38/05/09


تحمیل

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الفقه

38/05/09

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:- زكاة الفطرة.

ذكرنا ان السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) ناقش في دلالة رواية معاوية ابن عمار وانه لا يمكن التعدي عن موردها الى سائر الموارد فان مورد هذه الرواية المولود يولد ليلة الفطر والكافر يسلم ليلة الفطر ، فقد ذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) ان الكافر بمنزلة الميت ، اذن مضمون هذه الرواية ان من ولد في لية الفطر حقيقة او حكما فلا فطرة عليه ولا يمكن التعدي عن ذلك الى سائر الشروط.

واما التعليل الوارد في ذيلها فقد حمله على نفس مورد الرواية أي ليس الفطرة الا على من ادرك الشهر حياً حقيقة او حكما وتقدم الاشكال في كلا الامرين.

وذكر وجها ثالثا وهو ان مضمون هذه الرواية لا ينطبق على ما هو المشهور بين الاصحاب فان مضمون هذه الرواية انه لا فطرة الا على من ادرك الشهر واما من لم يدرك الشهر فلا فطرة عليه ، اذن هذه الرواية تدل على ذلك فاذا لم يدرك الشهر جامعا للشرائط فلا فطرة عليه اي ان المولود اذا لم يولد في الشهر فلا فطرة عليه وكذا الكافر اذا لم يسلم في الشهر ، اذن مضمون الرواية ان من ادرك الشهر فعليه فطرة ومن لم يدرك فلا فطرة عليه. وهذا مخالف للمشهور فان المشهور يرون اعتبار وجدان المكلف للشروط مقارنا للغروب ولا يعتبرون ادراك الشهر فاذا كان المكلف واجدا للشروط مقارنا للغروب او في آن قبل الغروب وجب عليه الفطرة ولا يعتبر ان يكون ادراك الشهر فان هذا غير معتبر في وجوب الفطرة.

هذا الذي افاده السيد الاستاذ (قدس سره) على خلاف مبناه في الاصول فانه (قدس سره) قد بنى في الاصول ان عمل المشهور برواية ضعيفة ليس جابرا لضعفها كما ان اعراض المشهور عن رواية صحيحة لا يوجب ضعفها فعمل المشهور لا يكون جابرا ولا كاسرا فان عمل المشهور في نفسه لا يكون حجة فكيف يكون جابرا وكاسرا؟!! ، وفي المقام مضمون هذه الرواية اذا ثبت وان لم يعمل به المشهور فهو حجة سواء عمل المشهور بهذه الرواية او لم يعمل غاية الامر ان المشهور لم يعمل بهذه الرواية ، فالرواية دلالتها اذا كانت تامة وسندها تاما سواء عمل المشهور بها او اعرض عنها فلا اثر لإعراضهم.

واما في المقام فظاهر كلامه ان مضمون هذه الرواية لا ينطبق على ما ذهب اليه المشهور بمعنى ان المشهور اعرضوا عن هذه الرواية فهذا ليس اشكالا على مسلكه (قدس سره) وان عمل المشهور ليس جابرا ولا كاسرا ولا اثر له فالرواية اذا كانت معتبرة سندا ودلالة فلا اثر لعمل المشهور على خلافها.

الرواية الثانية:- صحيحة معاوية بن عمار قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن مولود ولد ليلة الفطر ، عليه فطرة ؟ قال : لا ، قد خرج الشهر. وسألته عن يهودي أسلم ليلة الفطر ، عليه فطرة ؟ قال : لا)[1] .

ولكن هذه الرواية ليست مذيلة بالتعليل فان التعليل ورد في الرواية الاولى التي هي ضعيفة سندا ولكنه لم يرد في الرواية الثانية لمعاوية ابن عمار التي هي صحيحة ومعتبرة سندا ولكنها خالية عن التعليل الوارد في الرواية الاولى.

والمشهور لم يعمل بكلتا الروايتين لا بالرواية الاولى التي هي ضعيفة من ناحية السند ولكنها مذيلة بالتعليل ولا بالرواية الثانية التي هي صحيحة سندا ، ولكن عدم عمل المشهور لا اثر له ولا يوجب سقوطها عن الاعتبار وخروجها عن ادلة الحجية ومن هنا ذكر السيد الاستاذ (قدس الله نفسه) انه لابد من الاقتصار على مورد هاتين الروايتين وهو المولود والكافر ولا يمكن التعدي لسائر الشروط من البلوغ والعقل والقدرة وعدم الاغماء اذا قلنا انه شرط وعلى هذا فالمكلف اذا كان واجدا للشروط بعد الغروب اثناء الليل او بعد الفجر او قبل صلاة العيد او قبل الزوال وجب عليه الفطرة فان مضمون هاتين الروايتين ان المولود اذا ولد في الليل والكافر اذا اسلم في الليل فلا فطرة عليه ولكن الامر في سائر الشروط ليس كذاك فان المكلف اذا كان واجدا للشروط بان يكون بالغا وعاقلا وقادرا في اثناء الليل صار واجدا للشروط اثناء الليل او بعد الفجر او قبل صلاة العيد او قبل الزوال وجب عليه زكاة الفطرة لان وقت الوجوب موسع كوجوب الصلاة فان وقتها موسع من اول الزوال الى الغروب او من اول الفجر الى طلوع الشمس ففي أي وقت من هذه الاوقات اذا كان المكلف واجدا للشروط وجب عليه الصلاة في اثناء الوقت او في اخر الوقت بمقدار يتمكن من الاتيان بالصلاتين وجب عليه وزكاة الفطرة ايضا كذلك فان وقته موسع من اول الغروب الى قبل صلاة العيد او قبل الزوال ففي هذا الوقت في أي فترة من هذا الوقت اذا صار المكلف واجدا للشروط وجب عليه زكاة الفطرة.

ولكن هذا الذي افاده السيد الاستاذ (قدس سره) لا يخلوا عن اشكال فان الفقرة الاولى في هاتين الروايتين مختصة بمن تجب الزكاة عنه لا بمن وجبت عليه الزكاة فان الصبي لا تجب عليه الزكاة انما تجب الزكاة على وليه وعلى ابيه والا فالصبي والمولود لا تجب عليه الزكاة.

واما الفقرة الثانية فهي تدل على وجوب الزكاة عليه فان الكافر لا تجب الزكاة عليه باعتبار انه فاقد للشرط وهو الاسلام والا فهو بالغ وعاقل وقادر ولكنه فاقد لهذا الشرط فمن اجل ذلك لا تجب عليه زكاة الفطرة كمن كان مسلما ولكنه فاقد للبلوغ او فاقد للعقل فلا تجب عليه الزكاة لأنه غير واجد للشروط واما من تجب عنه الزكاة فلا يعتبر فيه هذه الشروط فان زكاته تجب على المعيل اما العائل سواء أكان صبيا ام بالغا حرا او عبدا مجنونا او غير مجنون وجب على المعيل زكاة هؤلاء ، هذه الشروط غير معتبرة في العائل انما هو معتبر في من تجب عليه الزكاة فلابد ان يكون واجدا للشروط بان يكون بالغا وعاقلا وقادرا وهكذا سائر الشروط ومسلما فاذا كان واجدا لهذه الشروط تجب عليه زكاة الفطرة وعلى هذا فيمكن التعدي عن مورد هذه الرواية الى سائر الشروط ايضا فان الكافر واجد لبعض الشروط وفاقد للبعض الاخر وهو الاسلام ولا فرق من هذه الناحية بين الكافر والمسلم اذا كان واجدا لبعض الشروط كالبلوغ وفاقدا للعقل كما ذا كان مجنونا فلا تجب عليه الزكاة.

اذن التعدي على طبق القاعدة لا انه على خلاف القاعد وعلى هذا فلابد من التفصيل بين من تجب عنه الزكاة وبين من تجب عليه الزكاة ، ونتكلم فيه ان شاء الله تعالى.