39/01/30


تحمیل

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/01/30

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ امور استشكلوا في خمسها/ خمس ارباح المكاسب/ كتاب الخمس

على ان كلّ ما تقدّم من الشبهة لا يكشف عن عدم التشريع مع ثبوت التشريع من القرآن غي آية الخمس الشاملة لكل غنيمة حربية أو غير حربية كغنيمة وحيازة المعدن والغوص والكنز وكذا الأخبار الكاشفة عن السنة بل ان النبي (صلى الله عليه وآله) أمر بكتبه المرسلة الى بعض المسلمين الذين لم يتمكّنوا ان يوصلوا اليه لوجود الكّفار في الطريق, أمرهم بالخمس, وهذا الأمر اذا لم تكن حرب لعدم تمكّنهم من الوصول اليه الاّ في الاشهر الحرام يعني ان الخمس في غير الغنيمة الحربية.

نعم بعد ان ضعف جوّ المعاداة لأهل البيت في آخر زمن الامام الصادق عليه السلام ومن بعده تمكّن الائمة سلام الله عليهم عن الكشف عن تشريع الخمس الذي كان غائباً في جوّ المعاداة لأهل البيت عليهم السلام وجعلوا الجباة والوكلاء الذين يستلمون هذا الحق ويرسلون لهم.

اذن الاشكال غير وارد لانه ينظر الى ان اهل البيت عليهم السلام الذين شرّع الخمس لهم كأنهم يعيشون حالة اعتيادية أو حالة صداقة مع السلطة بعد زمن النبي (صلى الله عليه وآله) ولم يوجد أثر لهذا الخمس (خمس ارباح المكاسب) مع ان حالة أهل البيت عليهم السلام هي حالة استثنائية قد عادتهم السلطة عداوةً شديدة.

اما في جو ّالعداء المشحون فترفع فيه كل المزايا المعنوية والمادية عن المعادن من قبل السلطة.

فلذا نقول: ان ما كان موجوداً من الروايات الدالّة على وجوب الخمس في ارباح المكاسب والادلّة الدالّة على جباية المستحقّهِ وهو الامام وقبيله كان موجوداً الاّ ان السلطة المعادية عملت على رفعه من الآثار الروائية ولم ينقل حتى في الصدور وقد مرّت على هذه الحالة العدائية فترة طويلة أدّت الى إثارة هذه الشبهة التي تقول على نحو القطع بعدم وجود تشريع للخمس في ارباح المكاسب الى زمن الامام والصادق عليهما السلام وجاء ذكر من قبل الائمة المتأخرين عليهم السلام.

«امور اشكال البعض على الخمس فيها وهي من الفوائد»:

1ـ ما ذكره السيد المرتضى في الناصريات: انه لا خمس في العسل قال: «المسألة الحادية والعشرون والمائة: لا عشر

عندنا في العسل ولا خمس... دليلنا بعد الاجماع المتقدّم ذكره.. ان الأصل لا حقّ في اموال الناس, فمن اثبت حقّاً في العسل امّا خمساً أو غيره فعليه الدليل والا دليل»[1] .

وقد ذكر صاحب الجواهر عن الشيخ الطوسي في المبسوط من عدم الخمس في المنّ والعسل من الجبال, للأصل محجوج بجميع ما عرضت»[2] .

اقول: يرد على ما ذكره السيد المرتضى في الناصريات وادّعى عليه الاجماع:

اولاً: الاصل الذي استدل به السيد المرتضى من انه لا حقّ في اموال الناس, لا موضوع له مع وجود الأدلّة المطلقة الدالّة على وجوب الخمس في كل فائدة وربح كما تقدّم.

كما يرد على ما ذكره صاحب الجواهر قدس سره عن الطوسي رحمه الله: ان الموجود في المبسوط هو التصريح بوجوب الخمس في العسل اذ قال: «والعسل الذي يؤخذ من الجبال وكذلك المنّ فيه الخمس»[3] .

2ـ صرّح صاحب الوسائل وتبعه صاحب الحدائق فقال بعدم الخمس في أجرة الحجّ قال صاحب الوسائل: (باب انه لا يجب الخمس فيما يأخذ الأجير من أجرة الحج...)[4] .

وقال صاحب الحدائق: (ومثله «اي مثل الصداق في عدم وجوب الخمس فيه» ما لو دفع اليه يحجّ)[5] .

والمستند هو صحيح علي بن مهزيار قال: كتبت اليه: يا سيدي رجل دفع اليه مال يحج به, هل عليه في ذلك المال حين يصير اليه الخمس, او على ما فضل في يده بعد الحجّ؟ فكتب عليه السلام: ليس عليه الخمس[6] .

اقول: هل الرواية صحيحة؟

والجواب: لقد ذكر صاحب الوسائل عن الكافي ان لهذه الرواية سندين:

الاول: صحيح والثاني فيه سهل بن زياد وهو ضعيف, فقال: ومحمد بن يعقوب عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين وعن علي بن محمد ابن عبدالله عن سهل بن زياد جميعاً عن علي بن مهزيار وظاهر هذا الكلام ان الرواية لها سندان الاول صحيح والثاني فيه سهل بن زياد وهو ضعيف.

ولكن الموجود في الكافي في اخر كتاب الحجة باب الفيء والانفال وتفسير الخمس[7] هكذا محمد بن الحسين وعلي بن محمد عن سهل بن زياد عن ابن مهزيار[8] .

اذن سيكون سهل موجوداً في الطريقين فتكون الروايتان ضعيفتين بسهل الموجود فيهما.

ثم انه توجد مناقشة في الدلالة وهي انه لم يفرض انّ المال المدفوع اليه كان بعنوان الأُجرة, وحينئذٍ من الجائز أن يكون قد بُذل للصرف في الحج كما هو متعارف ومذكور في الروايات من غير تمليك ولا عقد اجارة, ومن الواضح انه لا خمس فيه على القابض, لأنّ الخمس فيما يملكه الانسان.

ثالثاً: لو قيل: بأن الرواية مطلقة تقول بعدم الخمس في مال الحج سواء كان بذلاً أو إجارة, فنأخذ بإطلاقها منها.

والجواب: انّ هذه الرواية معرَض عنها عند الاصحاب ولا حجيّة في مثل هذه الرواية المعرَض عنها أو نقول: تخصّص بوجوب الخمس عليه اذا كان مال الحجّ اجارة دون ما كان بذلاً فلا خمس عليه.

 


[1] المسائل الناصريات، للسيد المرتضى:22 طبع مركز الامير لأحياء التراث الاسلامي.
[2] جواهر الكلام، للشيخ محمد حسن النجفي 16: 364-365 طبع مؤسسة النشر الاسلامي.
[3] جواهر الكلام، للشيخ محمد حسن النجفي 16: 364-365 طبع مؤسسة النشر الاسلامي.
[4] وسائل الشيعة، للحر العاملي ج9 ص507 باب11 مما يجب في الخمس.
[5] الحدائق الناضرة، للشيخ يوسف البحراني 12: 324 طبع دار الاضواء تحقيق محمد تقي الايرواني رحمه الله.
[6] وسائل الشيعة، للحر العاملي ج9 ص507 باب11 مما يجب فيه الخمس ح1.
[7] أصول الكافي، للكليني 1: 547 أخر كتاب الحجة باب الفيء والانفال وتفسير الخمس ح22طبع دار الكتب السلامية.
[8] وسائل الشيعة، للحر العاملي ج9 ص507 باب11 مما يجب فيه الخمس ح1.