33/06/22


تحمیل
 الموضوع:- تكملة مسألة ( 328 ) ، مسألة ( 329 ) / الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع ( صلاة الطواف )/ واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 الأمر الخامس:- عرفنا فيما سبق أن صلاة الطواف يلزم أن تكون عند مقام إبراهيم أو خلفه ، والآن لنفترض أنها تعذرت فلم يمكن الصلاة خلف المقام حتى بنحو الأقرب فالأقرب فيجوز آنذاك اداءها في الاماكن البقية للمسجد الحرام .
 وقد يطرح هذا السؤال:- هل يلزم أن تكون الصلاة في المسجد القديم - أي الذي كان على عهد الرسول صلى الله عليه وآله والائمة الطاهرين عليهم السلام - أو أنه يجوز أداؤها في التوسعة الجديدة أيضاً ؟
 وربما يجاب:- نعم يجوز أداؤها في التوسعة الجديدة أيضاً ، باعتبار أن المسجد الذي أسسه إبراهيم عليه السلام هو أوسع مما كان عليه في عهد الرسول صلى الله عليه وآله وقد أرشدتنا إلى ذلك بعض الروايات وقد عقد صاحب الوسائل في باب أحكام المساجد باباً لذلك وهو أن المسجد الابراهيمي كان أوسع وأكبر من المسجد في عهد الرسول ، ومن تلك الروايات صحيحة جميل بن دراج ( قال له الطيار وأنا حاضر:- هذا الذي زِيد هو من المسجد ؟ فقال:- نعم انهم لم يبلغوا بعدُ مسجد إبراهيم واسماعيل عليهما السلام ) [1] .
 هذا ولكن هناك سؤال أعمق من السؤال السابق وهو:- هل يلزم أداؤها في المسجد أو يكفي في أي مكان من أماكن مكة المكرمة ، بل غير مكة المكرمة ؟
 والجواب:- المناسب لو خلينا والقاعدة حيث أنه تعذر الواجب - أعني الصلاة عند أو خلف المقام - فيسقط لتعذره ولا يلزم أداؤها في مكان آخر - أي حتى في المسجد - لأن المطلوب هو العنديّة - أي الصلاة عند أو خلف المقام - فتعذر حسب الفرض ، والانتقال إلى الأداء في الاماكن الأخرى للمسجد يحتاج إلى دليل وهو مفقود ، فالمناسب سقوط أصل الصلاة وبالتالي سقوط أصل الحج إذ المفروض أن واجبات الحج ترابطية.
 ولكن حيث أنا علمنا من الخارج أن أصل الحج لا يحتمل سقوطه كما أنه لا يحتمل سقوط أصل الصلاة فيتعين آنذاك أداؤها ، أما أنه يلزم أداؤها في خصوص المسجد فيحتاج إلى دليل آخر وذلك بأن يدعى أنه من البعيد جداً كفاية الإتيان بها خارج المسجد وان كانت القاعدة تقتضي ذلك.
 وعلى هذا الأساس لو قبلنا هذا الاستبعاد فيلزم أداؤها آنذاك في المسجد ، أما خصوص القديم فهذا تحميل زائد.
 والخلاصة:- ان القاعدة تقتضي عند تعذر الأداء عند المقام أو خلفه سقوط الصلاة رأساً وبالتالي سقوط أصل الحج ، ولكن حيث أن احتمال سقوط الحج رأساً وهكذا سقوط الصلاة رأساً وهكذا أداءها خارج المسجد حيث أن هذه احتمالات مرفوضة من الخارج فيلزم الإتيان بها في المسجد ، أما أنه في خصوص المسجد القديم فلا وجه لذلك ، وعليه يكفي الإتيان بها في أي جزء من أجزاء المسجد ، غاية الأمر تبقى القضية نفسية وأنه هل نحتاج إلى الاحتياط ونقول الأحوط أداؤها في المسجد القديم ؟ بل في أصل المسجد ؟ ان هذه القضية تتبع نفسية الفقيه.
 
 
 مسألة ( 329 ):- إذا نسي صلاة الطواف وذكرها بعد السعي أتى بها ولا تجب اعادة السعي بعدها وان كانت الاعادة أحوط . وإذا ذكرها أثناء السعي قطعه وأتى بالصلاة في المقام ثم رجع وأتم السعي حيثما قطع . وإذا ذكرها بعد خروجه من مكة لزمه الرجوع والاتيان بها في محلها فان لم يتمكن من الرجوع أتى بها في أي موضع ذكرها فيه . نعم إذا تمكن من الرجوع إلى الحرم رجع إليه وأتى بالصلاة فيه على الأحوط الأولى . وحكم التارك لصلاة الطواف جهلاً حكم الناسي . ولا فرق في الجاهل بين القاصر والمقصر.
 .........................................................................................................
 تشتمل هذه المسألة على عدة نقاط:-
 النقطة الأولى:- إذا نسي المكلف صلاة الطواف وتذكرها بعد الفراغ من السعي رجع وأتى بها ، والأحوط استحباباً اعادة السعي بعد اعادة الصلاة.
 وقبل أن نبين مدركه الفت النظر إلى قضيتين جانبيتين:-
 الأولى:- لو رجعنا إلى كلمات الفقهاء فلعلنا لا نجد اشارة إلى هذه الصورة بل لعله لا توجد اشارة حتى إلى النقطة الثانية - التي هي التذكر أثناء السعي - وإنما أشاروا إلى من التفت إلى ذلك بعد أن أنهى الحج بالكامل ، أما حالة التذكر بعد اتمام السعي بل حالة التذكر أثناء السعي فربما لا يشير إليها اما كل الفقهاء أو في غالبهم ، فهذا المحقق الحلي لم يشر في شرائعه إلى ذلك وإنما أشار فقط إلى حالة التذكر بعد الانتهاء من الحج ، نعم ربما أشار صاحب المدارك أو غيره في ثنايا كلامه - من دون أن يسلط الأضواء - إلى حالة التذكر في أثناء السعي أما حالة التذكر بعد الانتهاء من السعي فالظاهر أنه لم يشر إليها - وهذا بيان واقع وليس اشكال أو اعتراض -.
 والثانية:- والتي ربما تكون أهم من الأولى ، وهي أنا لو رجعنا إلى الروايات وجدنا أنها قد أشارت إلى حالة التذكر بعد الانتهاء من الحج وهكذا حالة التذكر أثناء السعي أما حالة التذكر بعد اكمال السعي الذي هو محل كلامنا فلا توجد اشارة إليه ، ومن هنا نتساءل عن الوجه الفنّي في هذه النقطة الأولى - يعني أن من تذكر بعد الفراغ من السعي إلا أنه لم يأت بصلاة الطواف حكم السيد الماتن بأنه يأتي بالصلاة من دون حاجة إلى اعادة السعي ولا الطواف - فهذا الحكم ما هو مدركه العلمي بعد فرض أن الروايات ليست شاملة له ، فمن أين له هذا الحكم ؟
 يمكن أن يستدل على ذلك بالوجهين التاليين:-
 الوجه الأول:- التمسك بما دل على أن من تذكر أثناء السعي رجع وأتى بالصلاة ثم بعد ذلك يكمل بقية السعي وهذه الروايات سوف نذكرها في النقطة الثانية وهي واضحة الدلالة ، فإذا ثبت هذا في حق من تذكر أثناء السعي يثبت أيضاً في حق من تذكر بعده لعدم احتمال الخصوصية عرفاً لحالة التذكر في الأثناء بل قد يقال انه بالأولى يلزم أن يثبت الحكم لحالة التذكر بعد الفراغ من السعي.
 ولكن لا نحتاج إلى تصعيد اللهجة بدعوى الأولوية بل يكفينا أن نقول:- لا نحتمل الخصوصية بين هذا وهذا فما دل على أن من تذكر أثناء السعي يأتي بالصلاة ثم يواصل يكون بنفسه دليلاً في مقامنا.
 الوجه الثاني:- التمسك بما دل على أن من تذكر بعد الانتهاء من الحج يأتي بالصلاة وان كان التذكر في مكة بحيث كان بإمكانه اعادة السعي فيكفيه الإتيان بالصلاة بلا حاجة إلى اعادة السعي ، فانه يدل على عدم الحاجة إلى الاعادة في مقامنا أيضاً فانه لا فرق بين التذكر بعد السعي وبين التذكر بعد الفراغ من الحج فكلاهما تذكرٌ بعد الفراغ من السعي.
 اللهم إلا أن يقال:- ان من أنهى الحج يُتساهل معه لأن الشرع لا يريد أن ينغّص عليه حاله فيكتفي منه بإعادة الصلاة ، بخلاف من لم ينتهِ من حجّه والتفت بعد اكمال السعي فانه لا يوجد تنغيص عليه فيحتمل أنه يؤمر بإعادة السعي.
 ولكن هذا كما ترى احتمال قد لا يكون مقبولاً عرفاً بل حتى دقةً.
 وعلى أي حال لا مجال للتشكيك من هذه الناحية ، فيكتفى بأداء الصلاة بلا حاجة إلى اعادة السعي.
 نعم قد تسأل وتقول:- لماذا احتاط السيد الماتن في هذه النقطة وقال ( الأحوط استحبابا أن يعيد السعي ) بينما في النقطة الثانية - والتي هي التذكر أثناء السعي - لم يذكر هذا الاحتياط الاستحبابي ؟
 والجواب:- لعل السبب في ذلك هو أنه في النقطة الثانية توجد رواية وهي قد قالت ( يأت بصلاة الطواف ) ولم تذكر اعادة السعي ، ومع تصريح دلالتها على ذلك فلا حاجة إلى الاحتياط الاستحبابي ، وهذا بخلافه في محل كلامنا فانه لا توجد رواية وإنما نريد التعدي من سائر الموارد إلى مقامنا ولأجل وجود احتمالات - ولو غير عرفيّة - بالفرق بين الموردين صار الاحتياط الاستحبابي في محله.


[1] الوسائل 5 276 55 من أبواب احكام المساجد ح1.