1441/03/25


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

41/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الديات

مسألة 203: تثبت الدية في موارد الخطأ المحض أو الشبيه بالعمد أو فيما لا يكون القصاص فيه أو لا يمكن، وأمّا ما ثبت فيه القصاص بلا ردّ شي‌ء فلا تثبت فيه الدية إلّا بالتراضي والتصالح[1] ، سواء أ كان في النفس أم كان في غيرها، وقد تقدّم حكم ما يستلزم القصاص فيه الردّ.

مسألة 204): دية قتل المسلم متعمّداً مائة بعير فحل من مسان الإبل، أو مائتا بقرة أو ألف دينار وكلّ دينار يساوي ثلاثة أرباع المثقال الصيرفي من الذهب المسكوك أو ألف شاة أو عشرة آلاف درهم وكلّ درهم يساوي 2،6 حمّصة من الفضّة المسكوكة فعشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفيّة وربع المثقال أو مائتا حلّة و كلّ حلّة ثوبان [2]

    1. فان ما يثبت فيه القصاص تارة يثبت فيه الرد وحينئذ تكون الدية ثابتة، كما اذا اشترك اثنان في قتل شخص فيجوز لاولياء المجني عليه القصاص منهما مع رد نصف الدية لكل واحد منهما، او اذا تنازل اولياء الدم عن القصاص ورضي الجاني بدفع الدية فتثبت الدية بشرط التراضي والتصالح وتقدم سابقاً في الاية المباركة ﴿فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ﴾[3] ان هناك روايات صحيحة تفسر العفو بالعفو عن القصاص، فعلى الجاني ان يدفع الدية باحسان ولا يماطل في دفعها، ونقلنا بعض الروايات

منها: صحيحة الحلبي و عبدالله بن سنان ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه ‌السلام) يقول: من قتل مؤمنا متعمدا قيد منه إلا ان يرضى أولياء المقتول أن يقبلوا الدية ، فان رضوا بالدية وأحب ذلك القاتل فالدية) [4]

واما في غير النفس فروايات:

منها: معتبرة إسحاق بن عمار ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال : ((قضى أمير المؤمين (عليه ‌السلام) فيما كان من جراحات الجسد أن فيها القصاص ، أو يقبل المجروح دية الجراحة فيعطاها) [5]

ومنها: معتبرة أبي بصير ، عن أبي عبدالله (عليه ‌السلام) قال : سألته عن السن والذراع يكسران عمدا ، لهما أرش؟ أو قود؟ فقال : (قود ، قال : قلت فان أضعفوا الدية؟ قال : إن أرضوه بما شاء فهو له)[6]

    2. وموضوع هذه المسالة دية القتل العمدي وسياتي الكلام في دية الجناية العمدية في الاطراف والجروح كما سياتي الكلام عن دية القتل الخطأي بقسميه الخطأ المحض والخطأ شبيه العمد

وقلنا بان الثابت في الجناية العمدية هو القصاص وان الدية لا تثبت الا بالتراضي والتصالح وهو قد يكون بأقل من الدية او اكثر منها كما قد يكون بالدية نفسها، ومن هنا قد يسأل عن فائدة تعيين الدية في المقام

وجوابه: بوجود الفائدة في موارد عديدة منها لو حصل التراضي على الدية في القتل العمدي للمسلم من دون تحديدها، ومنها ما اذا كان القتل العمدي لا يوجب القصاص كما في قتل الوالد ولده والحر العبد والمسلم الكافر، وكذلك لو لم يتمكن من القصاص لهرب او موت وغير ذلك من الموارد التي يمكن تصورها

وذكر السيد الماتن بان دية المسلم المقتول عمداً هي احد امور ستة على سبيل التخيير، وسياتي ان المقصود تخيير الجاني، وقد اشار العلماء الى ذلك بقولهم ان كل واحد من هذه الستة هو اصل براسه كما في عبارة القواعد (وكل واحد من هذه الأصناف أصل في نفسه، وليس بدلاً عن غيره، ولا مشروطاً بعدم غيره، والخيار إلى الجاني في بذل أيها شاء) [7] والظاهر انه لا خلاف بين علمائنا (قدهم) في ثبوت هذه الامور الستة في الجملة، وكذلك في تخير المكلف بينها، وفي الجواهر (بلا خلاف أجده في شي‌ء من الستة المزبورة ، كما عن بعض الاعتراف به ، بل عن الغنية الإجماع عليه أيضاً وعلى التخيير بينها) [8] وقد ارسل هذا المطلب في كلمات الفقهاء ارسال المسلمات

ولكن يظهر ان معظم العامة لا يذهبون الى ذلك بل لم يعرف هذا القول عن قائل معروف من زعماء مذاهبهم، فقد ذهب ابو حنيفة ومالك الى ان الابل والدراهم والدنانير هي اصول في الدية وان مقدارها مئة من الابل او الف دينار او عشرة الاف درهم، وقد روى الشعبي ان عمر لما دون الدوواين جعل على اهل الابل مئة من الابل وعلى اهل الذهب الف دينار وعلى اهل الورق عشرة الاف درهم، ولكن ما ينقل عن ابي حنيفة ومالك ان الاصول هي هذه الثلاثة ولا يوافقونه في عدم التخيير بينها

وذهب الشافعية واحمد بن حنبل في راي الى ان الاصل في الدية هي الابل وان الدراهم والدنانير قيم لها وان تعذرت الابل او وجدت باكثر من ثمن مثلها يجب الف دينار او اثنا عشر الف درهم عند الشافعي في رأيه القديم وفي رأيه الجديد وجوب قيمة الابل بالقيمة بالغة ما بلغت

وذهب فقهاء المدينة كسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وقاسم بن محمد بن ابي بكر، وسليمان بن يسار، وغيرهم كابي يوسف ومحمد بن الحسن الشيباني صاحبي ابو حنيفة واحمد بن حنبل في راي اخر الى ان اصول الدية هي الابل والذهب والورق والبقر والغنم واضاف صاحبي ابي حنيفة الحلل بدلا عنها بل بعضهم يعتبرها قيمة لها، واستدلوا بادلة منها قول النبي (صلى الله عليه واله): (( الا ان في قتل عمد الخطأ قتيل السوط والعصا مئة من الابل))

وفي حديث عمرو بن شعيب: كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يقوم الابل على القرى باربع مئة دينار وعدلها من الورق فاذا غلت رفع من قيمتها واذا هانت نقص من قيمتها، وواضح من هذه العبارة ان الاصل هي الابل

وذكر السرخسي في المبسوط (ثم لا مدخل للبقر والغنم في قيمة المتلفات اصلاً فهي بمنزلة الدور والعبيد والجواري وهكذا كان ينبغي ان لا تدخل الابل الا ان الاثار اشتهرت فيه عن الرسول (صلى الله عليه واله) فتركنا القياس لذلك في الابل خاصة)