36/03/07


تحمیل
الموضوع: الصوم : المفطرات, الثامن , البقاء على الجنابة عمدا , مسألة 49
يظهر من السيد الماتن ان الغسل الليلي لليلة السابقة ليس شرطا في صحة الصوم في اليوم الاتي, وانما الشرط في صحته هو الغسل لصلاة الصبح والغسل لصلاة الظهرين .
والذي يمكن ان يقال هو ان الرواية لا تساعد على ذلك بأعتبار ان المتيقن منها هو غسل صلاة الظهرين لعدم احتمال اعتبار _عند قول الرواية (لصلاتين) _ ما عدا غسل الظهرين , أي لا يحتمل اعتبار الغسل للعشائين في صحة الصوم لليوم الاتي وعدم اعتبار الغسل لصلاة الظهرين في اثناء الصوم, ومن هنا يكون الغسل لصلاة الظهرين اشبه بالقدر المتيقن لهذه الرواية ؛ وهذا لا يمنع من شمولها لغسل العشائين لليلة السابقة مع ان قول السائل (لكل صلاتين) يشمل الغسل لصلاة العشائين لأنه مما تعمله المستحاضة .
واما غسل صلاة الصبح فأنه غير مشمول للرواية بحسب ظاهرها, فأنها تعبر (بالغسل لكل صلاتين ) وهذا التعبير لا يشمل صلاة الصبح فهو غسل لصلاة واحدة فقط , ومن هنا يصعب جعل حاق التعبير شاملا لصلاة الصبح , لكن ذكر جماعة من الفقهاء بأن هذا لا يمنع من شمول الرواية له وذلك بأعتبار انهم فهموا من الرواية ان السائل في مقام بيان ترك المستحاضة للوظيفة المقررة عليها , بما فيها الغسل لصلاة الصبح وان كانت العبارة لا تشمله, ويؤيد ذلك هو ان السائل سأل عن حكم صلاتها وصيامها بعد انتهاء الشهر, أي انه افترض انها تركت الاغسال في تمام الشهر , ومن البعيد جدا ان يكون المراد انها تركت غسل الظهرين والعشائين فقط .
فأن الذي يريده السائل هو ترك الوظيفة, غاية الامر انه عبر عنها بأنها تركت الغسل لكل صلاتين وهذا التعبير ( الغسل لكل صلاتين) يعبر به عن الوظيفة اللازمة للمستحاضة كما في بعض الروايات مع ان الوظيفة اللازمة لها هي الغسل لصلاة الصبح والغسل لصلاة الظهرين والغسل لصلاة العشائين , وما ذكروه ليس بعيدا , واذا تم تكون الرواية شاملة لغسل صلاة الصبح , وفي المستمسك يقطع بشمول الرواية لصلاة الصبح .
يبقى الكلام في الغسل لصلاة العشائين لليلة القادمة , فهل هو شرط في صحة الصوم لليوم السابق ؟ مع أن اليوم الشرعي ينتهي بالغروب ؟ قالوا بأن شمول الرواية له بعيد لأن هذا مبني على الشرط المتأخر وهو وان كان ممكنا امكانا عقليا لكنه غير عرفي , وحيث انه ليس عرفيا لا تحمل عليه الروايات , فلا يحمل عليه قول السائل في الرواية المتقدمة (لكل صلاتين) ؛ فأن الغسل للعشائين في الليلة القادمة حاله حال الغسل للأيام القادمة _ على فرض استمرار الاستحاضة_ فكما لا نحتمل ان الرواية تشمل الغسل للأيام القادمة وانه شرط في صحة صوم هذا اليوم كذلك لا نحتمله في الليلة القادمة.
وبالرغم من ذلك فقد نسب الاختصاص بالأغسال النهارية الى المتأخرين كما في المدارك , وقوى هذا الاختصاص صاحب الجواهر واصر عليه, واختاره السيد الماتن , ولعل الوجه في هذا التخصيص اقتران صوم المستحاضة المسؤول عنه بصلاة المستحاضة المسؤول عنها , حيث ان السائل سأل عن صلاة المستحاضة وصومها , وهذا الاقتران قد يوهم قياس صومها على صلاتها, فيقال كما ان المعتبر في صحة صلاة المستحاضة النهارية هو الاغسال النهارية وليس الاغسال الليلية فكذلك الصوم ؛ لكن هذا الوجه ليس واضحا لأنه من المحتمل ان السائل يريد القول بأن هذه المستحاضة لم تأتي بما يجب عليها من الاغسال بالنسبة الى الصلاة ولم تأتي بما يجب عليها من الاغسال بالنسبة الى الصوم , فكون صحة صلاتها النهارية مشروطة بالأغسال النهارية فقط لا يعني ان تكون صحة صومها مشروطة بنفس الاغسال ايضا .
ومن هنا يبدو _والله العالم _ ان الرواية لا بأس بشمولها للأغسال الثلاثة المتقدمة ( الغسل لصلاة الصبح والغسل لصلاة الظهرين والغسل لصلاة العشائين لليلة السابقة ) , وهذا الكلام مبني على ثبوت الرواية والعمل بها.
ثم هناك بحث في الرواية وهو هل ان المستفاد من الرواية ان القضاء في صورة ترك جميع الاغسال فإذا جاءت ببعضها دون البعض لا قضاء عليها ؟ او ان المستفاد منها هو ان القضاء يجب عليها اذا لم تعمل بوظيفتها وهو يصدق حتى لو تركت بعض الاغسال ؟
والظاهر هو الثاني .
ثم ان السيد الماتن يعمم هذا الحكم للاستحاضة المتوسطة , وقد نوقش على هذا الرأي فأن الرواية مختصة بالمستحاضة الكثيرة فالسيد الحكيم في المستمسك والسيد الخوئي ذكرا ما حاصلة انه لا وجه لهذا التعميم بأعتبار ان الرواية ورد فيها (لكل صلاتين ) وهو من مختصات الاستحاضة الكثيرة لأن الاستحاضة المتوسطة لا يجب عليها الغسل لكل صلاتين وانما يجب عليها الغسل مرة واحدة ؛ ومن هنا خص جماعة من الفقهاء هذا الحكم بالاستحاضة الكثيرة, وفي المقابل ذهب جماعة الى اخرون الى التعميم للمتوسطة كما نسب الى جامع المقاصد بل صاحب الجواهر ذكر بأن التقييد بالكثيرة في كلمات جماعة شاذ او ان المراد من الكثيرة هو ما يقابل القليلة فيشمل المتوسطة , وقد قلنا ان ظاهر الرواية هو اختصاصها بالكثيرة ولا تشمل المتوسطة ولكن يمكن ان يقال بناء على الفهم السابق الذي ذكروه للرواية من انها في مقام السؤال عن حكم المستحاضة اذا لم تقم بوظيفتها المقررة للغسل للصلاة وعلى هذا الاساس التزموا بتعميم الغسل لصلاة الصبح مع ان حاق العبارة لا يشمل _ كما قلنا_ الغسل لصلاة الصبح لأنه غسل لصلاة واحدة وليس لصلاتين , وهذا التعميم مبني على فكرة ان السائل يسأل عن مستحاضة لم تعمل بوظيفتها ؛ وعلى هذا الفهم يمكن تعميم الحكم للمتوسطة لأنها مستحاضة لم تعمل بوظيفتها غاية الامر ان الوظيفة التي لم تعملها هي الغسل مرة واحدة لا الغسل لصلاتين ؛ لكن الذي يوقفنا عن هذا الفهم هو ان السائل فرض ان هذه المستحاضة تركت الغسل لكل صلاتين وهو لا يشمل المتوسطة .

قال الماتن
(و أمّا لو استحاضت بعد الإتيان بصلاة الفجر أو بعد الإتيان بالظهرين فتركت الغسل إلى الغروب، لم يبطل صومها.)[1]
لأنه لا يجب عليها الغسل للصلاة والشرط في صحة الصوم هو الغسل الواجب للصلاة .
(و لا يشترط فيها الإتيان بأغسال الليلة المستقبلة و إن كان أحوط.)
وقد اشرنا الى ان الغسل للعشائين في الليلة القادمة ليس شرطا في صحة الصوم لليوم السابق .
(و كذا لا يعتبر فيها الإتيان بغسل الماضية، بمعنى: أنّها لو تركت الغسل الذي للعشائين لم يبطل صومها لأجل ذلك.)
على رأيه لأنه يخص الحكم بالاغسال النهارية .
(نعم، يجب عليها الغسل حينئذٍ لصلاة الفجر، فلو تركته بطل صومها من هذه الجهة.)
لأن الاغسال النهارية شرط في صحة الصوم .
(و كذا لا يعتبر فيها ما عدا الغسل من الأعمال، و إن كان الأحوط ( استحبابا) اعتبار جميع ما يجب عليها من الأغسال و الوضوءات و تغيير الخِرقة و القُطنة.
و لا يجب تقديم غسل المتوسّطة و الكثيرة على الفجر و إن كان هو الأحوط.)
والوجه في كونه غير واجب هو ان الذي يستفاد من الروايه ان المعتبر في صحة الصوم هو الغسل الذي للصلاة ومن الواضح ان الغسل المعتبر في صلاة الفجر ليس هو الغسل الذي يكون قبل الفجر بل يصح الاتيان به بعد الفجر ايضا.