33/03/27


تحمیل
 الموضوع :-

مسألة ( 307 ) / واجبات الطواف / باب الطواف / مناسك الحج للسيد الخوئي(قد).
 وأما إذا قلنا باعتبار رواية صفوان فلا تتغير النتيجة أيضاً باعتبار أنها مطلقة ، أي أن الإمام عليه السلام حكم بأنه يبني على ما سبق إذا خرج لحاجة من دون تفصيل بين أن يكون ذلك قبل النصف أو بعده - فتحمل على الطواف المستحب بقرينة الرواية السابقة فان صحيحة أبان حكمت بأن الطواف المستحب لا يبطل بالخروج فنحمل هذه على الطواف المستحب حيث حكم الإمام عليه السلام بالصحة والبناء على ما سبق فيكون ذلك قرينة على إرادة الطواف المستحب فتُقيَّد بذلك ويبقى الطواف الواجب مسكوتاً عنه وبالتالي نعود إلى صحيحة أبان والمفروض أنها حكمت بالبطلان في الطواف الواجب لو خرج قبل النصف وسكتت عن الخروج بعد النصف فنرجع إلى القاعدة فتبقى النتيجة كما هي دون أي تغير . هذا إذا حملنا رواية صفوان على الطواف المستحب.
 وأما إذا حملناها على الطواف المستحب بإضافة الطواف الواجب بعد النصف بقرينة أن صحيحة أبان قالت في هذين الموردين يحكم بالصحة وعدم الحاجة إلى الإعادة فتبقى رواية صفوان ناظرة إلى الطواف المستحب أو الواجب بعد النصف وأما قبله فنرجع إلى صحيحة أبان وقد حكمت بالبطلان ، وبذلك نخرج بالنتيجة التي أرادها المشهور أيضاً.
 إذن على جميع التقادير الثلاثة نتمكن أن نخرج بتفصيل المشهور ، وعليه يكون المناسب هو ذلك.
 ان قلت:- ان محل كلامنا هو في من خرج عبثاً بينما الروايتان المذكورتان ناظرتان إلى من خرج لحاجةٍ فكيف نتمسك بهما لمحلّ الكلام ؟
 قلت:- إذا ثبت هذا التفصيل - أي البطلان لو كان الخروج قبل النصف رغم وجود الحاجة - فبالأولى يبطل إذا كان عبثاً ولا ينبغي التوقف من هذه الناحية.
 وهناك أمور جانبية لا بأس بالالتفات إليها:-
 الأمر الأول:- ان صحيحة أبان فصّلت بين الخروج قبل النصف وبعده من دون إدخال مسألة فوات الموالاة وعدم فواتها بالحساب فقالت ان كان الخروج قبل النصف فيبطل وان كان بعده فيصح - أي سواء فاتت الموالاة أم لم لا - وعليه فيكون المناسب هو ذلك ولا معنى لأن يحتاط السيد الماتن(قده) ويقول بنحو الفتوى ( إذا كان الخروج قبل النصف فيبطل الطواف إذا فاتت الموالاة ) ويحتاط بالإتمام والإعادة إذا لم تفت الموالاة ، وهو أشبه بالاجتهاد في مقابل النص فان الرواية بعدما حكمت على الخارج قبل النصف بالبطلان فمن المناسب هو الحكم بالبطلان حتى لو كان الخروج للحظة.
 الأمر الثاني:- ان الرواية لم تفصِّل بين الخروج قبل النصف وبعده فان كلمة ( النصف ) ليست مذكورة في الرواية وإنما هي مذكورة في كلمات الفقهاء أو أنها ذكرت في روايات من خرج لأجل الحدث أما من خرج لا لأجل ذلك فصحيحة أبان لم تذكر عنوان ( النصف ) بل ذكرت الشوط والشوطين فإذا أردنا أن نتساير مع الرواية فالمناسب أن نقول ( إذا كان الخروج بعد شوط أو شوطين فيبطل طوافه وان كان بعدهما فيحكم بالصحة والبناء على ما سبق تمسكا بالقاعدة ) ، ان المناسب هو هذا وليس المدار على النصف.
 وعليه فنحتاج في مثل هذا المورد إلى متمم من قبيل ان يقال:- ان الفقهاء لم يفصّلوا بين الشوطين وما زاد بل فصّلوا بين النصف وما زاد ، فلأجل عدم تفرقة الفقهاء من هذه الناحية نجعل المدار على النصف ونُلحِق الشوط الثالث والرابع بالشوطين وهذا ما يعبَّر عنه بـ(عدم الفصل ) أي أن الفقهاء لم يفصِّلوا بين أفراد الأقل من النصف فنحتاج إلى هذه التتمة وما شاكلها والّا فيبقى توجيه تفصيل المشهور أمراً مشكلاً.
 ومن هنا قال صاحب الجواهر ( ويلحق ما زاد على الشوطين فصاعداً إلى ما لا يتجاوز النصف بهما لعدم قائل بالفرق بين الشوطين وما زاد أصلاً ) [1] .هذا شيء.
 وهناك شي آخر وهو:- لو تجاوزنا هذه القضية وقبلنا أن المراد من ذكر الشوط والشوطين هو الأقل من النصف ولكن النصف هو عبارة عن ثلاثة أشواط ونصف وليس هو الأربعة فكيف نفسره بالأربعة ؟ وهنا نحتاج أيضاً إلى الاستعانة بفكرة عدم الفصل أو بفكرة أخرى من قبيل أن روايات الخروج للحدث أخذت عنوان الأربعة أشواط فيكون المدار على ذلك.
 وبالجملة:- يحتاج الفقيه إلى هذا المتمّم ، وحيث أنه متمّم لم يبلغ المستوى اللائق - من الناحية العلمية والفنية - للاستناد إليه في مقام الحكم والفتوى فمن المناسب في مثل هذه الحالة أن يصير الفقيه إلى الاحتياط.
 الأمر الثالث:- ماذا يراد من المطاف في قولنا ( إذا خرج من المطاف بطل طوافه ان كان قبل النصف ) ؟
 قد يقال:- ان المطاف اسم مكانٍ - أي هو مكان الطواف - فان قلنا يلزم أن يكون الطواف بين الكعبة والمقام فيكون المطاف هو ذلك والخروج عنه يصير بالخروج عن هذا الحدّ ، أما إذا وسّعنا مساحة المطاف فكل المسجد مثلاً يكون مطافاً بل حتى خارج المسجد من طرف المسعى إذا أمكن فيه الطواف يكون مطافاً حتى إذا لم يكن جزءاً من المسجد الحرام فان الطواف لا يلزم أن يكون في المسجد الحرام وإنما يلزم أن يكون حول الكعبة . هكذا قد يأتي إلى الذهن.
 ويرده:- ان كلمة ( المطاف ) لم ترد في الرواية وإنما ورد ذلك في تعبير الفقهاء وعلينا أن نتعامل مع الرواية وهي قد قالت ( رجل طاف شوط أو شوطين ثم خرج مع رجل في حاجته ) وظاهره أنه خرج خارج المسجد - أي هكذا نفهم من الرواية - فيكون حينئذ المدار في البطلان على الخروج من المسجد ولا نبقى نتقيد بكلمة ( مطاف ) لأنها لم ترد في الرواية حتى نفسّرها مرَّة بهذا ومرَّة بذاك ، وهذه نكتة ظريفة يجدر الالتفات إليها.
 الأمر الرابع:- ذكر السيد الشهيد(قده) في مناسكه أن الخروج من المطاف إلى خارج المسجد يبطل الطواف وان كان بعد النصف حيث قال ما نصه ( خامساً:- إذا خرج عامداً بدون عذر لم يعتد بما مضى ولو كان قد أكمل الشوط الرابع واستأنف طوافاً جديداً ) .
 وهذا لا نعرف له وجهاً فانه يلزم التقييد بما إذا كان الخروج قبل النصف فان هذا هو الذي دلت صحيحة أبان على بطلانه وأما الخروج بعد النصف فلا دليل على بطلانه فيتمسك بالقاعدة.
 الأمر الخامس:- إذا أردنا أن نسهِّل على المكلف عند مراجعته للمناسك وذلك باعطاءه ضابطاً ميسَّراً من دون أن يشتمل على تشقيقات فبالإمكان أن نعبِّر هكذا ( إذا خرج الطائف أثناء طوافه إلى خارج المسجد فبإمكانه أن يأتي بطوافٍ كاملٍ بقصد الأعم من التمام والإتمام ) ونسكت ، أو نكمل ونقول ( من دون فرق بين كونه قبل النصف أو بعده فاتت الموالاة أو لم تفت ) فان الإتيان بطواف بهذا الشكل يكفي ، وهذا ضابط أيسر للمكلف ويمكنه حفظه وهو موافق للاحتياط أيضاً.


[1] الجواهر 19 329.