36/05/24


تحمیل
الموضوع: الصوم , المفطرات, فصل (المفطرات المذكورة ما عدا البقاء على الجنابة الذي مر الكلام فيه تفصيلا إنما توجب بطلان الصوم.....)
ملاحظة: بناءً على العمل بالرواية السابقة فالظاهر أنها مختصة بقسم من أقسام الجاهل وذلك لأن موردها _ بحسب الظاهر_ الجاهل الذي يعتقد الخلاف كما هو صريح الرواية (وهو لا يرى إلا أن ذلك حلال له) أما الجاهل _البسيط_ المتردد حين العمل فلا تشمله.

والكلام يقع في الصحيحتين المؤيدتين للموثقة.
الرواية الاولى: صحيحة عبد الصمد بن بشير ( عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) - في حديث - إن رجلا أعجميا دخل المسجد يلبي وعليه قميصه، فقال لأبي عبد الله ( عليه السلام ) إني كنت رجلا أعمل بيدي واجتمعت لي نفقه فحيث أحج لم أسأل أحدا عن شيء وأفتوني هؤلاء أن أشق قميصي وأنزعه من قبل رجلي، وإن حجى فاسد، وإن علي بدنة، فقال له : متى لبست قميصك أبعد ما لبيت أم قبل ؟ قال : قبل أن البي، قال : فأخرجه من رأسك، فإنه ليس عليك بدنة، وليس عليك الحج من قابل أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شيء عليه، طف بالبيت سبعا، وصل ركعتين عند مقام إبراهيم ( عليه السلام )، واسع بين الصفا والمروة، وقصر من شعرك، فإذا كان يوم التروية فاغتسل وأهل بالحج واصنع كما يصنع الناس)[1].
والاستدلال بالرواية في المقام يكون على اساس أن الأمر الذي ركبه الرجل بجهالة يشمل محل الكلام (ارتكاب الصائم للمفطر عن جهل)، وقوله عليه السلام (فلا شيء عليه) مطلقاً يشمل القضاء والكفارة وحينئذ تدل هذه الرواية على أن الصائم اذا ارتكب المفطر بجاهلة لا يجب عليه القضاء ولا الكفارة وهذا يعني صحة الصوم.
وأجيب عن هذا الاستدلال بجواب ذكره الكثير من الفقهاء ونحن ننقل ذلك من السيد الخوئي (قد) (. أما صحيحة عبد الصمد فالأمر فيها واضح ضرورة أن لبس المخيط لا يستوجب بطلان الحج ليحتاج إلى القضاء حتى في صورة العلم والعمد بل غايته الإثم والكفارة فهو تكليف محض، ولا يستتبع الوضع لتدل على نفي القضاء مع الجهل. فإن قلت التأمل في الصحيحة صدرا وذيلا يشهد بأنها ناظرة إلى نفي فساد الحج الذي أفتى به العامة وأنه ليس عليه الحج من قابل، كما أنه ليس عليه بدنة فهي مسوقة لنفي كلا الحكمين لدى الجهل بمقتضى تفريع قوله : أي رجل . . الخ على الأمرين معا لا خصوص الثاني. قلت : الصحيحة، وإن كانت مسوقة لنفي ما زعمه المفتون من العامة من فساد الحج إلا أنه لا يحتمل أن يكون نفي الفساد فيها من آثار الجهل ومتفرعا عليه لما عرفت من الصحة وأن لبس المخيط عالما عامدا بلا خلاف فيه ولا اشكال، وأنه لا يترتب عليه إلا الإثم والكفارة بالضرورة من غير حاجة إلى القضاء قطعا، فيعلم من هذه القرينة الواضحة أن نظره ( ع ) في قوله : أي رجل ركب . . الخ إلى نفي الكفارة فقط، فهذا التفريع مترتب على خصوص ذلك دون نفي القضاء)[2]
والذي نقوله أننا يمكن أن نحافظ على ظهور ذيل الرواية في نفي القضاء والكفارة ولا نخصصه بنفي الكفارة كما صنع السيد الخوئي (قد) وذلك بأن نقول اذا ثبت أن العامة_ المشار اليهم في الرواية بقول (هؤلاء)_ يقولون بترتب فساد الحج على لبس المخيط حال الاحرام مع العلم والعمد، فأن الرواية اذا كانت ناظرة إلى ذلك فلا إشكال فيها، لأن فساد الحج يترتب على لبس المخيط في حال العلم والعمد ولا ضير في أن يقال بأن لبس المخيط اذا صدر عن جهل فلا شيء عليه، والجهل يكون دخيلاً في هذا النفي، فأن المشكلة التي كانت عند السيد الخوئي (قد) هي أن لبس المخيط لا يترتب عليه فساد الحج حتى مع العلم والعمد، فإذا قلنا بأن ذلك يترتب عليه عند العامة فلا مشكلة في القول بشمول الرواية لذلك ودالة على نفي الفساد ونفي الحج من قابل ويصح الاستدلال بها في محل الكلام.
ويبدو أن هذا _كون لبس المخيط موجباً لفساد الحج_ ثابت عند العامة وهذا ما يظهر من نفس الرواية _ وليس من المراجعة لكتبهم الفقهية فقط _ حيث افتوه بفساد حجة وانه عليه أن يحج من قابل، وهذه الفتوى إن كانت بناءً على فهمهم بأنه عالم عامد فأنه يثبت المطلوب_ ترتب فساد الحج على لبس المخيط بالنسبة للعالم العامد_ وان كانت بناءً على فهمهم بأنه جاهلاً فأن المطلوب يثبت من باب اولى.
وحينئذ يمكن أن يقال بأن الامام عليه السلام ساق هذه الجملة الكبرى الكلية بشكل جدي ويقصدها, لكن تطبيق هذه الكبرى على مورد السؤال كان ناظراً إلى رأي العامة, لأنهم يرون ترتب فساد الحج على لبس المخيط في حال العلم والعمد, فالإمام عليه السلام قال يترتب فساد الحج على العلم والعمد لكن حيث أن هذا جاهل فلا اعادة عليه لأنه جاهل والجهل يكون دخيل في هذا النفي, فيكون هذا الكلام معقولاً وتبقى الرواية على ظهورها في أنها في مقام الاستشهاد بهذه الكبرى الكلية لنفي امرين الكفارة والحج من قابل لكن هذا في التطبيق مبني على ما فُهم من السؤال ولعل الامام عليه السلام ايضاً فعل ذلك, وبهذا يمكن أن يقال بأن ذيل الرواية يبقى على ظهوره, والمدعى في المقام أنه في مقام نفي مطلق الاشياء التي تترتب على الفعل فيصح الاستدلال بها في محل الكلام.