39/01/18


تحمیل

الأستاذ الشيخ باقر الايرواني

بحث الفقه

39/01/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- مسألة ( 39 ) حكم جوائز الظالم – المكاسب المحرّمة.

الدليل الرابع:- التمسّك بالروايات وهو(قده) ذكر جملة من الروايات ونحن سوف نذكر ثلاث أو أربع روايات:-

الرواية الأولى:- موثقة سماعة:- قال السيد اليزدي(قده) ما نصّه ( منها موثقة سماعة إن كان خلط الحلال بالحرام فاختلطا جميعاً فلا يعرف الحلال من الحرم فلا بأس ) ، وهذا المقطع لو أخذناه وحده بهذا الشكل يوحي بما ذكره السيد اليزدي(قده) ، ولكن غاية الأمر قد يفهم منها شخص الاختلاط العفوي لا الاختلاط المقصود ولكن هذه قضية ثانية ولكن بالتالي هذه العبارة توحي بما ذكره>

ولكن تعال لنقرأ الرواية بكاملها ونصها:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أصاب عملاً من مال بني أمية وهو يتصدّق منه ويصل منه قرابته ويحج ليغفر له ما اكتسب ويقول إنَّ الحسنات يذهبن السيئات ، فقال أبو عبد الله عليه السلام:- إنَّ الخطيئة لا تكفّر الخطيئة ولكن [ وإن ] الحسنة تحطّ الخطيئة ، ثم قال:- إن كان خلط الحرام خلالاً فاختلطا جميعاً فلا يعرف الحرام من الحلال فلا بأس )[1] ، إنَّ الامام عليه السلام في مقام الجواب قال:- ( إنَّ الخطيئة لا تكفّر الخطيئة ولكن الحسنة تحطّ الخطيئة ) وهذا واضح ، ثم قال ( إنَّ كان خلط المال الحلال حراماً ..... ) ، إنَّ هذه العبارة حينما نأخذها بانفرادها فمناها واضح فإنه إذا اختلط المال الحرام بالحلال فهو حلال ولكن ما مناسبة ذكر الامام عليه السلام لها في ذيل الجواب عن تلك الشبهة لأنه كانت توجد شبهة في ذهن ذلك الانسان والامام قال إنَّ الحسنة تحط السيئة أما السيئة فلا تحطّ السيئة وهذا كلّه يوجد فيه ارتباط ولكن هذه الفقرة التي ذكرها الامام عليه السلام ما وجه ارتباطها بما سبق فإنَّ مضمونها الاجمالي كما قلنا واضح ، فالخفاء ليس في المضمون وإنما الخفاء في الارتباط ؟ إنه لا ارتباط بين تلك الشبهة وبين هذا الذي ذكره الامام ، ومن هنا يمكن أن نفسّر كلمة ( خلط ) ليس بالاختلاط الذي هو مرتكز في أذهاننا يعني أنَّ هذا المال الحلال اختلط بالمال الحرام أو الحرام بالحلال كلا ليس بهذا الشكل وإلا قلنا لو كان هذا هو المقصود لم يكن هناك ارتباط بين ما ذكره الامام وبين دفع الشبهة بل يحتمل قوياً أنَّ المقصود من الاختلاط الاشتباه البدوي يعني أنَّ الامام يريد أن يقول أنت إذا ارتكبت سيئة لا يمكن أن تكفّرها بسيئة مثلاً عندك أموال حرام وأن تريد أن تعطيها للفقراء حتى تكفّر عن السيئات بالمال الحرام فهذا لا يمكن ثم يقول الامام عليه السلام نعم إنَّ الذي تريد أن تدفعه لم يكن حرام جزماً وإنما فيه شبهة حرام كأن أعطاني شخص مالاً وأنا أعلم أنه ليس ملتزماً بتلك الدرجة ، فأنا لا أعلم أنَّ هذا المال حرام بل احتمل أنه حرام بنحو الشبهة البدوية فحصل اختلاط بمعنى أنه حصل اشتباه بأنه حرام أو حلال فها تدفعه للفقراء كتكفير عن السيئات لا بأس به لأنَّ الشبهة بدوية فيحكم بأنه حلال مادمت لا تعرف أنه حلال فإنَّ لم نجزم بكون هذا ه المقصود فلا أقل أنه احتمال قوي وهو أنَّ المقصود من الاختلاط هذا المعنى ، وبناءً عليه تكون الرواية أجنبية عن مقصود السيد اليزدي(قده) فإنَّ محل كلامه في العلم الاجمالي فهو يريد أن يقول إنَّ العلم الاجمالي بوجود الحرام لا يكون منجّزاً إلا أن تعرف الحرام بعينه وإن كان عندك علم اجمالي ، فهذه الرواية لا تصبّ فيما أراده ، فلا أقل نقول هي جملة ، فإن لم نقل بأنها ظاهرة في كون المقصود من الاختلاط هو الاشتباه البدوي فلا أقل هي مجملة ، والنكتة التي استندنا إليها وهي أنه لا ربط بين هذه الفقرة وبين الشبهة التي أراد الامام عليه السلام أن يجيب عليها ولا ربط إلا بالنحو الذي أشرا إليه ، ولا يخفى أنها نكتة جميلة.

الرواية الثانية:- ونصّ عبارته:- ( ومنها صحيحة الحذّاء:- لا بأس به حتى يعرف الحرام بعينه ) ، وهنا أيضاً هو(قده) اقتطع الرواية وأخذ المقطع الذي ينفعه وهو بصراحة يدل على ما أراد ، بيد أنه لو قرأنا الرواية كاملة ربما يظهر منا شيء آخر فلنقرأ الرواية كاملة ونصها:- ( عن أبي عبيد الحذّاء عن أبي جعفر عليه السلام:- سألته عن الرجل منا يشتري من السلطان من إبل الصدقة وغنم الصدقة وهو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر من الحق ذلي يجب عليهم ، قال:- فقال:- ما الابل إلا مثل الحنطة والشعير وغير ذلك لا بأس به حتى يعرف الحرام بعينه )[2] وموضع الشاهد هو قوله ( لا بأس به حتى يعرف الحرام بعينه ) فهذه الجملة لو أخذناها وحدها تدل على ما أراد السيد اليزدي(قده) ولكن لو ضممنا إليها ما ورد في صدر الرواية فإن السائل يسأل ويقول ( سألته عن الرجل منا يشتري من السلطان وهو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر ) فهو يعلم أنهم يأخذون منهم أكثر فإنَّ عنده علم بأنهم يأخذون أكثر والامام عليه السلام قال له اشتر منهم ، ولماذا ؟ صحيح أنهم يأخذون أكثر ولكن من قال إنه في هذه الإبل التي يريد شراؤها أنه قد أخذ فيها أكثر ، نعم في الجملة هم يأخذون أكثر أما أنه هنا قد أخذوا أكثر فأنت لا تعلم بذلك فيجوز لك الشراء حتى تعلم الحرام بعينه يعني حتماً أنَّ هذا من الذي أخذ أكثر ، وهذا من قبيل الشرطي وصاحب الجمارك فلو أعطاني في أحد الأيام مسبحة فهل استطيع أخذها أو لا مع علمي بأنه يأخذ الأموال من الناس ؟ إنه بالعنوان الأولي يجوز أخذها لأنك لا تعلم أنها حرام بعينه فينطبق عليه كل شيء لك حلال حتى تعلم بأنه حرام بعينه ، بل نقول أكثر وهو أني حتى لو علمت أنه يأخذ حراماً ويوجد عندي علم اجمالي ولكن بقية الأطراف خارجة عن محل الابتلاء فإذن الأخذ جائز ، فإذن هذه الرواية لا يمكن التمسك بها لإثبات ما أراد(قده).

الرواية الثالثة:- ما رواه محمد بن ابي حمزة عن رجل قال:- ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- اشتري الطعام فيجيء من يتظلم ويقول ظلمني ، فقال عليه السلام:- اشتره )[3] ، وهذه الرواية ضعيفة السند بالارسال وغيره ، وأما دلالتها فإنَّ السائل يسأل أشتري الطعام من العامل وبعدما اشتريه من العامل يأتي شخص ويقول إنَّ هذا العامل ظلمني وأخذ منّي أكثر والامام عليه السلام قال له اشتر.

والجواب:- إنَّ هذه مجرّد دعوى فإنه من قال إنَّ العامل ظلم هذا الشخص فإنَّ هذه مجرد دعوى فيجوز الشراء ، فإذن هذه الرواية لا تنفع.

الرواية الرابعة:- وهي صحيحة الحلبي:- ( إني ورثت مالاً وقد علمت أنَّ صاحبه الذي ورثت منه قد كان يربي وقد عرف أن فيه ربا واستيقن ذلك وليس يطيب إليَّ حلاله لحال علمي فيه ، فقال أبو جعفر عليه السلام:- إن كنت تعلم بأن فيه ربا وتعرف أهله فخذ رأس مالك وردَّ ما سوى ذلك وإن كان مختلطاً فكله هنيئاً فإن المال مالك )[4] .

هذا ما ذكره السيد اليزدي ، وهذا المقدار واضح فيما أفاده(قده) ، فكيف الجواب ؟