36/07/29


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, فصل المفطرات المذكورة كما أنها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة.....)
قال الماتن
(المفطرات المذكورة كما أنها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة إذا كانت مع العمد والاختيار من غير كره ولا إجبار، من غير فرق بين الجميع حتى الارتماس والكذب على الله وعلى رسوله، بل[1]والحقنة والقيء على الأقوى نعم الأقوى عدم وجوبها في النوم الثاني من الجنب بعد الانتباه، بل والثالث[2]، وإن كان الأحوط[3]فيها أيضا ذلك، خصوصا الثالث[4])
البحث في المقام الثالث
في تعميم الحكم للجاهل في مقابل اختصاصه بالعالم, وعلى فرض التعميم يقع الكلام في أنه يشمل القاصر والمقصر أو يختص بالمقصر؟
قال الماتن
(ولا فرق في وجوبها أيضا بين العالم والجاهل المقصر والقاصر على الأحوط وإن كان الأقوى عدم وجوبها على الجاهل خصوصا القاصر والمقصر الغير الملتفت حين الإفطار، نعم إذا كان جاهلا بكون الشيء مفطرا مع علمه بحرمته كما إذا لم يعلم أن الكذب على الله ورسوله من المفطرات فارتكبه حال الصوم فالظاهر لحوقه بالعالم في وجوب الكفارة.)
وقد تعرضنا إلى حكم الجاهل (القاصر والمقصر) بمفطرية المفطر من حيث وجوب القضاء, وذكرنا أن الظاهر أن المطلقات الدالة على المفطرية عند ارتكاب هذه المفطرات وبطلان الصوم تامة بنحو يشمل العالم والجاهل, وهذا البحث يرتبط بنفس البحث المتقدم لكن من زاوية وجوب الكفارة. فهل أن وجوب الكفارة يختص بالعالم بالمفطرية؟ أو يشمل حتى الجاهل بها؟
والكلام يختص بالمفطرات التي تترتب عليها الكفارة, فمن يلتزم بشمولها لجميع المفطرات يكون البحث بالنسبة إليه في الجميع ومن يلتزم بها في البعض يكون البحث في المقام في ذلك البعض فقط.
الاقوال في المسألة ثلاثة:
القول الاول: وهو المنسوب إلى المشهور (أو إلى الاكثر كما في بعض الكلمات) وهو التعميم للعالم والجاهل, ومقتضى اطلاق كلماتهم التعميم للقاصر والمقصر.
القول الثاني: عدم وجوب الكفارة في مطلق الجاهل واختصاصها بالعالم فقط وهو ما اختاره السيد الماتن.
القول الثالث: التفصيل بين الجاهل القاصر والمقصر حيث تجب على المقصر دون القاصر.
أما بالسبة إلى القول الاول فيستدل عليه بالمطلقات الشاملة للعالم والجاهل وهي على قسمين:
القسم الاول: الذي يدل على ترتب الكفارة لكن مع التقييد بالعمد.
القسم الثاني: وهو ما يدل على ترتب الكفارة من دون التقييد بشيء.
وروايات القسم الاول من قبيل:
رواية عبدالرحمن بن أبي عبدالله (قال : سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمداً ؟ قال : يتصدق بعشرين صاعا ويقضي مكانه)[5]
ورواية إدريس بن هلال ( عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) أنه سئل عن رجل أتى أهله في شهر رمضان، قال عليه عشرون صاعا من تمر، فبذلك أمر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الرجل الذي أتاه فسأله عن ذلك)[6]
ورواية عبد الرحمن بن أبي عبدالله (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا، قال : عليه خمسة عشر صاعاُ، لكل مسكين مد بمد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أفضل .)[7]
ومعتبرة المشرقي (عن أبي الحسن ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل أفطر من شهر رمضان أياما متعمدا ما عليه من الكفارة ؟ فكتب : من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا فعليه عتق رقبة مؤمنة ويصوم يوما بدل يوم.)[8]
والاستدلال بالقسم الاول من المطلقات على القول المنسوب إلى المشهور يتوقف على دعوى عدم المنافاة بين العمد وبين الجهل بالمفطر فيجتمعان, وحينئذ يتمسك بأطلاق هذه الروايات التي وقع موضوع الكفارة فيها مقيداً بالعمد .
والا فعلى القول بالمنافاة بين العمد والجهل فأن هذا يعني أن العمد لا يصدق الا مع العلم فتختص الروايات بصورة العلم ولا يصح الاستدلال بها على قول المشهور لأثبات وجوب الكفارة مطلقاً.
واذا ناقشنا في هذا الامر وقلنا بأن ما يصدق مع الجهل هو غير ما اخذ موضوعاً في هذه الروايات لوجوب الكفارة, فما يصدق مع الجهل هو تعمد الفعل وما اخذ موضوعاً في هذه الروايات لوجوب الكفارة هو تعمد الافطار, وفرق بين الموردين.
فتعمد الافطار لا يصدق مع الجهل فالجاهل بمفطرية فعل اذا جاء به مع جهله بمفطريته لا يكون متعمداً للإفطار, وإنما يكون متعمداً للفعل, وموضوع الكفارة الوارد في قسم من المطلقات هو تعمد الافطار وهو لا يصدق مع الجهل, فالنتيجة لا يمكن الاستدلال بهذه الروايات على وجوب الكفارة بالنسبة إلى الجاهل, لأنها مقيدة بتعمد الافطار وهو لا يصدق مع الجهل فتختص هذه الروايات بالعالم بالمفطرية.
وروايات القسم الثاني من قبيل:
صحيحة عبدالرحمن بن الحجاج (عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : سألته عن رجل يعبث بامرأته حتى يمني وهو محرم من غير جماع، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ؟ فقال ( عليه السلام ) : عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذى يجامع)[9]
فيدّعى بأنها مطلقة تشمل الجاهل لعدم تقييدها بالعمد كما هو الحال في القسم الاول لكي يقال بأنه لا يصدق مع الجهل.
موثقة سماعة (قال : سألته عن رجل لزق بأهله فأنزل ؟ قال : عليه اطعام ستين مسكيناً، مد لكل مسكين)[10]
وهي مطلقة تشمل العالم والجاهل ايضاً
معتبرة أبي بصير (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن رجل وضع يده على شيء من جسد امرأته فأدفق ؟ فقال : كفارته أن يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا، أو يعتق رقبه)[11]
وهي مطلقة ايضاً وتشمل العالم والجاهل بالمفطرية.
وصحيحة عبدالرحمن بن الحجاج (قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمني ؟ قال : عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع)[12]
وهي الرواية الاهم في هذا الباب .
ويمكن أن نقول بأن هذه الروايات تدل على ترتب الكفارة في حق الجاهل بترك الاستفصال في مقام الجواب, حيث لم يسأل الامام عليه السلام بأن الشخص الذي ارتكب ذلك الفعل عالم بالمفطرية أو جاهل بها؟؟
وترك الاستفصال يمكن الاستدلال به حتى مع عدم تمامية الاطلاق كما لو استشكلنا به كما سيأتي.
ومن هنا يظهر أن المناقشة في اطلاق هذه الروايات هي أن الروايات في مقام تحديد مقدار الكفارة وليس عن اصل ثبوت الكفارة, لأنه كأنه امر مفروغ عنه, فهي تتكلم عن حدود ومقدار الكفارة اللازمة في المقام, وحينئذ يقال أنه لا يمكن التمسك بأطلاق هذه الرواية لأنها ليست في مقام بيان اصل ثبوت الكفارة لكي نقول بأن مقتضى اطلاقها ثبوت الكفارة للعالم والجاهل.
اقول حتى لو تم هذا الاشكال _ وهو غير تام على ما سنبين _ فأن الكفارة تثبت بحق الجاهل ويستدل على ذلك بترك الاستفصال.





[1] لعل هذا الترقي من جهة ما نقلناه من أن هناك دعوى شهرة في عدم وجوب الكفارة في القيء والاحتقان , وكأنه يريد أن يقول بل حتى فيما ذهب المشهور فيه إلى عدم الكفارة فأننا نحكم فيه بالكفارة. .
[2] وقد تقدم الكلام في هذا المقام وان النوم الاول والثاني يجب فيهما القضاء فقط لعدم الدليل على الكفارة, بل مقتضى تقييد الكفارة في حال العمد والاختيار فأنها لا تثبت لا في النوم الاول ولا الثاني ولا الثالث وهكذا لأن المفروض في هذه الحالات انتفاء العمد والاختيار.
[3] استحباباً.
[4] الخصوصية في الثالث بأعتبار كونه اشد.