1440/11/02


تحمیل

الأستاذ الشيخ هادي آل راضي

بحث الفقه

40/11/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: احكام الاعتكاف.

فصل في أحكام الاعتكاف: يحرم على المعتكف أُمور: أحدها: مباشرة النساء بالجماع في القُبل أو الدُّبر و باللمس والتقبيل بشهوة و لا فرق في ذلك بين الرجل والمرأة[1] فيحرم على المعتكفة أيضاً الجماع واللمس والتقبيل بشهوة.

    1. بعد الفراغ عن كون الجماع من مبطلات الاعتكاف وانه غير جائز شرعا يقع الكلام في ان هذا الحكم هل يختص بالرجل او انه شامل للمراة، وذهب السيد الماتن الى عدم الفرق بين الرجل والمراة في هذا الحكم، والذي يبدو لاول وهلة اختصاص النصوص بالرجل لان العناوين الواردة فيها (اتى اهله، واقع اهله، رجل وطأ امراته) لا تشمل المراة ومن هنا وقع الكلام في وجه التعميم الذي يبدو انه متفق عليه بينهم وقد ذكروا لذلك وجوها:

الوجه الاول[2] : قاعدة الاشتراك، فان المراة تشترك مع الرجل بالاحكام الا ما قام الدليل على عدم الاشتراك فيه،

وقد نوقش فيه بان القاعدة انما تقتضي الاشتراك بين الرجل والمراة اذا كان موضوع الحكم في النصوص ينطبق على كل منهما فتلغى خصوصية الرجل ويعمم الحكم للمراة، كما لو ورد في دليل (رجل شك بين الثلاثة والاربعة) فموضوع الحكم وهو من شك بين الثلاثة والاربعة لا يختص بالرجل وكما لو قال (رجل ارتمس وهو صائم) او قال (رجل لامس الكعبة عند طوافه)، بخلاف ما لو كان الموضوع مختصا بالرجل كما لو قال (رجل اغلف او رجل مختون) فهنا يستشكل في جريان قاعدة الاشتراك، والمدعى ان المقام من قبيل الثاني لان العناوين التي رتبت النصوص الحكم عليها مختصة بالرجل

وبعبارة اخرى: ان قاعدة الاشتراك تقتضي اشتراك المراة مع الرجل في الحكم عندما يترتب الحكم على عنوان يصدق على كل منهما كما لو قال (رجل شك بين الثلاثة والاربعة) فلا خصوصية للرجل وان ورد في النص.

قد يقال بان الموضوع الذي رتب عليه الحكم في النصوص هو الاعتكاف فيكون نظير قوله (رجل شك بين الثلاثة والاربعة) فتجري فيه قاعدة الاشتراك،

الا ان هذا الكلام غريب لان الروايات رتبت الحكم على معتكف واقع اهله، فليس الموضوع هو الاعتكاف بل معتكف واقع اهله وهو يختص بالرجل.

وهذه المناقشة لا يمكن تجاورزها الا اذا التفتنا الى انه ليس كل نصوص الباب من قبيل (معتكف واقع اهله) بل هناك رواية صحيحة موضوعها (المعتكف اذا جامع) وهنا يمكن ان يقال بان الجماع كمفهوم يمكن ان يصدق على المراة فيمكن التمسك بقاعدة الاشتراك لاثبات الحكم في هذه الرواية

الدليل الثاني: التمسك بصحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) قال : «لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلاّ لحاجة لا بد منها ، ...... ، قال : واعتكاف المرأة مثل ذلك»[3] والمستفاد منها تشبيه اعتكاف المراة باعتكاف الرجل، نعم لم يذكر اعتكاف الرجل صريحا ولكن اشير اليه في صدر الرواية، ومقتضى اطلاق التشبيه ان اعتكافها مثل اعتكاف الرجل في جميع الاحكام حتى غير المذكورة في هذه الصحيحة ومنها حرمة الجماع، ولا موجب للتقيد بالاقتصار على خصوص الاحكام المذكورة في النص قبل هذا التشبيه لانه تقييد من غير مقيد بعد انعقاد اطلاق التشبيه، ولا مجال لان يناقش هذا الاستدلال بان اسم الاشارة يحتمل ان يكون راجعاً الى الاحكام المذكورة في صدر الرواية لانه لا معنى لان يقال ان اعتكاف المراة مثل هذه الاحكام بل المتصور ان يقال بان اعتكاف المراة مثل اعتكاف الرجل، نعم الكلام في ان هذا التشبيه هل يمكن ان يستفاد منه تعميم التشبيه لجميع الاحكام حتى التي لم تذكر في الصحيحة؟

وقد يستشكل في هذا التعميم لان هذا انما يتم في ما اذا ورد الكلام مستقلا ولم يذكر قبله شيئاً كما لو قال الامام ابتداءً (اعتكاف المراة مثل اعتكاف الرجل) والا لو قلنا بان هذا التشبيه لا يشمل جميع الاحكام بل يختص ببعض الاحكام لوقعنا في محذور الاجمال لاننا لا نعلم الاحكام التي شبه اعتكاف المراة باعتكاف الرجل بلحاظها، فالمتكلم لم ياتي بما يفي ببيان مراده لو كان يريد التشبيه بلحاظ بعض الاحكام، فيتعين ان نقول انه يريد التشبيه بلحاظ جميع الاحكام ، واما لو كان هذا التشبيه واردا بعد ذكر احكام معينة كما في محل الكلام فلا يلزم المحذور لو قلنا بان المقصود هو التشبيه بلحاظ هذه الاحكام المذكورة في صدر الرواية فهو لم يقصّر في بيانه واعتمد على ما ذكره قبل ذلك، فذكر هذه الاحكام في صدر الرواية يصلح ان يكون قرينة على ارادة التقييد وعدم الاطلاق ويمكن للمتكلم ان يعتمد عليه لبيان مراده. والنتيجة انه لا يمكن التمسك بهذه الصحيحة لاثبات التعميم.

الدليل الثالث: التمسك بصحيحة داود بن سرحان عن أبي عبدالله (عليه‌السلام) ـ في حديث ـ قال : «ولا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد الجامع إلاّ لحاجة لابد منها ، ثم لا يجلس حتى يرجع ، والمرأة مثل ذلك»[4] وهذه اقل صراحة من سابقتها فان ظاهر صحيحة الحلبي تشبيه اعتكاف المراة باعتكاف الرجل بينما في هذه الصحيحة فان الوارد فيها (والمراة مثل ذلك) فان تشبيه المراة بالرجل لا دلالة فيه الا تشبيهها بالاحكام المذكورة واما ما لم يذكر فلا تدل عليه هذه العبارة.