39/05/17


تحمیل

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/05/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ لا تخرج المؤنة من ربح المرأة اذ مؤنتها على زوجها / خمس ارباح المكاسب / كتاب الخمس

مسألة (83): المرأة التي تكتسب في بيت زوجها, ويتحمل زوجها مؤنتها يجب عليها خمس ما حصل لها, من غير اعتبار اخراج المؤنة, إذ هي على زوجها الاّ ان لا يتحمل [1]

مسألة (84): الظاهر عدم اشتراط التكليف والحرية في الكنز, والغوص, والمعدن, والحلال المختلط بالحرام, والارض التي يشتريها الذمّي من المسلم, فيتعلق بها الخمس ويجب على الولي والسيد اخراجه. وفي تعلقه بأرباح مكاسب الطفل اشكال, والأحوط اخراجه بعد بلوغه [2]

 

1)نعم هذا الحكم صحيح لأن اخراج المؤنة من الربح هو فيما اذا صرف صاحب الربح من ربحه, وامّا اذا صرف غير الربح على مؤنة الرابح كالزوج الذي يجب عليه ان يعطي مؤنة زوجته الرابحة والمكتسبة فلا يجوز ان تخرج هذه المؤنة من الغير – الزوج – من ارباحها, بل يجب عليها ان تخمّس كلّ ارباحها لأن المؤنة من غيرها. وكذا اذا تبرّع متبرّع بالمؤنة فان الربح يخمّس جميع ما ربحه ايضاً.

ولكن يُستثنى من الارباح ما تصرفه المرأة في موارد:

1ـ لو لم يتحمّل الزوج مؤنة زوجته, اما عصياناً أو لعدم القدرة على الصرف على الزوجة فصرفت الزوجة على

نفسها, بل لو صرفت على زوجها ايضاً فهنا تستثنى هذه المؤنة من الارباح, فان الزوجة وان لم يكن واجباً عليها الصرف ولكن لو حصل هذا الصرف بالصورتين المتقدمتين فيستثنى من ربح الزوجة وان كان للزوجة حقّ الرجوع على الزوج بعد ذلك انْ لم تنوِ التبرّع بالصرف كما لو صرفت بنيّة ان تأخذ هذه النفقة من الزوج بعد ذلك عند يساره وغناه, ووافق على ذلك الزوج. ولكن لو اعطاها الزوج ذلك بعد مدّة فهو خاضع للخمس.

2ـ كما ان الزوجة اذا كان الزوج يصرف عليها مؤنتها اللازمة لها, ولكنها ارادت ان تصرف من ارباحها لحاجتها

غير اللازمة على الزوج كما اذا اشترت ماكنة للخياطة تحتاجها في البيت خارجة عن النفقة اللازمة أو اشترت ملابس للأعراس زائدة على النفقة الواجبة على الزوج ولم يبلغ حدّ السرف والتبذير المحرّم فهنا يجوز استثناؤها من الربح.

3ـ ومن مصداق الصرف في غير المؤنة اللازمة على الزوج مع كونه سرفاً هو دعوة الناس في بيتها للإطعام في شهر رمضان بغية الثواب فانه يُحسب مؤنة لها وغير واجبة على الزوج فيمكن ان تستثنى هذه المؤنة من ارباحها فلا تخضع للخمس.

اشكال:

على تعبير صاحب العروة قدس سره, على قوله في تعليل عدم خمس ما اكتسبته الزوجة بأكمله: «بأنّ المؤنة على زوجها» فان هذا الوجوب ليس علّة لخمس ما اكتسبته الزوجة بأجمعه, بل لعلّة هو ان يصرف عليها ما تحتاجهُ عرفاً.

2)ان صاحب العروة قدس سره اقتصر على عدم اشتراط التكليف في خمس الكنز والغوص والمعدن والحلال المختلط بالحرام والارض التي اشتراها الذمّي من المسلم, وكذا عدم اشتراط الحرية فيها.

امّا ارباح المكاسب فقد احتاط في اخراج الخمس من اموال الطفل وارباحه, وقال بان الاحوط اخراج الخمس من امواله بعد بلوغه, ففرّق صاحب العروة قدس سره بين ارباح المكاسب وغيرها في وجوب الخمس احتياطاً وفتوى.

اقول: هذه المسألة خلافيّة على قولين:

القول الاول: وقد ذكره جماعة منهم صاحب الشرائع رحمه الله [3] وهو ان الخمس واجب في الكنز والمعدن والغوص من دون اشتراط التكليف والحرية. وقد اقتصر على هذه الثلاثة.

ولكن الشيخ قدس سره استظهر ان الحكم عام لجميع الاقسام[4] , ولعله هو الصحيح, بملاحظة ان بعض

الروايات قد صرّحت بان الخمس انما هو ثابت في جميع الموارد بعنوان الغنيمة والفائدة. فيجب على الولي اخراج

الخمس منها, سواء كانت من الثلاثة او من غيرها كالاكتساب والهبة والحيازة وشبه ذلك كخمس الحلال المختلط بالحرام أو خمس الأرض التي اشتراها الذمّي من المسلم ووجه وجوب الاخراج على الولي اذا كان مكلّفاً بذلك هو ان الولي سواء كان أبا أو حاكماً شرعيّاً, فمن شأن ولايته اخراج الاموال الموجودة في مال الطفل أو المجنون التي هي مستحقّة للغير.

ونحن نقول: امّا الحلال المختلط بالحرام في مال الصبي والمجنون فلا شبهة في انه يجب على الولي تخميسه لأنه ليس مالاً للطفل, وانما هو مال الآخرين اختلط بماله ولا يعرف القدر ولا صاحب المال فقدّره الشارع بالخمس, فلو سرق الطفل أو المجنون مالاً واختلط بماله ولم يعرف المالك ولا المقدار فيجب على الولي اخراج خمسه صدقة عن صاحبه وكذا اذا حصل الطفل أو المجنون على مال بالإرث ممن كانت امواله مختلطة بالحرام ولم يعرف صاحبها ولا قدرها.

وامّا الارض الزراعية التي اشتراها الذمّي الصغير أو المجنون من المسلم بواسطة وليّه, فعليها العشر جزية والعشر الآخر اجارة وهذا يجب على الولي دفعه الى الحاكم الشرعي عن الصبي أو المجنون كما هو قانون الجزية والاجارة فإنها صحيحة حتى مع الطفل او المجنون اذا فعلها الولي.

ملحوظة: ان المحقق النراقي رحمه الله نفى الخمس في الحلال المختلط بالحرام فقال: (ثم على عدم الثبوت)[5] اي الخمس في المال المختلط أظهر لثبوته بالخصاب التكليفي المختصّ بالكمّل وكذلك الارض التي اشتراه الذمّي.

ويرد عليه: على مبنى المشهور من ان الواجب هنا هو الخمس الاصطلاحي فهو واجب تكليفي ووضعي وفيه نصّ كالمعدن والغوص والكنز.

وعلى مبنانا: فان هذا ليس خمساً اصطلاحياً, بل هو شيء آخر ليس فائدة يجب تخميسها فالأمر اوضح لأنه مال للغير في الأول واجارة وضريبة في الثاني.

ولنا ان نقول ايضاً: بنا على هذا القول: ان الخمس واجب على المكلّف وغيره والحر والعبد والمسلم والكافر حيث لا يشترط الاسلام في تعلّق التكاليف كما هو الرأي المشهور والمنصور ويمكن ان نستدل لهذا القول بهذا الدليل المتكوّن من مراحل:

المرحلة الاولى: ان الأدلّة ظاهرة في تعلّق الخمس بالعين.

المرحلة الثاني: ان الأدلّة مطلقة لجميع الافراد بل قيد لها بالتكليف أو الحرية بناءاً على ملكية العبد أو الاسلام.

المرحلة الثالثة: ان الخمس في الارباح والغنائم فيه حكم تكليفي يختصّ بالمكلّفين وهو وجوب اخراج الخمس, وفيه حكم وضعي وهو شركة الامام وقبيله مع صاحب المال فهو كالضامن. وهذا الضمان وان كان لا يجب على الصبي اعطاؤه الى الامام وقبيله لأنه تكليف عليه الاّ انه واجب على الولي, مثل الدين المتعلّق بمال الصبي.

وكذا نقول بالنسبة الى الكافر فيجب الأخذ منه, اذ لا يشترط الاسلام في تعلّق الخمس. فان التكليف متوجّه اليه بدفع الخمس, وهو قادر على اتيانه بقصد القربة بقبوله الاسلام, وان لم يدفعه يأخذه منه الحاكم الشرعي لأنه حصّة الامام وقبيله.

اذن الأدلّة ظاهرة في ثبوت الخمس وضعاً في مال الصبي والمجنون والكافر.

 


[4] تراث الشيخ الاعظم، كتاب الخمس للشيخ الانصاري: 273-277.