39/01/27


تحمیل

الأستاذ الشيخ حسن الجواهري

بحث الفقه

39/01/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع/ خلاصة جواب الشبهة/ خمس ارباح المكاسب/ كتاب الخمس

والخلاصة: ان الاشكال يقول لماذا لم تأتِ روايات بعدم إرسال جباة خمس ارباح المكاسب وعدم التصريح بوجوب ذلك؟

وهذا الإشكال حتى لو لم نعرف جوابه فلا ينتفي الدليل الدال على وجوب الخمس في ارباح المكاسب المتقدّم من اجماع «سيرة متشرعية» وروايات كثيرة صريحة في ذلك.

فلو كان هناك بيت متنازع عليه انه وهب لزيد او لعمر من قبل مالكه خالد, فجاءت بيّنة شرعية تقول ان خالداً قد وهب لزيد ولكن اشكلوا على البينة فقالوا لماذا لم يصرّح المالك بهذه الهبة لأخيه أو لأولاده أو زوجته أو أبيه أو عشيرته أو اهل مدينته؟

اقول: هذا الاشكال أفادت البيّنة جوابه أو لم يُعرف فتبقى البيّنة حجّة ويحكم الحاكم الشرعي على وفقها.

والجواب على الاشكال: يحتاج الى توضيح فنقول:

1ـ لا يوجد ايضاً نصّ صريح على عدم حصول ارسال جباة من قبل النبي (صلى الله عليه وآله) والامام علي والحسن والحسين والسجّاد عليهم السلام, فكما لا يوجد نصّ على الجباية كذلك لا يوجد نصّ على عدمها.

اذن يحتمل وجود جباية ونصّ على الوجوب من الامام علي عليه السلام ومَن بعده الى زمن الامامين الباقرين عليهما السلام ولم يصل الينا.

ويحتمل عدم وجود جباية وعدم وجود نصّ على الوجوب, فالاحتمالان واردان.

ومن قال ان الاصل هو العدم فهو محجوج بأنّ عدم الوجدان لا يدلّ على عدم الوجود.

2ـ نحن نرجّح وجود النصّ ووجود الجباة من النبي (صلى الله عليه وآله) الاّ ان الحوادث التي حدثت بعد زمن النبي (صلى الله عليه وآله) حاصرت اهل البيت عليهم السلام محاصرة تامّة فألغت من صدور الرجال ومن المكتوبات كلَّ ما يتصل بنفع أهل البيت عليهم السلام ومنها الخمس الذي هو لذوي القربى بني هاشم.

ولكن لا ترجيح للنصّ على عدم وجود جباة او النصّ على عدم وجوب الخمس في ارباح المكاسب.

3ـ نرجّح عدم تمكّن الامام علي عليه السلام ومَن بعده من الائمة عليهم السلام عند تمكّن بعضهم من السلطة ان يعملوا بتوجيه الجباة للخمس بعد ان عاشت الأمة خمسا وعشرين سنة على سنّة الخلفاء, فلم يتمكّن حتى من الردع عن صلاة التراويح لأنها سنة عمر, فلا الامام يتمكّن ولا ينصاع المسلمون الذين من ارسال الجباة لمعارضتها لسيرة الخلفاء ولا ينصاع المسلمون الذين تربّوا على عدم وجوب الخمس الاّ في الغنيمة وحينئذٍ حرموا ذوي القربى

والهاشميين منه.

نقول: ان الروايات في زمن الباقر عليه السلام والصادق عليه السلام التي ذكرت وجوب الخمس وعيّنوا الوكلاء الجباية لهم صرّحوا بأن ما يقولونه هو رواية عن أبائهم عن رسول الله (صلى الله عليه وآله), ولم يكونوا اصحاب رأي او قياس, فهم حفظة للسنة وهذه الروايات متواترة ذكرناها في بحث دور الائمة عليهم السلام في حفظ السنة النبوية

في اول الجزء الاول من كتابنا بحوث في الفقه المعاصر[1] وعلى هذا سيكون النصّ موجوداً في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) ومَن بعده من الائمة عليهم السلام قبل الصادقين عليهما السلام, وهذا كلام من الأئمة عليهم السلام فلا وجود للإشكال اصلاً, اذ يتبين ان السياسة والمحاصرة لأهل البيت عملت عملها لعدم ذكره في الموسوعات الحديثة التي صدرت في ذلك الزمان.

ولعلّ هذا الجواب الرابع هو الذي ذكره السيد الخوئي قدس سره من تدريجيّة تطبيق الاحكام الشرعية[2] , أو قل انه مشرِّع ومبلغ الاّ ان هناك أولويات اقتضت ان لا يطالب به الامام عليه السلام في ذلك الوقت امّا لان المطالبة به تحاسب عليه السلطة المحاصرة للأئمة عليهم السلام واتباعهم, أو لأنّ المسلمين يحجمون عن دفع الخمس من ارباح المكاسب حتى مع المطالبة اذا كانت السلطة تنفي الوجوب فيه, بحيث اذا وصل سرّاً الى الامام يحسب عملية سرّية لتقوية الجناح الخاص المعارض(الذي تعارضه الدولة) من اجل الاطاحة بنظام الحكم في ذلك الزمان.

كل هذه الامور وخصوصاً الرابع يجعلنا نجزم بأن الخمس في ارباح المكاسب كان مشرّعاً في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) ومَن بعده من الأئمة قبل الصادقين عليهم السلام ولكن الخوف من السلطة ومحاصرتها للإمام وقبيله والمنع من كتابة الاحاديث التي تنفع اهل البيت عليهم السلام.

كلّ هذا اوجب احجام الأئمة عليهم السلام من المطالبة به وارسال الجباة لجمعه لهم مع انه مشرَّع من قبل النبي (صلى الله عليه وآله) , فلاحظ.

ملحوظة: ان هناك وقائع وصلت الينا اخبارها رغم مخالفة القول لأهل البيت عليهم السلام ومعارضتهم لهم.

منها:

1ـ الخلاّفة والنصّ عليهم مثل واقعة الغدير وحديث الثقلين.

2ـ أخذ فدك.

3ـ اخذ سهم ذوي القربى.

4ـ ظلم اهل البيت عليهم السلام الذي تمثّل في واقعة كربلاء وامثالها.

وهذا انما وصلت الينا لانّ النبي (صلى الله عليه وآله) اهتم بإيصالها كحادثة الغدير التي حصلت أمام مائة الف حاج وحديث الثقلين الذي حصل امام جمع غفير وهناك نصّ قرآني في سهم ذوي القربى وركّز الائمة على قضية الامام الحسين عليه السلام والبكاء عليه, ومع هذا يقال الآن: ان يزيد اكرم اهل البيت وارجعهم الى المدينة معزّزين فلو لا تأكيد الائمة على العزاء والبكاء وانشاد الشعر فيهم وجلوسهم في مأتم سيد الشهداء لمحيت هذه الواقعة من الوجود ولقالوا ان الامامية ل اختلقوها.

وهذه الامور تختلف عن حكم الخمس الذي يدل عليه خبر واحد ونقول لماذا لم توجد الاخبار الاّن في زمن الصادقين عليهم السلام ولم توجد اخبار مثلها, فهذا الحكم غير ما تقدّم مما اشتهر للتأكيد عليه.


[1] بحوث في الفقه المعاصر، للشيخ حسن الجواهري1: 11-38 طبع مجمع الذخائر الاسلامية.
[2] المستند في شرح العروة الوثقى، للسيد الخوئي25: 202.