33/06/17


تحمیل
 الموضوع :- مسألة ( 328 ) / الواجب الثالث من واجبات عمرة التمتع ( صلاة الطواف )/ واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 وأما إذا كان بنحو الشبهة الموضوعية:- فالأمر كذلك ، أي لا يجري الاستصحاب لنفس النكتة المتقدمة إذ اما أن نستصحب الموالاة بوجودها المحمولي أو أن نستصحبها بوجودها النعتي وكلاهما لا يجري.
 أما إذا أريد استصحابها بوجودها المحمولي:- فباعتبار أنه لا أثر له إذ الذي لابد من اثباته هو أن الصلاة وقعت متصلة بالطواف - أي مع الموالاة - فان هذا هو المهم أما أن الخمس دقائق هي بعد لم تنتهِ فهذا ماذا ينفع ؟ إلا اللهم أن تضم إلى ذلك الملازمة العقلية وأن الدقائق الخمس اذا لم تنتهِ فإذا أوقعنا الصلاة الآن اتصفت بأنها متصلة بالطواف ، وهذا كما ترى أصل مثبت.
 نعم النكتة التي أشرنا إليها هناك لا تأتي هنا - وهي أن الاستصحاب لا يجري في الشبهات المفهومية لتردد الأمر باليقين بالارتفاع واليقين بالبقاء ولا يوجد شك في البقاء - لفرض أن الشبهة في مقامنا ليست مفهومية بل هي موضوعية ، فالمفهوم لا تردد فيه ولا نريد اجراء الاستصحاب بلحاظه حتى يأتي ما تقدم.
 إذن المناسب الاقتصار على النكتة الأولى لا أكثر ، هذا إذا أريد استصحاب الموالاة بوجودها المحمولي.
 وأما إذا أريد استصحابها بوجودها النعتي:- فذلك لا يمكن إلا بنحو الاستصحاب التعليقي إذ لا يوجد زمان تحققت فيه الصلاة بالموالاة حتى نستصحب اتصافها بالموالاة بل هي بعدُ لم تقع فلا يمكن إجراء الاستصحاب إلا بنحو التعليق بأن أقول هكذا ( ان كنت قد صليت قبل قليل فقد وقعت صلاتي ضمن الدقائق الخمس - أي مع الموالاة - والآن بالاستصحاب لو صليت لوقعت ضمن الدقائق الخمس ) ان هذا استصحاب تعليقي ، وحتى لو سلمنا جريان الاستصحاب التعليقي في باب الاحكام فانه لا يجري في باب الموضوعات كما أوضحنا ذلك فيما سبق.
 ومن خلال هذا كله اتضح أن من يشك في تحقق الموالاة لا ينفعه الاستصحاب وإنما الذي ينفعه هو أن نساعده في تحصيل الاطمئنان بتحقق الموالاة بعدُ ، أي نعينه في تحصيل الاطمئنان - وواضح أن الاطمئنان الحجّة هو اطمئنانه لا اطمئناننا - ونحن قد نساعده في تحصيل ذلك ، فلو فرض أنه سألنا وقال:- مضت خمس دقائق فهل تخل هذه بالموالاة ؟ فإذا فرض أنه بيني وبين ربي بما أني إنسان عرفي لا أرى أن الخمس دقائق لا توجب فوات الموالاة فأقول له كلا لا توجب فوات الموالاة وإذا سأل آخر وجاب بنفس جوابي فإذا تحققت شهادة اثنين أو ثلاثة فانه قد يحصل له الاطمئنان ، وأما إذا فرضنا أنه لم يحصل له الاطمئنان فحينئذ هذا لا ينفعه شيئاً.
 ونلفت النظر إلى شيء:- وهو أن الفقيه لو كان يحدد الفترة التي تتحقق بها الموالاة بمقدار معين فيقول مثلاً لا تفوت الموالاة بمقدار خمس أو عشر دقائق فهل كلامه حجة على المقلد ؟ كلا فانه حينما يتكلم في هذا المورد فهو يتكلم بما هو عرفي لا بما هو فقيه فان هذا موضوع من الموضوعات فحينما يقول فيه شيئاً فهو يتكلم بما هو عرفي ، فإذا فرضنا أن كلامه أورث الاطمئنان للمكلف فحينئذ تعود الحجية للاطمئنان ، وأما إذا فرض أنه لم يحصل اطمئنان من كلامه فلا تكون شهادته حجّة بل تجوز مخالفته إلى ما يطمئن به المكلف . إذن المدار على الاطمئنان وليس على كلام المجتهد الذي يقلده.
 ومن هذا يتضح شيء آخر:- وهو أن الموالاة العرفية تختلف باختلاف الظروف والحالات وليس لها مقياس منضبط بل المقياس كما قلنا هو العرف وهو يختلف تشخيصه باختلاف الحالات ، فلو فرض أن مكلفاً أنهى طوافه وبقي في حيرة في تحصيل المكان وأخذ يفتش عنه فلو مضت فترة خمس أو عشر دقائق مفتشاً عنه فربما تصدق الموالاة في حقه عرفاً بخلاف ما إذا كان المكان موجوداً ولكنه بقي يتكلم مع الآخرين فان مثل هذا قد تفوت الموالاة في حقه بخمس دقائق أو بأقل ، وهكذا لو فرض أنه ذهب ليتوضأ - باعتبار أنه قد حصل له ناقض - فقد يعطيه ذلك مجالاً أوسع في تحقق الموالاة ، وهكذا لعل كبر السنّ يؤثر على ذلك.
 والخلاصة:- ان المناط هو العرف ، وإذا وقع بيننا اختلاف فنختلف بما نحن عرفيون وربّ شخص بما هو عرفي يقول هذا له مدخليّة وذاك ليس له مدخلية وربّ شخص يقول على العكس ، فالضابط هو على النظرة العرفية والمدار في تشخيص النظرة العرفية هو على الاطمئنان الشخصي فان الطريق إلى ذلك ليس إلا هذا كسائر الموضوعات العرفية فان الطريق إلى تشخيصها ليس إلا نظر المكلف فيما إذا جرّد نفسه من المصطلحات والقيود الخاصة المفروضة عليه بسبب دراسته أو بسبب شيء آخر فإذا جرد نفسه عن الظروف والعوامل غير الموضوعية فنظرته حينئذ تكون طريقاً لتشخيص الموضوع العرفي.
 ونلفت النظر إلى أن هذا كله إذا فرض أن المكلف بُعدُ لم يشرع في صلاته فهنا يلزم عليه تحصيل الاطمئنان ، وأما إذا صلى وفرغ من صلاته وبعد أن فرغ حصل له الشك في أن صلاته هل هي واجدة للموالاة أو لا ؟ ان هذا شك بعد الفراغ فيثبت له حكم ذلك فلا يعتني بشكه.
 نعم يبقى جريان قاعدة الفراغ هل هو بنحو التفصيل - أي سواء احتمل الالتفات مسبقاً أو لا أو أنه يشترط فيه احتمال التفات - ؟ ان هذا على المبنى ، فلو كنا نقول باشتراط احتمال التفات فهنا أيضاً نشترط ذلك ونقول إذا فرض أن المكلف بعد صلاته كان يحتمل أنه قد راعى شرطية الموالاة لا أنه دخل في الصلاة غافلاً بشكل كليّ عن ذلك فتجري قاعدة الفراغ والّا فلا ، والّا فتجري قاعدة الفراغ في حقّه مطلقاً.
 الأمر الثاني:- إذا فرض أن المكلف لم تتحقق لديه الموالاة فحينئذ هل نحكم ببطلان صلاته فقط أو ببطلان صلاته وطوافه معاً ؟ بعد وهن الاحتمال الثالث وهو أنه يبطل الطواف فقط دون الصلاة.
 والصحيح:- بطلانهما معاً باعتبار أن اعادة الصلاة فقط من دون اعادة الطواف لا يحقق الموالاة فما النفع في اعادة الصلاة فقط ؟ فانه إذا أردت أن أحقق الموالاة فلابد من اعادتهما معا.
 وبعد هذا نسأل ونقول:- تارة يكون الشخص متعمداً في الاخلال بالموالاة وهنا لا اشكال في بطلان صلاته وطوافه ، وأخرى يكون جاهلاً أو ناسياً فهل يمكن الحكم بصحة ذلك أي الطواف والصلاة ؟
 قد يقال:- نعم نتمسك بصحيحة عبد الصمد بن بشير القائلة ( أيما امرئ ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه ) فنطبقها في حق الجاهل ونقول:- هذا ركب أمراً بجهالة فلا شيء عليه وهذا تمسك بالإطلاق.
 وأما بالنسبة الى الناسي فنتمسك بالنبوي المشهور ( رفع عن أمتي تسعة أشياء .... وما لا يعلمون ) فيرتفع عنه بسبب النسيان وجوب القضاء من جديد تمسكاً بهذين الحديثين.