه من باب الأسبقية أو الأهمية أو أو ...... بل للوجهين المذكورين.

النقطة السادسة:- الأحوط للمرأة إذا أنهت صلاتها إن ترفع الخمار بسرعة حتى ينكشف كامل الوجه وذلك باعتبار إنها إذا انتهت من الصلاة فلا يعود هناك مبرر لستر قسم من الوجه بواسطة الخمار،فان الضرورة التي كانت مقتضية لذلك تختص بحالة الصلاة وقد ارتفعت.

ولكن قد تسال:- لماذا المصير إلى الاحتياط دون الفتوى ؟ فانه يمكن إن يقال إن المناسب هو الفتوى بأن يقال: إذا أنهت صلاتها فيلزمها رفع الخمار لا إن الأحوط لها ذلك،بل الأقوى ذلك وطبيعي الأقوى يمثل الفتوى،أما الاحتياط فلا يمثل الفتوى فلماذا صار إلى الاحتياط دون الفتوى ؟

وفي الجواب نقول:- إن الوجهين السابقين يقتضيان عدم لزوم رفع الخمار بعد الصلاة.

أما الأول:- فباعتبار إن فكرة الانصراف إذا قبلناها وانه يصدق على المرأة إنها أحرمت بوجهها لو أبرزت قرص وجهها من خلال الخمار،فلا يفرق في ذلك بين حالة الصلاة وحالة الفراغ منها،فبعد الصلاة لو كانت لابسة للخمار يصدق إنها أحرمت بوجهها،فلماذا يلزم نزع الخمار.

وأما الوجه الثاني:- فباعتبار أنه لو كان يلزم ذلك - بحيث بمجرد أن تقول ( السلام عليكم ) يلزمها بسرعة إن تخلع الخمار أو تغير حالته بحيث ينكشف كامل الوجه - لاشتهر وذاع لكون المسالة ابتلائية،وعدم ذلك يدل على العدم . إذن مقتضى الوجهين السابقين عدم لزوم خلع الخمار بعد الصلاة ولكن الاحتياط بالخلع شيء قي محله.

مسألة 267:- للمرأة المحرمة أن تتحجب من الأجنبي بأن تنزل ما على رأسها من الخمار أو نحوه إلى ما يحاذي أنفها أو ذقنها. والأحوط أن تجعل القسم النازل بعيداً عن الوجه بواسطة اليد أو غيرها.