36/06/07


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, فصل (المفطرات المذكورة ما عدا البقاء على الجنابة الذي مر الكلام فيه تفصيلا إنما توجب بطلان الصوم.....) مسألة 2

الدليل الاخر: على صحة الصوم عند فعل المفطر تقية هو صحيحة إسماعيل الجعفي، ومعمر بن يحيى بن سالم ومحمد بن مسلم وزرارة قالوا (سمعنا أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : التقية في كل شيء يضطر إليه ابن آدم فقد أحله الله له.)[1]
ولا اشكال من حيث السند في هذه الرواية وإنما الكلام من حيث دلالتها.
وتقريب الاستدلال بها بأن يقال بأن الرواية تدل على حلية كل شيء يضطر إليه ابن ادم للتقية, بلا فرق بين إن يكون العمل الذي يصدر من المكلف لدفع الضرر وللتقية ممنوعاً منه بالمنع النفسي (كشرب النبيذ) أو بالمنع الغيري(كالتكفير في الصلاة) فكل منهما يشمله الحديث, فالحديث يرفع الحرمة التي كانت ثابتة لولا التقية ويثبت مكانها الحلية فهو يرفع الحرمة النفسية ويجعل بدلها ا لحلية النفسية ويرفع الحرمة الغيرية ويجعل بدلها الحلية الغيرية, واذا تم هذا ا لكلام يصح الاستدلال بالحديث الشريف لأثبات صحة العمل في محل الكلام وفي غيره لأن الحديث مطلق يشمل الصوم وغيره, فأن محل كلامنا عن مثل الارتماس الذي هو حرام غيري بأعتبار أنه يوجب بطلان الصوم[2] وهذه الحرمة الغيرية ترتفع بالاضطرار للتقية وتثبت الحلية الغيرية, والحرمة الغيرية تعني أن هذا الفعل مشروط بعدم هذا الأمر كما في حرمة التكفير في الصلاة حيث يعني أن الصلاة مشروطة بعدم الكفير, أو قل بأنه مانع من صحة الصلاة ولذا صار حراماً بالحرمة الغيرية فإذا رفعنا هذه الحرمة الغيرية فهذا يعني أن الصلاة ليست مشروطة بعدم التكفير, وفي محل كلامنا يقال بأن الصوم ليس مشروطاً _في حال التقية_ بعدم الارتماس عند ارتفاع الحرمة الغيرية للارتماس فيصبح الارتماس حاله حال أي فعل آخر يأتي به الصائم ولا يكون مضراً بالصوم, هذا ما يفهم من الحديث كما يقول من يستدل به.
وقد اجيب عن هذا الاستدلال بجواب دقيق حاصلة:
أن مفاد الرواية أن كل عمل يكون حراماً بأي عنوان كان, ترتفع حرمته اذا كان مورداً للحديث, وتثبت فيه الحلية وهذا يعني أن العمل بالعنوان الذي كان حراماً لولا التقية يكون حلالاً بذلك العنوان لو صدر تقية, مثلاً التكفير في باب الصلاة حرام لولا التقية, لكنه حرام بعنوان كونه مبطلاً للصلاة والا فهو ليس حراماً في حد نفسه والحديث الشريف يقول هذا التكفير الذي هو حرام بعنوان كونه مبطلاً لولا التقية يكون حلالاً اذا صدر تقية , فالذي يكون حلالاً هو التكفير المبطل للصلاة في مقابل التكفير المبطل للصلاة الذي يكون حراماً, فالتكفير على كل حال مبطل للصلاة لكنه تارة يكون حراماً واخرى حلالاً, وحينئذ لا يستفاد من الرواية الا هذا المقدار, وهذا المقدار لا يستفاد منه صحة العمل بل لعله يستفاد منه بطلان العمل لأنه يقول التكفير مبطل وان كان حلالاً, وحينئذ لا يستفاد من الرواية الشريفة تصحيح العمل لأنها لا ترفع الحرمة الغيرية بمعنى أن عدمها ليس شرطاً في الصلاة أو _ كما في محل الكلام _ أن الارتماس ليس مانعاً من صحة الصوم وليس عدمه شرطاً في صحة الصوم فيصح الصوم لو ارتمس تقية, فالحديث الشريف يثبت الحلية للعنوان الذي كان حراماً لولا التقية فهو ليس في مقام تغيير عناوين الفعل وإنما هو في مقام اثبات الحلية له (للعنوان) فهو لا يريد القول بأن هذا الفعل كان مبطلاً للصوم وفي التقية يزول عنه هذا العنوان فلا يكون مبطلاً.
ولابد من عزل الصلاة والوضوء عن محل الكلام لوجود الروايات الخاصة الدالة على الصحة وعدم وجوب الاعادة فيهما, أما الصوم فيأتي هذا الكلام في هذا الحديث فيه.